كتب الأستاذ حليم خاتون:
في حنينها إلى الماضي العظيم، كثيرا ما تلجأ الشعوب إلى تمجيد الشخصيات التي ميزت تلك العصور الغابرة وكرّست عظمتها...
بدورها، كثيرا ما تلجأ الأنظمة في المجتمعات المتخلفة إلى هذا التمجيد؛ من جهة تغطي تخلفها وأسباب هذا التخلف، ومن جهة أخرى تستفز الهمم في شعوبها الجاهلة، لعل وعسى...
في روسيا، إبان الحقبة السوفياتية التي تميزت بحالة من الإنهيار الثقافي والفكري والإقتصادي، لم يجد النظام أمامه سوى أمران للتعويض عن هذا البؤس العام:
١- اسطوانة انتصار الإتحاد السوفياتي في الحرب العالمية الثانية...
٢- انتقاء شخصية عالم روسي اسمه لومونوسف، قامت البروباغندا السوفياتية بنسب الكثير من الاكتشافات العلمية إليه... في اسطوانة ثانية...
لومونوسف، هو أول من فكر في الطيران، وهو أول من فكر في التلفون... الخ
قد يكون لومونوسف هذا، رجلا عظيما فعلا...
قد يكون عبقريا بالفعل..
لكن ربط الكثير من التقدم العلمي بروسيا وعبر هذا الرجل تحديدا، جعل من هذا الاسم حالة تندر وفكاهة بين الطلبة الأجانب الذي كانوا يعرفون تاريخ التقدم العلمي في العالم، ومن هم أبطاله الحقيقيون...
عناوين نشرة أخبار السابعة والنصف صباحا على المنار كانت ثلاثة حصرا:
١- الحرائق في عكار والهرمل...
٢-محاولات تشكيل الحكومة، بكل ما يرافقها من تعاسة...
٣- إطلاق سراح الشيخ الزاكزاكي...
بعدها، وخلال آخر النشرة، حديث أقل من دقيقة عما يحدث في تونس...
الرئيس التونسي، الذي يحتل كل نشرات الأخبار، سواء تلك التي تعتبر ما قام به انقلابا أو تلك المؤيدة لحربه على الفساد... قيس سعيًد يحتل كل العناوين...
لكن المنار رأت أن هذا أمر تناولته سابقا... وهذا يكفي...
قد يقول قائل إن المنار تناولت هذا الحدث أمس أو أول أمس..
المنار التي تردد أخبارا ليس لها أهمية الحرب على الفساد في تونس، عدة مرات وعلى مدى أيام، لم تستطع أن تعطي تونس والرئيس سعيًد أكثر من دقيقة وفي أواخر نشرة السابعة والنصف صباحا....
هل وصل الخوف من الفتنة والحرب الأهلية في حال محاربة الفساد، إلى تونس أيضا؟
مع كل التقدير لنضال الشيخ زاكزاكي في نيجيريا الخاضعة للإمبريالية الأميركية وأدواتها الصهيونية والوهابية... إلا أن هذا النضال لا يقاس على الأطلاق بما يجري في تونس.
هل هو مراعاة لحزب النهضة الإخواني والأخ غير الشقيق لحركة حماس، والذي يتحمل النسبة الأعلى من المسؤولية عن الفساد والسرقات في تونس؟
لا، المنار تعرف أن الغنوشي، مثله مثل مرسي وخالد مشعل مسؤول عن إرسال آلاف المتوحشين التكفيريين الى سوريا والذين قتلوا الكثير من شهداء حزب الله هناك...
هل تخشى المنار أن يكون الرئيس التونسي غطاء لتدخل غربي في تونس كما يحاول الإخوان التلميح...
ما الذي تعرفه المنار ولا تعرفه الجماهير العربية التي تصفق لشجاعة هذا الرئيس ولإقدامه على ضرب أوكار الفساد في تونس...
أليس عند المنار أصدقاء في تونس تقوم باستضافتهم، يشرحون ما يحدث، ويغنون جمهور المقاومة بمعلومات قد تفيدهم في الحرب على الفساد في وطنهم، بدل إلهاء الناس بجولات عون/باسيل مع الميقاتي بعد مسرحيات الإنحطاط مع سعد الحريري؟
صحيح أن المنار ليست بقوة الجزيرة أو france24 أو حتى الميادين...
لكن الموقف لا يحتاج إلى قوة مال وتمويل...
الموقف هو كلمة حق تقال...
المنار قالت هذه الكلمات في حضرة سلاطين الجور العربية من مختلف مناطق الجغرافيا العربية...
لماذا لا نسمع الكثير عن تونس؟
هذا المساء، سوف اتابع بانوراما وحديث الساعة والاحد، برنامج بين قوسين... قد أكون مخطئا...
لكن تونس تريد تعليم الجميع كيف تكون محاربة الفساد وهذا من حقها، ومن حق جمهور المقاومة أيضاً أن يتعلم من تجارب الشعوب... فكيف إذا جاء الدرس من تونس، حاضنة المقومات والتي بإذن الله، سوف تضع حدا لديكتاتورية الإخوان المسلمين، وفسادهم..