كتب جورج حدادين:
من يعتقد أن أزمة النقابات المهنية منعزلة عن أزمة النهج السائد، فهو واهم. ومن يعتقد بأن لكل نقابة أزمة خاصة بها، فهو واهم. ألا تعاني كافة النقابات، بلا استثناء ، الأزمة ذاتها بمظاهر متعددة،
ومن يعتقد أن أزمة النقابات منعزلة عن أزمة العمل الوطني الرسمي والشعبي، الناجم عن النهج السائد، الذي تدار به البلاد، فهو واهم.
الخروج من الأزمة العامة القائمة يشترط البدء في استنباط حلول لأزمة النقابات والمؤسسات الشعبية الوطنية: النقابات العمالية والمهنية واتحاد المزارعين و الفلاحين ومربي المواشي، الجمعيات التعاونية ( المستهدفة حالياً والتضييق عليها جاري) المنتديات الاتحادات النسائية والطلابية والشبابية.
مع نهاية ثمانينات القرن الماضي بدأت الهجمة على النفايات تحت عنوان مهنة النقابات، أي عزلها عن العمل الوطني العام وتقيد حقها القانوني في الدفاع عن حقوق منتسبيها، تحت عنوان "العقد شريعة المتعاقدين" أي تجريد العامل والمهني من مظلته النقابية المناط بها تأمين الحماية والدفاع عن مصالح أعضائها، وتركه فريسة سهلة لرب العمل، الدولة وصاحب العمل، ومع نهاية ثمانينات القرن الماضي حصل توافق ما بين النظام والحركة الإسلامية وحصل تحالف بينهما أدى إلى السيطرة على مجمل النقابات المهنية والسيطرة على النقابات العمالية وتنصيب جماعات إدارية ليس لها أدنى انتماء للطبقة العاملة.
نجم عن هذه السيطرة سيادة نهج الاستهلاك والتبعية داخل هذه النقابات والجمعيات والمنتديات... الخ.
هل يمكن الخروج من هذه الأزمة؟
نعم يمكن، من خلال استعادة قيادة النقابات والعودة لدورها الحقيقي، الدفاع عن مصالح منتسبيها وحقها في العمل الوطني العام، حيث هي بيوت خبرة ومعرفة وكفاءة وطنية .
يمكن لهذه النقابات بل يجب عليها ، المساهمة في بناء اقتصاد وطني منتج: نقابة المهندسين الزراعيين يمكن أن تشكل جمعيات تعاونية زراعية من خلال تمكينها من استصلاح أراضي الدولة ( العطيل ) حيث ملكية الدولة أكثر من 86% من أراضي الوطن، يمكن توزيع الأراضي على هذه الجمعيات وتوفير مستلزمات الإنتاج والدورة الزراعية قصيرة جداً من 3-6 أشهر،( خاصة حين نعلم أننا نستورد بحوالي 2 مليار دينار سنوياً مواد غذائية) حيث يمكن للنقابة توفير الخبرات والكفاءات والإبداع وتدريب الخريجين الجدد وتأمين فرص العمل لهم، التحول نحو الإنتاج نقابة البياطره، تستطيع تأسيس جمعيات تربية المواشي بالتنسيق مع الجمعيات الزراعية، تأمين العلف والرعاية الطبية
نقابة الجيولوجيين تستطيع تأسيس جمعيات تعاونية تستثمر في المواد الخام، (نعرف أفراد أسسوا شركات تعدين أبدعوا وتوسعوا بها داخل العالم العربي والدول الأجنبية) فكيف بنقابات تمتلك الخبرة والمعرفة العلمية وصناديق تقاعد، في الوقت الراهن لا نجد فرق في التفكير بين قيادات النقابات وتجار الجملة والمفرق، النقابات يجب أن تبحث عن المردود والتنمية، فيما التاجر والشركة تبحث عن النمو والربح.
تستطيع النقابات تأسيس شركات خبرة ومعرفة ودراسات تستنبط الحلول الوطنية للمشاكل الوطنية، لكي تستغني البلد عن الحلول المستوردة والتي بالتجربة العملية على أرض الواقع، معظمها قد فشل
ألم تساهم خبراتنا في الخارج في تنمية البلدان التي أجبرت على الهجرة إليها نسبب نهج تسليع الكفاءات
فتح الباب أمام حوار علمي منتج الهدف من هذه المداخلة السريعة على صفحة "لجنة الحوار الشعبي"



