كتب الأستاذ حليم خاتون:
عفوا ومعذرة سيادة الرئيس الجنرال ميشال عون...
من خلال الزجاج التونسي الشفاف، استطيع القول... إنك لم تكن على قدر المسؤولية...
Je vous accuse...
طبعا، سوف تخرج أصوات كثيرة تخط ألف عذر وعذر لتبرير الفشل، لكن الحقيقة تبقى،
كل عذر، وأي عذر، هو أقبح من ذنب
ما ينطبق عليك، ينطبق على كل من جلس على كرسي مسؤولية، أي مسؤولية، ولم يستطع محاربة الفساد...
سواءََ كان رئيسا، أم وزيرا، أم نائبا، أم مديرا، أم موظفا... ام حتى مجرد ناشط سياسي...
كلكم مسؤول، بهذه النسبة أو تلك..
لكن لماذا التوجه إليك أنت تحديدا؟
ببساطة...، لأنك أعطيت صورة العزيمة، ولم تكن بعازمِِ...
أعطيت صورة الإصرار، وما كنت بمُصِرّ...
ببساطة... لأنك أعطيت صورة المبدئية، ولم تكن مبدئيا...
عفوا، سيادة الرئيس، لا تغضب، وانت معروف عنك سرعة الغضب...
واحدة،... واحدة...
ألم ترفض اتفاق الطائف؟
ألم تخض حروبا بسبب هذا الرفض؟
لماذا عدتَ وقبلتَ بهذا الاتفاق المسخ الذي كرّس دولة الطوائف والمذاهب والفساد، بدل الدولة المدنية العلمانية التي لطالما دعوت انت إليها؟
ما الذي أجبرك على قبول ما لا يُقبل؟
أي عذر كان لهذا القبول... لا يمكن بالتأكيد تبريره...
ذهبتَ إلى المنفى ورفضتَ الإذعان، فلماذا عدتَ وأذعنت؟
أنا لم أكن يوما عونيا...
في السياسة، كنت في الكثير خصما للكثير مما تطرحه... لكني احترمت علمانيتك...
رفضتُ مثلك اتفاق الطائف، وإن من موقع يسار الطائف... وبقيت ولا زلت أرى أن هذا الإتفاق هو سبب كل المآسي التي نعيشها اليوم...
ربما سوف تقول انك قبلت بهذا النظام، على أمل النضال من داخله لقلبه... كما يحب أن يقول الكثير من المناضلين...
هل تصدق انت نفسك هذا؟
دخلتَ الى البرلمان، وهذا ممكن أن يكون منبرا بالفعل، تماما كما فعل حلفاؤك من حزب الله... ماذا كانت النتيجة؟
صفر كبير جدا على الشمال...
أردتَ أن تصبح رئيسا للجمهورية... لماذا؟
ألم تربط دوما قلة الحيلة بنقص الصلاحيات في رئاسة الجمهورية؟
إذا، لماذا الإصرار على تبوأ مركز لا صلاحيات عنده؟
طالما أنك تعرف هذا لماذا سمحت بإطلاق ابواق الطائفية ووجوب وصول الاقوى من كل طائفة إلى المركز المخصص لهذه الطائفة؟
ألم يكن الأفضل ألف مرة، البقاء داخل البرلمان ومحاربة الفاسدين بدل عقد الصفقات معهم من أجل مركز، انت تقول إن لا صلاحيات فيه؟
ألم تتخل في سبيل هذا عن شربل نحاس وسمحت بإسقاطه لإرضاء الرئيسين الحريري وبري؟
ألم تتخل في سبيل هذا عن "الإبراء المستحيل"، ورحت تخطط لحصة في الكعكة اللبنانية لك وللوزير باسيل من بعدك؟
إذا لم تكن المحاصصة تغطية للفساد... ما هي إذاََ؟
انت والوزير باسيل متهمان بالفساد من قبل أكثر من طرف.
