كتب الأستاذ حليم خاتون:
إنها اللغة الخشبية وفقا لميشال سليمان وفؤاد السنيورة وبقية عملاء اميركا الذين لا يحتاجون إلى فحص دم لتبيان مدى تبعيتهم لأعداء الأمة...
ألم يحدثنا سعد الحريري وسعود الفيصل عن موت العروبة الجامدة كالحجر، لصالح عروبة حديثة، آخر موديل، طازة من المخابرات المركزية نفسها... إنها عروبة محمد بن سلمان وأبناء زايد، وملك البحرين المعظم...الذي لتفاهته، لا ضير من نسيان اسمه واسم الذين خلفوه، لعنة الله على أولهم وآخرهم وكل ما بين البين...
إنه إصرار بعض ذوي الرؤوس الحامية على معاداة المجتمع الدولي...
ما لهم هؤلاء المغامرين؟
لماذا يرفض هؤلاء أن يعيش بسلام كل أبناء إبراهام...
عفوا، قصدت إبراهيم...
العبرة ليست فيما يجري في فلسطين...
فلسطين حالة شاذة ناتجة عن رفض الفلسطينيين العبودية أو الموت بصمت... أليس هذا ما يردده معظم شذاذ الآفاق الذين جاؤوا من أربعة أطراف الكرة الأرضية لبناء هيكل مزعوم، يكون أساساً لدولة مزعومة... ألا يرددون دوما ان العربي الجيد، هو العربي الميت...
لكن هذا كان في السابق قبل اكتشاف كمية من اولاد الزانية من عرب العروبة الحديثة...
انظروا فقط إلى حالة الوئام بين الإمارات والكيان...
في الظاهر، هي قصة حب أين منها قصص قيس وليلى أو روميو وجولييت...
في الحقيقة، هي أكثر مشاهد الشذوذ التي يمكن أن تخرج على صفحات الپلاي بوي... والتي تحتويها مخيلة السفهاء من قصص الف ليلة وليلة في الإروتيك...
حَزِن عشاق إيفانكا ترامب، وبعض أهل الخليج، كان عاشقاً لجاريد كوشنير نفسه...
حزنوا لفراق صاحب السوط، دونالد ترامب...
أنهم المثل الحي لعشق العبودية الممزوجة مع السادية الترامبية..
حزن نتنياهو الذي ظن أن رحيل ترامب ورحيله هو، سوف يقضي على صفقة القرن...
في الجانب الآخر، فرح أنصاف الرجال من دول التطبيع الأخرى، ومن السلطة الفلسطينية...
فرح رواد الشام الجديد!!!
سوف يأتي بايدن، ويعيد إليهم ورقة التين التي سلبها منهم دونالد ترامب...
سوف يأتي بايدن ويجلب معه "رجل سلام من الكيان"...
هم أنفسهم من هلل يوما لرابين، وحزن حين خسر شيمون بيريز الإنتخابات... ضد شارون...
من لا يذكر اساطير السلام الآتي أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات...
ألم يعِد رفيق الحريري اللبنانيين بالسلام الآتي، الناتج ليس عن تحرير فلسطين، ولكن عن بيعها في سوق النخاسة...
ألم يفعل الأمر نفسه حسني مبارك وسعود الفيصل وحتى أبو عمار الذي اعتقد انه أكثر ذكاء من روتشيلد وشارون وأباء الصهيونية...
اعتقد أبو عمار أن الصهاينة يريدون الخلاص...
لأنه هو تعب من النضال، اعتقد أن الصهاينة تعبوا أيضاً..
بدأ حلم الدويلة القزم الذي راود بعض السفهاء من بعض قادة بعض الفصائل في سبعينيات القرن الماضي؛ بدأ هذا الحلم يراوده هو أيضاً...
صدّق أبو عمار أن الصهاينة سوف يرضون بإعطائه جزءا ولو صغيرا جدا من فلسطين...
حمل خرائط الغاز في بحر غزة مسرورا... اخيرا سوف يكون رئيسا على قطاع غني.. بنى مطارا، وخطط لبناء مرفأ... إلى أن انتهى الأمر به سجينا في المقاطعة في رام الله، يلاحقه شارون من غرفة إلى أخرى كما يلاحق القط فأرا من جحر إلى جحر...
المصيبة ليست هنا، المصيبة أن هناك في محور المقاومة، من فرح لمجيء بايدن...
بعد حوالي القرن من الخوازيق الغربية والصهيونية... اعتقد بعضهم أن بايدن آت لقلب كل ما فعله ترامب...
لولا بعض الحياء لكانوا رحبوا برجل السلام الذي سوف يعيد إحياء الاتفاق النووي ويلغي كل العقوبات، وكل انواع الحصار...
