كتب الأستاذ حليم خاتون:
لن يكون هناك مشكلة في ثلاثية جيش، شعب، مقاومة في البيان الحكومي... سوف يتم إيجاد الصيغة المناسبة...
اللبناني حربوق في "التفنيص" رغم جلالة هذه الثلاثية...
لكن ماذا تقول فيمن يتبع اميركا حتى ضد ذاته وضد مصلحة وطنه...
هكذا سوف تعم الأفراح جمهور المقاومة...
لم تستطع أميركا شطب هذه الجملة من البيان الوزاري...
لكن السؤال هو:
أيهما أهم، شطب الجملة، أم تسخيرها لخدمة الثلاثية القائمة فعلا...
ثلاثية النظام القائم، والتي لم يجرؤ أحد، ولا حتى المقاومة، على المسً بها...
إنها ثلاثية المال،السلطة السياسة، والاحتكار... ثلاثية عابرة للقارات والأمم، اسمها الأوليغارشيا...
حام الوزير المسكين الدكتور حمد حسن الذي أراد أن يفعل شيئا، وهو يظن أن عضلات المقاومة تحمي ظهره...
فهم أو أُفهم أنه يستطيع مداهمة مستودع هنا، ومستودع هناك...
لكن من غير المقبول أن يحمل قرارا إلى مجلس الوزراء، يتم إرساله إلى مجلس النواب ويتم بموجبه، وضع حد لنظام احتكار استيراد الدواء كخطوة أولى في رحلة الألف "ميل"... هنا تكمن البطولة؛ هنا سرّ النضال والثورة.
وزير الاقتصاد الذي ذرف دموع تشبه دموع السنيورة في حرب تموز، جال في بعض السوبرماركت، ابتسم أو ضحك أحيانا، وقطب جبينه في أحيان
أخرى قبل أن نكتشف أن جولته لم تخرج بشيء مفيد، ليس لاستحالة ذلك، بل لأن الإرادة لم تكن لفعل ما يجب؛ فالوزير الآتي من عالم المصارف، كان يمكن أن يفكر بأي شيء إلا حماية مصالح الفئات الشعبية على حساب الأوليغارشيا...
وزير الطاقة، أفلح بتأمين آخر "نَصبَة" مع هبة الوقود العراقية التي يقول الجميع أنه تمت السمسرة عليها في دبي وقبل مجيئها الى لبنان...
وزير المال ظل على تواصل مستمر مع رياض سلامة حتى آخر لحظة، على نية تحرير السقوط الكبير من أية ضوابط...
لا ضرورة لإكمال حجم منجزات كل وزراء حسان دياب... فهم، بعد بداية لا بأس بها، عادوا واستسلموا لسلطة نفس هذه الثلاثية الفاسدة، وما لبثوا أن أثبتوا أنهم لا يقلًون طائفية عن جهلة الشوارع... كل عنزة عادت إلى كرعوبها...
رحب الجميع بميقاتي... بما في ذلك المقاومة التي كانت دوما تنأى بنفسها عن التسميات وعن الثقة...
يحق للناس الترحيب والرقص...
(الهبل مش بفلوس...).
الغريق يتعلق بقشّة حتى لو كان يعلم أنها لن تفعل له شيئا...
شربل نحاس، كالعادة، لا زال يصرخ محاولا إقناع أهل السلطة والمال والاحتكار بتسليم الحكم له لكي يعيد هيكلة الاقتصاد... ويعمل على توزيعِِ عادلِِ للخسائر...
شعار صحيح مئة في المئة، فشل الدكتور نحاس في تسويقه لأنه افتقد الكاريزما اللازمة، وافتقد إمكانية التواصل مع الآخرين...
يصرّ الدكتور شربل نحاس على استعداء جمهور المقاومة، وكأن لديه عقدة اسمها حزب الله... أو ربما يريد إثبات استقلالية وحيادِِ، غير مفهومين، عن كل القوى السياسية الكبرى...
يا أخي، يا دكتور، انت رجل علم.
تناوُل المقاومة يكون بالتحليل العلمي، وليس بالشعار الفضفاض ووضع السيدحسن نصرالله إلى جانب الآخرين ببلاهة..
المهم.
طبعا، سوف يهرع ميقاتي لدفع الزكاة مضاعفة لأن الدكتور شربل استطاع إقناعه بفعل الخير بدل تكديس المال الحرام...
