كتب حليم خاتون: من اللد وبقية فلسطين إلى رام الله
فلسطين
كتب حليم خاتون: من اللد وبقية فلسطين إلى رام الله
حليم خاتون
7 حزيران 2021 , 21:25 م
في فكاهة رواها أحد الملحدين، يقول إن الشيطان سوف يقف بين يدي الله يوم القيامة ليقول أنه أكثر مخلوقات الله تقية وإيمانا وأنه ضحى بنفسه وسمعته فقط من أجل الإله الواحد الأحد... يومها، سوف يقف الشيطا


في فكاهة رواها أحد الملحدين، يقول إن الشيطان سوف يقف بين يدي الله يوم القيامة ليقول أنه أكثر مخلوقات الله تقية وإيمانا وأنه ضحى بنفسه وسمعته فقط من أجل الإله الواحد الأحد...

يومها، سوف يقف الشيطان ويقول إن الضد بالضد يُعرف.

فلولا اللون الابيض لما عرف الناس اللون الاسود ولولا الشر لما ميّز الناس الخير وهكذا دواليك... فلكي يعرف الناس الله كان يجب إيجاد نقيضه... 

لقد سجد كل الملائكة ورفضوا أن يلعبوا دور النقيض لله بينما ضحى الشيطان بنفسه وتمرد وتحمل كل اللعنات فقط لكي يعرف الناس الله عبر رفضهم لهذا النقيض الشرير....

هذه الفكاهة السمجة والتي لا تعجب بالتأكيد المؤمنين، تتكرر اليوم في رام الله...

صدقوا أو لا تصدقوا لكن هناك من يخرج على الشاشات ليُرجع نصر غزة الأخير إلى أوسلو...

مرة أخرى وقبل يوم الحساب العظيم يخرج علينا من يريد اقتباس منطق الشيطان في الدفاع عن نفسه فيقول إنه لولا أوسلو لما كانت غزة...

لا تتعجبوا كثيرا، فاستنادا الى منطق هؤلاء، أوسلو الملعونة هي من تسبب بانسحاب الصهاينة من غزة...

أمر عجيب غريب كيف يلوي بعضهم الحقائق فلا يعترف أن الاحتلال كان في مأزق الانتفاضة العارمة التي لو تم قيادتها وفق أفق شمول كل فلسطين التاريخية في هبات جماهيرية لا تتنازل وتطالب بأبسط الحقوق الإنسانية لكان الشعب الفلسطيني حقق أكثر بكثير من غزة وأريحا وكل هذه التقسيمات بين مناطق مختلفة التعريف الإداري والفاقدة لأبسط وأخف انواع السيادة والذي جاءت به أوسلو....

امس على الميادين، استشهد أحدهم بالرئيس عرفات الذي كان يقول للمعترضين على أوسلو أنه إذا كان لديهم ملاحظة على هذا الاتفاق فهو لديه خمسمئة ملاحظة....

هذا على كل حال ليس غريب على الرئيس عرفات منذ تأسيس منظمة التحرير...

هو كان يرفض الرأي الآخر عبر الالتفاف على هذا الرأي دون اخذ اي رأي على الإطلاق...

مع الشعبية هو ماركسي... مع الإسلاميين هو إسلامي ... مع البعثيين والناصريين هو قومي عربي.... حتى مع اليهود هو أكثر يهودية من اليهود لأنه ابن المنطقة ولم يأت من أوروبا...

بالتأكيد لا يوجد شيء مطلق السلبية أو الإيجابية...

المسائل نسبية...
أكيد أن الصهاينة كانوا يحلمون أن يستيقظوا ذات يوم فيجدوا أن الشعب الفلسطيني اختفى بالمطلق...

لكن هذا لا يمكن أن يحدث. اضطروا لإعطاء هذا الشعب قشور من حق الحياة... وهذا هو كل ما أمنته لهم أوسلو...

أما إذا عدنا إلى الرئيس عباس ونظرياته بالنضال السلمي، فلم يعد من الضروري إرساله إلى غاندي أو مانديلا للتعلم...

هو عليه النظر إلى الشعب الفلسطيني في الشيخ جراح والى مظاهرات ال48...

كل هذه كانت نضالات سلمية..
هكذا يكون النضال السلمي وليس بالبكاء داخل مكتب او في مؤتمر صحفي...

في أكثر من مناسبة، ولا زالت الإمكانية قائمة، يستطيع محمود عباس الذهاب إلى الأمم المتحدة وإعلان اضراب عن الطعام حتى الموت لفرض ابسط ما يطالب به "المجتمع الدولي" نفسه مثل وقف الاستيطان ومنع هدم البيوت ورفع الحواجز التي تقطع أوصال الضفة والسماح بالتوسع العمراني السكاني للفلسطينيين... 

على الأقل، يجبر العالم على رؤية الحقائق التي تعمل حكومات الغرب على إخفائها عن شعوبها...

عندما يفعل محمود عباس هذا سوف يكون فعلا مناضلا مدنيا وليس مجرد صفر استسلامي آخر...

عندها وعندها فقط يستطيع أن يشكل علامة فارقة ويستطيع المساهمة في حرب التحرير التي لابد منها في النهاية من أجل إقامة وطن ديموقراطي على كامل جغرافيا فلسطين التاريخية بعد التخلص من كل مجرمي الحرب والايديولوجيات العنصرية واصحابها، وبعد تحقيق حق العودة لكل فلسطيني الى داخل بيته وأرضه والتعويض عليه سنوات اللجوء والحرمان من ابسط الحقوق الإنسانية التي لا يزال يعاني منها حتى اليوم....
 

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري