كتب الأستاذ حليم خاتون
انتشرت أغنية غسان الرحباني هذه في التسعينيات من القرن الماضي، أيام وضَع رفيق الحريري احجار أساس هذا الإنهيار العظيم الذي يعيشه اللبنانيون منذ بضعة سنوات...
في تلك الايام، كان ما يدور في ذهن اللبناني هو السخرية من وعود الربيع الحريرية التي ظلّت سرابا كما مشاريع أصحابها التي لم تزد أكثر من تأمين قروض ربوية أين منها توحش تاجر البندقية المشهور بلؤمه وخبثه...
تُرى ما هو عنوان أغنية غسان الرحباني لهذه الايام؟
"حُكِم عليك العيش في الجحيم"!!
ربما؟
يُقال أن الله قرر يوما زيارة كوكب الارض لرؤية ما فعله أهل البلاد لبلادهم...
طلب من عزرائيل مرافقته لمعرفة ملك الموت بكل امور البشر لأن زياراته لم تنقطع يوما عنهم...
وكان الله يُفاجأ في كل بلد يزوره بالمعجزات العظام التي كانت شعوب تلك البلاد تقوم بها لبلادها... حتى إذا ما وصل إلى بلاد العرب والمسلمين، طلب من ملك الموت عدم الكلام...
هو يعرف هذه البلاد ولا يحتاج إلى أي دليل... إنها بلاد الجاهلية الأولى، لا زالت على حالها من الجهل والتخلف وتبعية كل فم يُعلف إلى سيدِِ للعبيد، سيد ما هو بسيد، بل عبد آخر، وراءه قطعان من العبيد... لا زالت تلك البلاد كما خلقها الخالق في بداية عصر التكوين... لا كهرباء، لا ماء، لا عمل، لا علوم، لا ثقافة، لا صور لأية مدنية على الإطلاق...
في مقابلة جرت قبل سنتين تقريبا مع الاقتصادي دان قزي، أجاب على أحد الأسئلة أنه يرجًح أن يصل لبنان الى مرحلة الMad Max، إذا لم يُصَر إلى اتخاذ القرارات اللازمة لإعادة بناء النظام...
المقصود بال Mad Max، هو ذلك الفيلم الأميركي الذي يحمل نفس هذا الإسم، ويصور ما يعيشه المجتمع اللبناني اليوم من سيطرة الرعاع على كل مفاصل الحياة اليومية، بغض النظر إذا ما كان هؤلاء الرعاع من مافيا العامة أو من مافيا زعماء الطوائف...
طبعا يحق للرئيس عون رفض "التطاول" على المقامات!!!
رجال الدنيا يرفضون التطاول على رجال الدين...
لأن التطاول على أي فئة منهم هي تطاول على الفئة الأخرى...
ما من فرق بين حنّا، وبين حنين. "ما أضرب من زيد إلا عمرو... والعكس صحيح"...
الرئيس عون حريص جدا على احترام المقامات...
فليعطنا الرئيس عون إسما واحدا فقط من كل هذه المقامات الدنيوية أو الدينية يستحق أي احترام على الأطلاق!!!
اسم واحد فقط لم يشارك في هذا الفساد العظيم...
اسم واحد يخضع للتحقيق الجنائي الشعبي، ولا يتخفى خلف حصانات وُجدت لحماية تلك المقامات المُرتكبة...
الرئيس عون العجوز العاجز مع برلمان أكثر عَجَزا وأكثر عجْزا، وحكومة تطلب من الله حماية لبنان لأن الله وحده هو من يستطيع ارسال كل تلك المقامات إلى حتفها... ليعيش لبنان...
هذا العجز، الذي هو صناعة أميركية صهيونية بامتياز حسب كل التحاليل الاقتصادية والسياسية، أصاب حتى المقاومة بفايروس العجز هذا...
مقاومة تُحلًل وتُثبت أن كل ما جرى ويجري هو مؤامرة أميركية... ثم تصمت وكأنها لا تريد الانتقال إلى الخطوة اللاحقة الواجبة حُكما، وهي اسقاط هذه المؤامرة...
حزب الله الذي يعرف أن الاحتلال لا يمكن أن يندثر من تلقاء نفسه، وأنه لا بد من مقاومة لانهاء هذا الاحتلال...
يأتي لكي يقنعنا أن إسقاط الفساد لا يحتاج إلى من يسقطه...
الفساد سوف يسقط من تلقاء نفسه... ما علينا سوى التسلح بالصبر...
الفاسدون سوف يعلنون التوبة يوما، ويعيدون كل المال المنهوب... هكذا، من تلقاء أنفسهم...
علينا فقط التحلي بالصبر... صحيح أن ايوب كان لينتحر لعدم طاقته على هكذا صبر...
لكن، ايها اللبنانيون، اصبروا...
كم من اللبنانيين الاغبياء سوف ينتحر قبل أن ينحر... غير معروف...
المقاومة... تطلب من الشعب الصبر... الصبر حتى متى؟
حتى الكفر بالقيم الإنسانية...؟!؟!
كما أنه لا بد من مقومات الصمود لكي يصمد شعب ما...
كذلك لا بد من مقومات صبر لكي يتخطى شعب ما كل العراقيل أمام إقامة دولة القانون والعدالة...
المقاومة تدعو للصبر، والبطرك يدعو للاستسلام أمام المؤامرة الأميركية...
أنه السباق غير العادل بين الحق المشلول، والحق المُستسلم...
يستطيع السيد حسن الدعوة إلى الصبر لكن مع العمل على الحل، وألا فسوف نجد كل يوم أمثال البطرك أو جعجع يجعجع دون طائل حتى يسقط الوطن...
كل الفاسدين هرعوا للدفاع عن المقامات... وحده شعب لبنان لم يجد أحدا يدافع عنه وعن حقه بالعيش بكرامة والدفاع عن تلك الكرامة والعزة بدل تسليم رقبته إلى الجلاد كما تفعل أغنام الراعي....