اليسار بمختلف أنواعه نائم...
يستيقظ بين الفينة والأخرى.. يصرخ قليلا ضد حيتان المال ثم يعود إلى نومة أهل الكهف... الجماهير صارت مجرد شعار اختباري، وليس ساحة نضال...
القوات والكتائب ينتقدان نظاماََ، هما أساس قواعده...
الكتائب في قلب هذا النظام منذ تأسيس الكيان وكذلك القوات، سواء قبل خروجها عن الكتائب أو بعد ذلك...
عمر شركات الإحتكار من عمر وجود الكتائب داخل النظام...
لم يخبرنا التاريخ أن أياََ من هاتين القوتين قد قدّم مشروعا لمنع هذا الاحتكار أو حتى ضبطه...
أما النظام المصرفي فهو جوهرة شريكهم ميشال شيحا، أحد آباء نظرية الدولة-المصرف... التي قصمت ظهر الوطن وأرسلته الى الجحيم...
مجموعات الNGOs، ركنوا إلى الزاوية. منهم من تلقى التعليمية، وراح يتكلم مع نفسه؛ ومنهم من هو أعجز عن إسماع صوته حتى لأذنيه...
في تسريب عن الحكومة الجديدة انه سوف يجري إصلاح النظام المصرفي وأن الودائع سوف يتم ضمانها...
كيف، وعلى اي أسس سوف يجري هذا؟
جواب يجب أن يأتي من الرئيس ميقاتي، ومن وزير المالية...
الإثنان مسؤولان مسؤولية مباشرة بالشراكة مع بقية أهل السلطة والمال عن الكثير مما جرى...
عندما تنكسر جرة إلى نصفين، يكون من الممكن ترميمها...
حتى حين تنكسر إلى أربعة أو عشرة قطع... تصبح المهمة أصعب، لكن ليست مستحيلة...
أما عندما تتفتت الجرة إلى قطع لا متناهية... عندها، يتوجب إبدال الجرة بواحدة أخرى...
النظام القائم فارط...
ترميمه، إضاعة لوقت ثمين نحتاجه من أجل إعادة بناء الدولة...
السلطة القائمة فارطة، وهما جزء من هذه السلطة... وفارطين مثلها...
هل أسرعت اميركا بتأليف الحكومة، كما أسرعت بإجبار صندوق النقد على ارسال مليار وشوي دولار من أجل إنقاذ هذا النظام...
أم الهدف إطالة عمره حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا...
لمست اميركا جدية الحزب، وجدية إيران في الدخول الاقتصادي بقوة الى لبنان... خافت وأعطت الأوامر بحلحلة الأمور بعض الشيء...
لكن السؤال يعود ويفرض نفسه.
إلى أي مدى يصل استعداد الحزب وإيران السير في لعبة القط والفأر هذه...؟
الحزب الذي راعى "الحلفاء" والنظام بعدم إدخال المازوت من البوابة اللبنانية، هل هو مستعد للذهاب إلى الاخير...
الحزب الذي سوف يجلب قافلة المازوت اليوم الخميس، في عرسِِ مُستَحق، بعد أن أجبر اميركا على "بَلً قانون قيصر وشرب مياهه"...
إلى أي مدى هو مستعد للذهاب؟
ليس ضد اميركا؛.. فهذا أمر مفروغ منه... حزب الله كان، ولا زال، وسوف يظل، عدو الشيطان الأكبر.
لكن ماذا عن عدو الداخل والسكين الذي يطعن في الظهر؟
ثم ان كل التحليلات كانت تقول إن على الحزب استجلاب ٦٠٪ من حاجة لبنان من الوقود شهريا حتى يستطيع كسر الاحتكار...
هذا يوازي اثنتان عشرة باخرة.
ما قام به الحزب حتى الآن، هو استجلاب ثلاث بواخر في أكثر من شهر...
إنها بالتأكيد صفعة على وجه الاحتكار، في زمنِِ، صار من الواجب توجيه الضربة القاضية...
ليس فقط لأن الاحتكار يؤذي الشعب والوطن... بل أيضاً وأيضاً، لأنه ذيل ذلك الشيطان الأكبر...