كاد بعضهم يضع تصاميم استقبال القادم الجديد وسيارته تخترق شوارع العواصم التي عانت ولا زالت تعاني من إجرام اميركا واتباعها...
جميل جدا أن نردد، على طريقة شارون، أن صفقة القرن لا تساوي الحبر الذي كتبت به...
أو أن نقول إن صفقة القرن ولدت ميتة...
يا إخوان... يا عالم... يا هو...
أميركا ليست على نسق الأنظمة العربية...
أميركا لا تستسلم هكذا ببساطة...
أميركا براغماتية...
أميركا هي خير من عرف سياسة شعرة معاوية...
أميركا ترخي حين نشد ، وتشد حين نرخي...
ليس حبا بإسرائيل، ولا باليهود...
ولا كرها بنا...
إنها لغة المصالح...
نحن أمة ضاربة في التاريخ...
نحن قارة تتكلم لغة عربية فصيحة واحدة وتمتد من المحيط الى الخليج...
نحن وسط العالم وبأيدينا كل طرق المواصلات ناهيك عن الثروات الهائلة...
نحن المارد النائم الذي يجب الحرص أن يظل نائما...
إذا كان نابليون قد قال عن الصين أنها مارد يجب أن لا يستيقظ...
فقد أضاف مؤتمر كامبل العرب إلى الصينيين والهنود...
وفقا لمؤتمر الدول الاستعمارية الذي عقد قبل أكثر من مئة سنة،
نحن نشكل خطرا على الإمبريالية...
لذلك قال بايدن كلمته الشهيرة،
"لو لم توجد اسرائيل، لتوجب علينا إيجادها..."
أميركا براغماتية، ولأنها براغماتية، هي قابلة للهزيمة...
ولأن اميركا براغماتية، سوف تتخلى عن قاعدتها الاولى في المنطقة إذا جعلنا كلفة هذه القاعدة عالية فوق التصور...
إن أحدا لا يتكلم فقط عن الكلفة المادية، هذا تتكفل به مشيخات وممتلكات وإمارات أهل الذل....
لم يعد الكيان يستطيع الصمود وحده...
جاءت اميركا إلى سوريا، وتريد البقاء في العراق لمساعدة الكيان على البقاء ليلعب دور المانع لنهضة هذه الامة...
بقاؤه مكلف جدا إذا حولنا المنطقة إلى فيتنام جديدة له...
ازدهارنا غير مرتبط بما يسمى عودتنا إلى المجتمع الدولي...
نحن لا نحتاج إلى قروض أخرى وغرق آخر في أزمات لن تنتهي...
ازدهارنا هو في أن نهزم الأميركي ونخرجه من العراق وسوريا لو مهما علت التضحيات...
ضرب اميركا ليس بالصعوبة التي يتصورها الكثيرون... ضرب اميركا يكون بضرب مصالحها في كل مكان... وفي ضرب حلفائها في كل مكان أيضا...بما في ذلك مملكات وإمارات البلوكات الزجاجية...
في الثمانينيات قام بضعة رجال من رجال الله، بتدمير مقر المارينز ووكر الجواسيس الاميركيين، فهربت أميركا...
كذلك فعل الفرنسيون بعد تدمير مقر المظليين....
يومها، جاء الأطلسي لحماية احتلال إسرائيل للبنان...
مهاجمة مصالح اميركا وحده كفيل بإزالة الكيان...
وفي هذا ازدهارنا الفعلي...
تماما كما فعلت الصين قبل سبعة عقود، وكما فعلت إيران قبل أربعين سنة..
اميركا سوف توقع في فيينا فقط حين تتأكد أن إيران على وشك انتاج القنبلة وان إيران تخطت كل الصعوبات ولم يعد يهمها لا عقوبات ولا حصار...
في هذه الحالة، لماذا التوقيع؟
حالة المماطلة سوف تستمر طالما اميركا ليست متأكدة من الأوضاع...
استمرار المماطلة يجب أن يكون له ثمن، هو ايضا ...
انتظار الفرج من اميركا أو فرنسا أو السعودية، هو وهم علينا دفنه ودفن من يطلقه...
قبل أشهر جاء الصينيون... وخذلناهم...
قبل سنين جاء الإيرانيون ...
وخذلناهم أيضاً...
الروس أتوا أمس...
إذا أصر ميشال عون على العجز، بغض النظر عن الحجج الواهية..
صحيح هو عجوز... لكنه يستطيع أن لا يكون عاجزا... إنها مسألة إرادة...
أذا دفن حسان دياب رأسه في رمال تصريف الأعمال...
إذا قبلت المقاومة بهذا واكتفت بمعلقات شعرية على تلفزيون المنار...
تكون اميركا منتصرة ويتأجل خلاصنا لعقود أخرى... مع الذل والتبعية والتسول والقروض مرة أخرى... وربما مع حريري آخر يأتي لنهب ما نقترضه... من يعرف!!!