تسارعت أرقام الإصابات بسلالة "دلتا" في مختلف أنحاء العالم، وسجلت دول عربية أرقام إصابات متفاوتة. فما هي تفاصيل الأرقام؟ وهل تعيد النسخ المتحورة من فيروس كورونا ما كان عليه العالم من إغلاق قبل أشهر؟
تثير النسخة المتحورة من فيروس كورونا المعروفة باسم "دلتا" هلعا عالميا، ففي الوقت الذي شرعت فيه دول كثيرة عبر العالم في تخفيف الإجراءات الاحترازية، وسمحت بعودة كاملة أو جزئية لحرية التنقل عبر الحدود، قامت دول أخرى بإعادة القيود جزئيا بسبب انتشار الإصابات أو ظهور مخاوف حقيقية لعودة انتشار الفيروس، إذ يأتي انتشار هذه النسخة المتحورة في شهر الصيف الذي يكثر فيه السفر.
مخاوف عربية
أعلنت عدة دول عربية عن إجراءات جديدة لمواجهة المتغيّر، وصرّح مسؤول بارز بوزارة الصحة العراقية أن سلالة "دلتا دخلت البلد فعلياً" ، وأن المؤشرات أثبتت وجودها من "خلال زيادة عدد الإصابات بين فئة الشباب وارتفاع عدد الموجودين في ردهات العناية المركزة في المستشفيات، حيث زادت من 300 إلى 500 حالة إصابة من الشديدة والحرجة في عموم البلاد".
وأضاف أن "الإصابات كانت بحسب المسحات الطبية أقل من 10 % وأصبحت حاليا بحسب الموقف الوبائي أكثر من 12%، وهذه الزيادة تدل على دخول السلالة الهندية لكن لم يتم حتى الآن إثباتها مختبريا".
كما أعلنت وزارة الصحة التونسية هذا الأسبوع الكشف عن 18 إصابة بسلالة "دلتا"، منها سبع إصابات تم رصدها في ولاية القيروان أكثر المناطق تضررا بالوباء، حيث تشهد نسبة إصابات تفوق 400 لكل 100 ألف ساكن ما يجعلها في مستوى إنذار "مرتفع جدا".
وبعد استقرار في عدد الإصابات، سجلت تونس ارتفاعا ملحوظا في انتشار الفيروس، وكان الرقم الأكبر يوم 26 يونيو/حزيران عندما تم تسجيل أكثر من 4600 إصابة في يوم واحد. ويزداد القلق في تونس بسبب ضعف حملة التطعيم، إذ لم تتجاوز نسبة الملقحين 3.9 بالمئة من عدد السكان يوم 24 يونيو/حزيران، فضلا عن الانتقادات الموجهة للسلطات في الرعاية الصحية.
وفي الإمارات التي تسيّدت المنطقة العربية في عدد الملقحين، وتجاوزت دولا غربية كثيرة، (تجاوزت نسبة الملقحين 71 بالمئة)، أكدت السلطات الصحية أن سلالة دلتا منتشرة بالفعل في البلاد بنسبة 33.9 بالمئة، إلى جانب سلالة بيتا (33.9 بالمئة) وألفا (11.3 بالمئة). ويوجد استقرار في عدد الإصابات خلال الأيام الأخيرة، إذ تتراوح 1800 و2100 إصابة خلال الأيام الماضية.
في مستشفى ابن الخطيب بالعاصمة العراقية بغداد - أرشيف
وفي الأراضي الفلسطينية، طالبت وزارة الصحة بالتشديد في المراقبة للقادمين من دول الخليج، والتشديد على التزامهم بالحجر المنزلي لمدة أسبوعين، في وقت تراجعت فيه أعداد الإصابات محليا.
ويثير انتشار هذه السلالة في دول أوروبية مخاوف بين الدول العربية التي تستقبل سياحا أو جالياتها المقيمة في أوروبا، ومنها المغرب الذي تشير أخبار إلى أن اللجنة العلمية المكلفة بتتبع الفيروس تتابع الوضع عن قرب. وسبق للسلطات أن وضعت لائحتين تحيّنان بشكل دائم بخصوص الدول التي يمكن السفر منها دون الحاجة إلى حجر صحي، ومنها دول تنتشر فيها النسخ المتحورة.
انتشار سريع عبرالعالم
اكتشفت سلالة "دلتا" في الهند في شهر فبراير/شباط الماضي، وبسببها توقفت الهند عن تصدير نسختها المحلية من لقاح أسترازينيكا، وبسببها قفز عدد الإصابات في البلد إلى أكثر من 30 مليوناً، واقتربت الوفيات من 400 ألف حالة.
ويصل عدد الدول التي اكتشفت فيها السلالة المتحورة إلى أكثر من 90دولة وزاد خطر السلالة عندما تحورت وأضحى هناك متحور "دلتا بلس" الذي ظهر في الهند مؤخرا، وتشير تقارير إلى أن هذا المتحور ظهر في دول أخرى خلال الأيام الماضية.
وتعتبر إندونيسيا من الدول التي تسببت فيها "دلتا" بأوضاع صعبة باتت تقترب من حدّ "الكارثة". وسجلت إندونيسيا أكثر من 20 ألف إصابة مؤخرا. وصرّح جان جلفاند رئيس وفد الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في هذه الدولة قائلا: "تدفع السلالة دلتا إندونيسيا يوما بعد يوم للاقتراب من حافة كارثة كوفيد-19".
كما عادت الإصابات في البرتغال إلى الحال الذي كانت عليه في شهر فبراير/شباط. وارتفعت الإصابات في بريطانيا بشكل كبير رغم حملة التطعيم الناجحة. كما أعلنت روسيا عن حصيلة قياسية جديدة من الوفيات اليومية الناجمة عن فيروس كورونا في موسكو وسان بطرسبرغ. وبحسب الأرقام الرسمية، سجلت موسكو 124 وفاة، وسان بطرسبرغ 110 وفيات في الساعات الـ24 الماضية.
ورغم الهلع العالمي، إلّا أن الدول الأوروبية لا تزال تستبعد إعادة الإغلاق التام الذي شهدته خلال فصل الشتاء الماضي، وسط تأكيدات أن بعض اللقاحات المنتشرة في أوروبا قادرة على محاصرة هذه النسخ المتحورة، وسبق للسلطات الصحية في أكثر من بلد أن وعدت بالسيطرة على فيروس كورونا بشكل كامل خلال صيف هذا العام، لكن ذلك لا يظهر ممكنا مع ظهور السلالات الجديدة.