المشكلة أن الحزب يحارب بقوت الشعب الإيراني وبحقوق الشعب السوري، والطرفان يعانيان من نفس الظلم الذي يعاني منه لبنان، بينما تحارب اميركا باستنزاف ما بقي من ودائع اللبنانيين... أميركا لا تدفع شيئا من جيبها، كما هي العادة دائما...
يزيد الحزب الطين بلة حين يقبل بأن تبقى اسماء الخائفين من العقوبات الأميركية سريّة... إذا أرادوا شراء مازوت إيران...
لماذا؟
على العكس تماما، فلتنكسر كل الجرار مع هؤلاء...
ثم إن تجربة فنزويلا تفيدنا إن الأميركيين عملوا عبر عملائهم هناك في شراء كل ما كانت تستورده الحكومة وتنزله إلى الاسواق مدعوما... حتى استطاعت إفلاس حكومة مادورو...
أليس هناك خوفا جديا أن يقوم هؤلاء بتكرار الأمر في لبنان؟
كل يوم يغوص البلد في الأزمة أكثر... وكل يوم يمشي الحزب في المجابهة أكثر...
هل في هذا مشكلة؟
بالطبع هناك مشكلة، لأن الأميركيين يسبقوننا دائما بخطوة أو أكثر...
ظل تهديد البواخر أشهرا طويلة مجرد شعار، والناس تعاني، وتكاد تكفر...
وسوف يظل تهديد استجلاب شركات التنقيب ربما سنين...
على الاقل نريد التأكد أن الحزب عنده خطط وبرامج مستقبلية وليس مجرد ردود أفعال على الهجمات الأميركية الخليجية...
كأننا بحزب الله يريد الوصول إلى آخر الطريق بمعية الناس...
لا يريد استباق الأمور... وهذا ليس من شيم قيادة انتصرت ولا زالت على طريق الانتصارات..
الحزب يخاف من أية دعسة ناقصة مع أن بيئة المقاومة لا ينقصها لا خبراء ماليين ولا خبراء اقتصاد في كافة الفروع...
المهم، أن لا يسكت الحزب ولا يسمح تحت اي ظرف بالاستمرار في هدر المال المتبقي أو حتى الذهب مع حكومة ميقاتي التي، وإن أراحت العامة، ألا أنها تحمل من الفيروسات الكثير مما يهدد الوطن والاقتصاد وحال الناس لصالح نفس تلك الأوليغارشيا...
حتى الآن من غير المفهوم لماذا لا تكون أعمال اللجان النيابية علنية على الشاشات...
لقد عايش الحزب أزمة معامل الكهرباء وسكت...
عايش مشكلة تسعير الكهرباء ودعمها غير المشروع وغير المجدي... وسكت أيضاً...
لا يستطيع الحزب الإستمرار في لعب دور النعامة...
عندما يفشل في المجلس في حماية مصالح الناس ومصلحة البلد، وسوف يفشل... عليه الخروج إلى الشارع... كما فعل ضد حكومة فؤاد السنيورة...
لا يستطيع الحزب اللعب حسب القانون حين يخرق الباقون كل القوانين وحين تُستباح مصالح الناس...
منذ سنتين والكل يرجو المقاومة أن تتولى هي جمع كل الأيتام من بقايا قوى التغيير وتأسيس جبهة للإصلاح تجابه معهم وإلى جانبهم كل المافيات... لكن لا حياة لمن تنادي...
كأن الله لم يخلق سوى التيار وأمل ليتم التحالف معهما... وعلى اي اساس؟!؟!...
الفريقان، أمل والتيار، لم يتفقا مرة واحدة مع الحزب في تصويت ضد أي قانون يُجرًم الفاسدين، أو يحمي الناس...
على اي اساس تم التحالف؟
إذا كان تحالف الضرورة... جمهور المقاومة لم يعد يريده...
وإلا، ليتحمل الحزب كامل المسؤولية أمام الناس... هو لا يستطيع الإستمرار بالتعويل على نظافة كفه إلى يوم القيامة، وهو ساكت عن الشيطان...
حليف اللص مسؤول أيضاً عن السرقة...
حليف الفاسد، مسؤول أيضاً عن هذا الفساد...
على الاقل... حزب الله متهم بسرقة الجماهير المؤهلة للقيام بالثورة وهذا والله، ليس بالذنب البسيط...