كتب الأستاذ حليم خاتون:
فترة غياب الإعلامي الاستاذ حبيب فياض عن الشاشات طالت بعض الوقت، خاصة بعدما وجه أكثر من ملاحظة وانتقاد إلى كيفية تعامل المقاومة مع كل ما يحدث في لبنان منذ انفجار الحراك الشعبي في ١٧ تشرين ٢٠١٩...
أمس كان الإعلامي على قناة المنار يوجه سؤالا ضمّنه جوابا غير مباشر حين أقر بالعجز عن تحويل فائض القوة عند المقاومة التي ساهمت في تحرير حلب من التكفيريين، إلى سلاح يضرب الفساد المستشري في لبنان...
مشكلة جمهور المقاومة مع بعض كبار الأساتذة المؤيدين لهذه المقاومة أمثال الاستاذ حبيب، وكنا تناولنا سابقا الاستاذ فيصل عبد الساتر؛ مشكلة جمهور المقاومة مع هؤلاء الأساتذة، هو أنهم يرددون كلاما لا يختلف كثيرا عما يردده نواب ووزراء المقاومة، حتى باتوا صدى لهذه الأقوال دون أي نقد بناء قد يساعد على تطوير الفعل الثوري في هذه المقاومة...
بصراحة، بدأ الخوف يساور الجمهور هذا من أن نرى الاستاذ علي حجازي يصطف في نفس الخانة بعد كم يوم...
يقول المثل،
صديقك من صدقك، وليس من صدّقك...
عندما تخطئ المقاومة، والمقاومة ليست فوق الأخطاء البشرية، على الكتاب والمثقفين أن يتمتعوا بالجرأة الكافية لتوجيه النقد إليها...
المقاومة تحتاج إلى إعلام قوي يساند كل خطواتها التي تسري في الاتجاه الصحيح، وإلى النقد حين تغفل عن أمور لا بد منها...
ولكي لا يستمر الحديث في العموميات، ولكي لا نعود إلى تكرار الأخطاء التي ارتكبت من قبل ممثلي المقاومة في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهي ليست قليلة، وليست بدون نتائج مأساوية نعيشها اليوم...
نطلب أن نعرف متى عقد أخر مؤتمر لحزب الله؟
ما هي المواضيع التي نوقشت؟
كيف جرى تقييم اعمال نواب الحزب ووزرائه، وعلى أي اساس جرى الترشيح، وإعادة الترشيح؟
وأهم أمر،
*ما هو برنامج الحزب في الداخل اللبناني؟*
ما هي المقررات؟
كما يرى الاستاذ حبيب، أن أحدا لا يتطرق إلى سياسة الحزب تجاه العدو الصهيوني أو تجاه التكفيريين، اللذين لا يختلف إثنان من داخل هذا الجمهور على الوقوف بكل حزم خلف القيادة فيما قامت به...
في الحقيقة، لقد أظهرت القيادة حكمة كبيرة أدت إلى انتصارها واستمرار مسار النصر ضد الصهاينة، وكان لدخولها الى سوريا وغير سوريا أثر كبير في الحصول على تأييد كامل من جمهور المقاومة الذي يرى أن معركة تحرير فلسطين لا يمكن أن تكون محدودة في جبهة واحدة أو في بلد واحد...
عدونا اخطبوط منتشر في العالم بما في ذلك داخل الوطن العربي، وكما قال السيد نصرالله، *سوف نكون، حيث يجب أن نكون*.
نعود إلى الاستاذ حبيب الذي لم يستطع أن يجد معادلة يمكنها تحويل فائض القوة في تحرير حلب إلى قوة لمحاربة الفاسدين في لبنان...
هكذا، ببساطة، نقبل ونقر بالعجز.
يتفق الاستاذ حبيب ومقدمة البرنامج على هذا العجز وكأنه قدر لا يمكن مواجهته...
ماذا عن تجارب الشعوب الاخرى؟
ماذا عن الثورات التي قامت والتي انتصرت؟
سيقول قائل إن الوضع في لبنان مختلف...
اكيد الوضع مختلف... لأن الله لم يشأ أن يخلق الناس جميعا على شبهِِ واحد...
لكن دراسة التجارب سوف تساعدنا...
مناقشة ما يحصل والدخول في حوارات ومؤتمرات واشتباكات كلامية سوف يفيد بالتأكيد، بدل وضع أيدينا على الخدود والنحيب لأننا عاجزون عن مواجهة هذا الوضع الطائفي المذهبي...
