كتبت خديجة البزال:
في ظل الغلاء الفاحش وتعاظم الأزمة الاقتصادية وانهيار قيمة العملة الوطنية وتدني القدرة الشرائية، وتفاقم المؤشرات التي تؤكد عجز السلطة عن إيجاد الحلول للتخفيف من وطأة الأزمة على المدى القريب يتنامى للشباب اللبناني وبالاخص اصحاب الشهادات العليا الهجرة الى الخارج.
ففي ظل استمرار الضغوط الاقتصادية والمعيشية على الشعب ، ما يدفع الكثيرين إلى البحث عن سبل للخروج من هذا البلد بحثاً عن حياة أفضل بلا ذل .
ولا تتوفر أعداد رسمية لطالبي الهجرة في لبنان، لكن التوقعات تشير إلى نسب هائلة من الراغبين بذلك والأرقام غدت مخيفة والتي تتحدث عن مئات الالاف من اللبنانيين الذين يبحثون يوميا عن بصيص امل للسفر وذلك اما من خلال ذويهم او من خلال نقل لاعمالهم للخارج او من خلال شهاداتهم العليا وكل ذلك يعتبر خسارة وطنية فادحة لا يمكن تعويضها بشيء وبالاخص ان اكثر المتقدمين للهجرة هم من الشباب الواعد والذي من المفترض ان يخدم بلده بالوقت الذي دمرته اركان السلطة وانسته هم الوطن والمواطنة .
توالي الأزمات، التي لن يكون آخرها بحسب المعطيات اشتداد أزمة الوقود وارتفاع أسعار الدواء والخبز والسلع الغذائية الاساسية وفقدانهم ، الامر الذي دفع بأحدهم وهو طبيب واب لولدين ومتزوج من طبيبة للسفر الى كندا وعند سؤالنا عن السبب أجاب :"انا كنت دائما أؤمن بهذا البلد بأنه سيأتي يوم وسنصبح على ما يرام الا انهم خطفوا احلامنا ولم اعد استطيع حتى ان املأ وقود السيارة للذهاب الى المستشفى او العيادة لعلاج المرضى وهذه جريمة بحق كل لبناني في هذا الوطن فمنذ ثلاث سنوات سنحت لي فرص عديدة واغراءات مادية للسفر للخارج الا انني رفضت كل العروض لاني مقتنع ان وطني بحاجة ماسة لي والان انا هاجرت وتركت قلبي في لبنان ودمعة على خد امي المريضة ".
وتتشابه شهادة هذا الطبيب مع العديد من الاشخاص الذين تواصلت معهم فأكدوا أن خيار البقاء كان دائماً مرتبطاً بضرورة الحفاظ على قيمنا الاجتماعية والوطنية الا ان الجوع كافر .
وعند سؤالنا لأحد الاشخاص من مدينة بعلبك عن الهجرة أجاب "لو كنت مهاجراً إلى الخارج لكان وضعنا افضل ووضع الاهل افضل فعلى الأقل كنت استطعت توفير المال لعلاج ابي أو الحصول على فرصة إخراجهم وعلاجهم بدل بقائهم دون دواء ".
ومنذ تدهور سعر الصرف للعملة الوطنية ، تزايد شعور اللبنانيين بضرورة الهجرة فراراً من الأوضاع المعيشية التي تزداد سوءاً يوما بعد يوم ، ومنهم من بدأ بتدارك الموقف والاسراع بتقديم المستندات المطلوبة لذلك .
يتفق اغلبية اللبنانيين على أن قرار البقاء في لبنان هو الأسوأ، في ظل واقع اقتصادي ومعيشي يزداد تدهوراً يوماً بعد آخر، ووجود شروط قاسية للهجرة ، الامر الذي يستدعي تفاقم الغضب ضد القوى السياسية التي تتقاسم السيطرة على البلد.
فهل سيبقى اللبناني المهاجر قسرا يتغنى بخضار جبال لبنان وجمال قممه وشواطئه ويحتسي قهوة فيروز الصباحية ندما على قرار الهجرة القسرية ام ان قيامة هذا البلد ستكون هي بارقة الامل التي نتطلع اليها!؟