كتب الأستاذ حليم خاتون: مازوت إيران، غاز مصر، والحكومة..
عين علی العدو
كتب الأستاذ حليم خاتون: مازوت إيران، غاز مصر، والحكومة..
حليم خاتون
13 أيلول 2021 , 15:23 م
كتب الأستاذ حليم خاتون: جنون اميركا في المنطقة إلى تراجع... تراجع مدروس في العراق، تراجع إلزامي في سوريا، سوف يحصل دون أي شك؛ انسحاب فوضوي من أفغانستان...  لكن، ماذا عن لبنان...؟ في لبنان، "راح

كتب الأستاذ حليم خاتون:

جنون اميركا في المنطقة إلى تراجع... تراجع مدروس في العراق، تراجع إلزامي في سوريا، سوف يحصل دون أي شك؛ انسحاب فوضوي من أفغانستان... 
لكن، ماذا عن لبنان...؟

في لبنان، "راحت السكرة، وإجِت الفكرة"... بعد جنون، وإطلاق النار في كل الاتجاهات من قبل الأميركيين دون تمييز بين تابع أو عميل، وبين بيئة المقاومة... يبدو أن بعض الرشد قد وجد لنفسه مطرح في البراغماتية الأميركية...

بعد صفعات عسكرية متكررة من قبل محور المقاومة في المنطقة بشكل عام... وصفعات المقاومة الإسلامية في لبنان خصوصا، جُن جنون اميركا على حزب الله، فقررت أنه إذا كان لا بد من القضاء على كل الشعب اللبناني بالجوع والفقر من أجل إلحاق الضرر ببيئة المقاومة... لا بأس... 
المسألة "بتحرز"...

حرب اقتصادية ضارية، عقوبات، حصار، منع أي نوع من الاستثمار، منع التنقيب العملي عن الغاز والنفط... دفع الناس إلى التخلي عن المقاومة... منع تشكيل حكومة عبر أكثر من طرف محلي وإقليمي، وبحججِِ واهية لا منطق فيها... كل هذا حصل مع سعد الحريري، وكاد يحدث مع نجيب ميقاتي، لولا شيء ما... شيء ما قد حدث...

ما هو هذا الشيء؟
أكيد، أن عدة أمور حصلت جعلت أميركا تعود إلى البراغماتية المعهودة...

حتى انسحابها من افغانستان، فيه الكثير من هذه الواقعية السياسية...

أميركا، حين تتراجع، تكون قد تأكدت أن خسارتها محسومة...

اعتادت المقاومة على مواجهة النار بالنار... مسلسل هزائم إسرائيل خير دليل على عجز كلب الحراسة الإسرائيلي، عن حماية نفسه...

جاءت اميركا بنفسها إلى العراق وسوريا ولبنان...

ماذا كانت النتيجة؟
تريليونات من الدولارات تتبخر والأمور تتجه صوب هزيمة عسكرية أكثر قساوة من أفغانستان...

اطمأنت اميركا إلى أن المحور الذي يقف بوجهها أقل جرأة وعزيمة في الامور الاقتصادية...
لذلك اختارت الإقتصاد...

اميركا تحاصر كوبا منذ أكثر من ستين عاما... 
خرق هذا الحصار كان يزيد وضع الإتحاد السوفياتي تأزماََ...
لذا لم تعبأ اميركا كثيرا بهذا الخرق... بل سهلت أموره...

إيران محاصرة منذ أكثر من أربعين عاما... 
لا احد.يجرؤ على خرق هذا الحصار...
على العكس تماما؛ جعلت أميركا هذا الحصار وهذه العقوبات أممية حين ابتلع الروس والصينيون  ألسنتهم في مجلس الأمن...

صمدت إيران بقوتها الذاتية...

سوريا محاصرة منذ عشرات السنين...
ليس بنفس قوة الحصار والعقوبات على إيران... لكن أيضاً دون أن يجرؤ أحد على كسر هذا الحصار وهذه العقوبات... باستثناء إيران...

محاصرة دول شيء، ومحاصرة حركات تحرير ومقاومة شيء آخر...

لذلك، عمدت اميركا إلى ضرب لبنان في سبيل ضرب حزب الله...

إيران التي تجرأت على كسر الحصار وقامت بتزويد سوريا بالوقود... فعلت الأمر نفسه مع حزب الله، حين قررت ارسال باخرة المازوت بناء على طلب السيد نصرالله...

لكن السيد نصرالله لم يكتف لتتابع ثلاثة بواخر... بل دفع الأمور إلى تصعيد اكبر حين تحدث عن جلب شركات إيرانية للتنقيب...

