كتب الأستاذ حليم خاتون:
ما ناقشني جاهل، إلا أسكتني...
هذا قول منقول عن إمام نهج البلاغة اللغوية والفلسفية دون التقيد الحرفي بالنقل...
تصوروا فقط نقاشا بين الدكتور سليم الحص "والدكتورة!" رولا الطبش مثلا...
ما مدى العبقرية التي سوف تسقط على الجمهور العربي بفضل هكذا مقابلة، أو هكذا نقاش...
الاسماء الثلاثة أعلاه، هي عناوين لثلاث مستويات من النقاش (الفكري!؟!؟)...
مع الدكتور فضل الله، تجد نفسك مضطرا لسماع كل كلمة يقولها الضيف الذي يحرص دوما على وضع أكثر من علامة استفهام أو هلالين حول أو بعد أية فكرة منعا للتأويل...
الدكتور فضل الله، قد يكون مؤيدا لحزب الله الى حد كبير دون أن يلزم نفسه بإعطاء الحزب شيك على بياض لأنه يعرف أن الحزب (المبدئي في العداء لإسرائيل)، لا زال براغماتيا إلى هذا الحد أو اكثر حين يتعلق الأمر بالوضع الداخلي اللبناني في كل الأبعاد السياسية والاقتصادية وغيرها.....
في المستوى الثاني، نحن أمام رئيس تحرير جريدة النهار غسان حجار...
الرجل المناسب في الجريدة المناسبة...
لم تعد جريدة النهار لوموند لبنان كما كانت أيام لبنان مركز الثقافة السياسية العربية... منذ أن تفوق الفكر الربحي في هذه الجريدة على الفكر السياسي الجدلي الحر...
في لقاء قصير بين المرحوم غسان تويني مع أحد الطلبة المعادين لفؤاد السنيورة، انتهى اللقاء القصير باحترام كبير متبادل بين الطرفين لأن هذا الطالب الشاب استطاع وضع غسان التويني بعد الطائف أمام غسان التويني الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي يوم كانت جريدة النهار فعلا جريدة النخبة الفكرية والسياسية والثقافية...
غسان حجار مثل الكثيرين من الذين يسيطرون على الاتجاه السعودي الأميركي في جريدة النهار...
يختلف مثلا عن امين قمورية أو سركيس نعوم بعدم السماح لأفكاره ان تخرج من العلبة المربعة ذات الجدران العاكسة...
هو لا يستطيع أن يرى في حزب الله أو إيران أو أي خصم لاميركا والسعودية... أكثر من حقيقة مطلقة عن إمبراطورية الشر... هكذا تربى... هكذا نما فكره وهكذا هو مصر أن يكون وان يظل...
غسان حجار هو ضد المقاومة والحزب وإيران بالمطلق لو مهما فعلوا...
حتى إذا قال السيد حسن أن اللبن ابيض، سوف يجد غسان حجار سوادا ما داخل هذا البياض الناصع...
هذه هي مهمته في الإعلام... هو ارتباط مصالح بالتأكيد مع الأميركي والسعودي ومَن على شاكلتهم.. لكنه ارتباط عاطفي أيضا، ارتباط يربط التابع والمتبوع...
هو تجاوز كل المأساة اللبنانية ليرى في سفن النفط الإيراني القادم مجرد عرقلة لتأليف حكومة لبنانية هو يعرف في قرارة نفسه أنها مستحيلة إذا لم تقدم لبنان على طبق من فضة لمحمد بن سلمان ومحور اميركا إسرائيل من ورائه...
لكن، كل هذا "كوم" والمستوى الثالث مع ""الدكتور!!"" محمد نمر، "كوم" آخر...
مسكينة السيدة سمر ابي خليل...
هي لا تشبه الكثيرين من جماعة "الجديد" الجديدة...
السيدة سمر غير مهتمة بأية عروض تأتيها من ال LBC أو ال MTV أو الحدث أو العربية أو بهاء الحريري، الذين يضعون شرطا واحدا هو القدرة على دفع أي حوار باتجاه تحميل حزب الله مسؤولية اي شيء سلبي يحدث في العالم حتى لو كان ذلك في الموزنبيق...
لكن، وفي أكثر من مرة تم حشر السيدة المثقفة الرزينة، مع ""إعلامي!"" أو ناشط، ليس في النهاية سوى صورة أخرى من مستوى الثقافة السياسية في في تيار يدّعي اللون الازرق مع أنه اقرب ما يكون إلى اتباع كتاب القذافي الاخضر في الجهالة الفكرية، أو علم الدواعش الاسود في العصبية المذهبية، أو تعدد الألوان الذي يميز الحرباء التي يقتنيها محمد بن سلمان على شاشاته وعلى صفحاته الصفراء...
مرة أخرى، مسكينة السيدة سمر..
الرئيس سعد الحريري غاب عن الساحة السياسية فترة من الزمن عمل خلالها مع استاذ خصوصي في اللغة العربية حتى بات يستطيع التلفظ بجملة من خمسة كلمات ولا يغلط إلا في ثلاثة منها... بعد أن كان يعجز حتى عن لفظ الكلمات العربية بفضل تربيته في الجزيرة العربية حيث القرآن يحتل المكتبات للزينة والإدعاء ولكن قطعا ليس للقراءة...
لكن الرئيس الحريري وبعد عدة سنوات صار باستطاعته قول كلمتين عربيتين في جملة نصف مفيدة...
أما الأستاذ العبقري محمد نمر، الذي يعتبر نفسه معنيا بالدفاع عن لبنان عبر تجريد حزب الله من الصواريخ الدقيقة... والذي يعتبر أنه رجل سلام ولا يحتاج للتسلح ضد إسرائيل... وأن السلاح!!! المتوفر في يد الجيش اللبناني كاف وزيادة... وغيرها من الاكتشافات العبقرية التي يعجز أي إنسان ذو عقل عن متابعتها... الخ..
حوالي ٦٠ دقيقة من الكوميديا السوداء، وفرها المال الخليجي لهذا العبقري كي يخرج على فضاء شاشة الجديد ليخبرنا أنه في لبنان، يمكن أن يكون عندنا أكثر من كندة الخطيب واحدة، أو محمد سعود الخبير في تلقي التّف من أفواه المقدسيين، يوم تبرع بإهداء بيت المقدس لنتنياهو، في محاولة التساوي مع أسياده من الصهاينة لم يوفق فيها لان الجمهور الصهيوني لم يجد فيه أكثر من حشرة حقيرة للنكات والتندر على الشاشات...
مع محمد نمر لا يعرف المرء من أين يبدأ أو أين ينتهي...
كم كان الإمام علي عظيما عندما نهى عن نقاش الاغبياء والجهلة، وكم كانت شاشة الجديد حقيرة حين تقبض المال الخليجي لزيادة نسبة الغباء والعمالة والسفالة السياسية داخل جمهورها الذي يرتقي كل يوم أكثر في سلم الثقافة الهابطة...
من يعرف... قد يخرج من جمهور الجديد يوما، ترامب لبناني يتفوق على ترهات الكثيرين ممن يدّعي صفة الفكر والإعلام على الجديد...
رحم الله امرءا عرف حده فوقف عنده...