من واجب حزب الله، وهذا واجب عليه شرعا، أن يفتح الشاشات والصفحات ويعقد المؤتمرات لمحاولة الوصول إلى تصور حلول لمعالجة ما يعيق الحرب على الفساد، بدل إضاعة الوقت يوما في التقريب بين سعد الحريري وميشال عون، والإثنان لا يختلفان كثيرا في الجوهر، وإن اختلفا في كمية وكيفية الهدر وسقوط الدولة... ويوما آخر في التنظير، للسنًي القوي في طائفته، سعد بيك الحريري...
السؤال الواجب توجيهه إلى الحزب هو ماذا فعل لإنشاء جبهة وطنية عريضة مضادة للفساد؟
من المؤكد أن لا تضم أيا من ملوك الفساد، لأن شرط الانضمام يجب أن يكون التخلي عن كل الامتيازات الطائفية والمذهبية والمالية والوظيفية والزبائنية التي ترتبط بها كل الأحزاب والتيارات المسؤولة عما حلّ بهذا البلد...
ما ان بدأ حراك تشرين، حتى عزلت المنار نفسها في الاستديو، بدل النزول إلى الشارع وتركت شاشات اميركا تستفرد بالناس، ثم راحت تصرخ أن هناك مؤامرة أميركية...
لماذا لم ينزل دكاترة الاقتصاد والعلوم السياسية والاجتماعية إلى الساحات ويفتحوا ابواب النقاش على كيفية إزالة الفساد؟
هل خوفا من بعض الموتورين الذي سوف ترسلهم أجهزة المخابرات لإثارة مسألة سلاح المقاومة؟
وشو يعني؟
ألا يوجد عندنا المنطق للإجابة؟
ألا يوجد عندنا ألسنة؟
ألا نثق بقدرة الناس على الفهم؟
قد يقول قائل، انظر ماذا فعل الاميركيون بعادل عبد المهدي وكيف أسقطوه في الشارع...
أسف، لكن الذي أسقط عادل عبد المهدي هو تشرذم المقاومة العراقية التي سمحت لمصطفى الكاظمي أن يساهم في إسقاطه، حيث كل فصيل وكل (كم شلعوط)، يريد أن يكون رئيس حكومة العراق منهم وحدهم فقط...
وإذا أصر الإخوة أن تجارب الشعوب الأخرى لن تفيد، حسنا، فلندرس تجربتنا نحن... منذ أن دخلنا البرلمان ومنذ أن بدأنا ندخل الحكومات...
ماذا فعلنا؟
هل شكلنا اي فرق بالمقارنة مع رتل الفاسدين الذين كانوا ولا زالوا في المؤسستين التشريعية والتنفيذية، وزيادة على ذلك القضائية أيضاً...
هي دعوة إلى كل مثقفي المقاومة...
ليس هناك من ضرورة أن يدعوكم السيد نصرالله كما فعل مع الاعلاميين... لكي تتفضلوا بالتحرك...
ولا نحتاج إلى تمويل لإيجار القاعات...
تفضلوا وزوروا النوادي والمكتبات والقاعات البلدية في القرى والبلدات....
اعقدوا حلقات دراسية، كي نصل إلى شيء.... بدل الإستمرار في التخبط دون هدى...
إذا كان مثقفو المقاومة لن يقوموا بهذا ويكتفوا بأن يكونوا كما ابواق السلطات الفاسدة، فأي فرق سوف يخلقون؟
تفضلوا وأبدأوا بطرح الإشكاليات فقد نصل إلى حلول...
في النهاية نحن مجتمع بشري، خلقنا الله وخلق معنا مشاكلنا وخلق لنا عقولا لإيجاد الحلول لهذه المشاكل..
هذا يكون افضل من تحميل وفاة الطفلة جوري السيد إلى الاحتكار وغياب السياسة الاستشفائية، دون رؤية الدور السلبي الذي ساهم فيه نواب المقاومة ووزرائها عندما وقفوا على الحياد في الصراع الذي نشأ بين الوزير شربل نحاس من جهة، وترويكا الفساد من جهة أخرى...
يومها كان الخلاف يدور على حقوق الطبقة العاملة وحقوق اللبنانيين في بطاقة استشفائية بدل هدر خمسمئة مليون دولار سنويا من ميزانية وزارة الصحة على حالات تستفيد منها مافيا الاستشفاء الخاص في لبنان...
هل يكفي هذا لتأنيب الضمير؟
ماذا عن الكهرباء؟
ماذا عن القوانين العقارية التي لا زالت في الأدراج؟
ماذا وماذا وماذا.... وإلى متى؟