ماذا لو جاءت هذه الشركات إلى البلوك رقم ٨ أو ٩؟
وبدأت الحفر تحت حماية حزب الله...

اميركا تعرف انها أعجز من فعل أي شيء على الإطلاق...
لقد استطاع حزب الله اختراق الحواجز الطائفية منذ فترة غير قصيرة... حتى قبل بواخر الوقود... حيث تزيد شعبيته في كل مرة يزيد عيار التحدي ضد الغرب...

اللبنانيون باتوا في حكم اليقين أن المجرم الحقيقي الذي يأخذهم رهائن في حربه ضد حزب الله، هو اميركا...

أميركا التي أتت إلى شواطئ لبنان منذ اقل من قرنين بقليل، يوم كانت اميركا تعزل نفسها عن بقية العالم؛ اميركا هذه، ترى وتعرف أن لهذا البلد دورا مركزيا في بقاء إسرائيل أو زوالها...

الإستمرار في سياسة الحصار والعقوبات كان يعني أن لبنان سوف يذهب من تلقاء نفسه، إلى محور العداء لأمريكا...

صحيح أن في لبنان اليوم قوتين  أساسيتين:

١- محور الشر الأميركي المتحالف  مع الرجعية من أكياس المال العربية  وبقايا ١٤ آذار، مع جزء من فاسدي ٨ آذار  والسلطة الرسمية النظامية التي حكمت  ولا زالت تحكم البلد...

٢- محور المقاومة الذي كلما عجزت السلطة الرسمية في امر ما، تتقدم هذه المقاومة لكي تأخذ هي الدور... هذا ما حصل في الدفاع، وهذا ما كاد يحصل في الوقود...

كل ما فعله حصار اميركا والعقوبات ضد لبنان، هو دفع الناس أكثر واكثر إلى القبول، بل حتى المطالبة بدولة حزب الله في لبنان...

قررت اميركا أنها إذا استمرت على هذا المنوال، لن يطول الأمر قبل أن نرى مشهد أفغانستان يتكرر بشكل من الأشكال في لبنان...

قد تتحمل، وهي تحملت فعلا عدم السيطرة على العراق وسوريا فترات طويلة من الزمن، كان يلعب فيها لبنان دورا مركزيا في حماية المصالح الأميركية.

خسارة لبنان، إضافة إلى كل المنطقة سوف يعني إحكام الطوق حول كلب الحراس، إسرائيل...

لذلك جاءت كلمة السر الأميركية إلى طبول العرب بضرورة العودة خطوة أو أكثر على الوراء... 
قليل من الخسارة قد يُعفي من الخسارة الكاملة...

لكن هذا لا يعني على الإطلاق أن هذه الحكومة سوف تستطيع القيام بعملية إنقاذ فعلية...

إنقاذ لبنان يستوجب قيام دولة، لأن ما كانت اميركا تحميه في لبنان، كان مزرعة...

سوف يستمر بالتأكيد الصراع على هذا البلد بين محورين:

محور يريد بناء دولة قوية عادلة...
ومحور يعرف أن أية دولة قوية عادلة هي ضربة قاضية لمشروع الغرب في فلسطين..

على أذناب اميركا محاولة إفهام اميركا أن ضرب مصالحهم عبر العقوبات والحصار هو ضرب لمصالح اميركا نفسها...
عليهم التحلي بشيء من الكرامة حتى يحصلوا على شيء من الاحترام...
لا اميركا، ولا غير اميركا يمكن أن يحترم أو يحسب حساب الجبناء واهل الذل...

عندما تجرأت المقاومة، تراجعت اميركا... أميركا لا تفهم إلا لغة القوة والمصالح...

ما حصل يجب أن يكون درسا أيضاً لمحور المقاومة...
التراخي مع الأميركيين وعدم إظهار العين الحمراء سوف يشجعهم على التمادي في خدمة إسرائيل على حساب رفاهية وراحة شعوب المنطقة...

اليوم سوف يتحدث السيد نصرالله... 
ماذا عساه يقول، وشعب لبنان لم يرى حتى اليوم  أي مازوت يخفف من الأزمة؟
ماذا عساه يقول في حكومة أتت من قلب نظام النهب والفساد؟

من خرب البصرة، لن يستطيع بناءها... وهذا النظام هو من تسبب بكل هذه المآسي...

لكن، وكما يقول المثل، 
"إلحق الكذاب حتى باب الدار"...

المقاومة، وحزب الله، هم أيضاً، لا يتحركون إلا بعد الوقوع في الهاوية... لذا للقصة بقية مع وجوب استمرار التحدي...