قد تكون هذه شائعات، أنا لا أدلة عندي في هكذا اتهام...
لكن السؤال المنطقي هو لماذا الإصرار على المشاركة مع الفاسدين، إذا لم يكن الهدف، هو جزء من كعكة الفساد؟
في الإبراء المستحيل، كان لديكم كل البراهين ضد معظم الفاسدين... فلماذا لم تفعلوا أقل الواجب، الذهاب الى القضاء؟
حتى إذا كان القضاء فاسدا، وهو كذلك بالفعل، لماذا لم تقوموا بملاحقة كل هؤلاء، بما في ذلك القضاء، حتى النهاية؟
كما قيل أعلاه، ما ينطبق عليكم ينطبق على الجميع... على كل من يقدم أعذارا واهية، مكتفيا باللجوء إلى القضاء... وكفى المؤمنين شر القتال...
لماذا التوجه إليك أنت تحديدا، اليوم؟
أمس، قام الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي لا يملك صلاحيات هو الآخر، بتجميد البرلمان والحكومة...
وجد الرئيس التونسي الصيغة القانونية لفعل ذلك... هل تعرف لماذا؟
لأن لديه الإرادة لفعل ذلك، بينما لم توجد.الإرادة لديك... ولدى حلفائك...
سيقفز أحد اتباعك من كرسيه ليقرأ علينا مزامير الوضع الطائفي والخوف من الفتنة الطائفية ورفض تفجير حروب أهلية...
مرحبا...صح النوم... وما هو البديل عن الفتنة والحرب الأهلية الذي وجدته انت والتيار والحلفاء؟
الإنخراط في الفساد؟
السكوت عن الفساد؟
هل هذا هو البديل الذي أراحكم؟
ماذا... هل هذا هو الحل الذي تفتقت عنه عبقرية التيار؟
انت وحلفاؤك وكل المتشدقين بالكلمات المعسولة عن محاربة الفساد... تؤيدون دستورا، من غير المعروف إذا كنتم قد قرأتموه...
لم تجدوا في هذا الدستور مادة واحدة على الأقل، تساعدكم في تخليص البلد من هذا العهر في الفساد الطائفي المذهبي كما فعل الرئيس التونسي؟
إذا كنتم وجدتم هذه المادة، تفضلوا وافعلوا ما فعله قيس سعيد...
وإذا لم تجدوا، فعلى أي اساس تتمسكون بدستور يغطي كل الموبقات المدمرة للأوطان؟
انتم، وانتم من انتم في تمثيل المسحيين تخافون من الفتنة الطائفية والحرب الأهلية.
حزب الله، وهو من هو في الطائفة الشيعية، يخشى الفتنة والحرب الأهلية إن هو حارب الفساد...
الناصريون على اختلافهم، من التنظيم الشعبي، إلى المرابطين، إلى الإتحاد الاشتراكي (عبد الرحيم مراد) إلى الفرق الأقل حجما، زد عليهم أنصار نواب الحلف التشاوري وأنصار القومية العربية... و ...و كل هؤلاء قد يصل عددهم إلى حوالي نصف عدد السنّة في لبنان...
كل هؤلاء يخشون الفتنة إذا ما حاربوا الفساد!!!
القوميون السوريون، الشيوعيون وغيرهم من العلمانيين...
كل هؤلاء... أنصار الدولة المدنية والعلمانية...
هل كان صعبا أقامة جبهة من كل هؤلاء تأخذ السلطة وتحارب الفساد والفاسدين...
فتنة؟!!؟؟ إذا كنتم تخافون محاربة الفاسدين، لماذا جئتم إلى السلطة؟
هل تريدون إقناعهم بالتوقف عن الفساد والسرقة؟
عفوا سيادة الرئيس...
أنتم، و حلفاؤكم، بملء الإرادة اخترتم أن تكونوا أما جزءا من العجز... أو أن تكونوا جزءا من الفساد...
اخرجوا من الوطن، بعد أن خرجتم من التاريخ...