كتب الأستاذ حليم خاتون: الضفة تصرخ: الموت ولا المذلة.
فلسطين
كتب الأستاذ حليم خاتون: الضفة تصرخ: الموت ولا المذلة.
حليم خاتون
27 أيلول 2021 , 22:02 م
كتب الأستاذ حليم خاتون: . في كتاب نسيت اسم مؤلفه، عنوانه "كيف انتصر الفيتكونغ"، يتناول الكاتب حقبة النضال الثوري الذي قاده الحزب الشيوعي الفيتنامي ضد الإستعمار الفرنسي في البدء قبل أن تبدأ الولايات

كتب الأستاذ حليم خاتون: .

في كتاب نسيت اسم مؤلفه، عنوانه "كيف انتصر الفيتكونغ"، يتناول الكاتب حقبة النضال الثوري الذي قاده الحزب الشيوعي الفيتنامي ضد الإستعمار الفرنسي في البدء قبل أن تبدأ الولايات المتحدة الأمريكية بالتدخل بعد هزائم الفرنسيين المتلاحقة على يد القائد الثوري الجنرال جياب...

صفحات خلدت بدايات النضال، يوم كان الفلاحون الفيتناميون يهاجمون الدوريات والمخافر بالسلاح البدائي الذي كان قليلا بين أيديهم، ليغنموا بضعة بنادق لتسليح إخوانهم العزل...

يتساءل المرء أحياناً... 
ماذا ينقص الشعوب العربية اليوم، وماذا كان ينقصها أيام الانتداب...

يرجع المرء إلى التاريخ؛ يقرأ عن ملاحم بطولية مع ثورة ال١٩٣٦ الفلسطينية، يقرأ عن عز الدين القسام، عن المزارعين الفلسطينيين الذين صدقوا جيوش الأنظمة العربية التي كان يقودها البريطاني غلوب باشا في الأردن، أو لورنس في الحجاز... يسمع ببطولات الشهيد محمد زغيب وجيش المتطوعين مع الشهيد الآخر معروف سعد...

يقول الدكتور جورج حبش... إن تحرير فلسطين هو قطعا أكثر صعوبة من أية حروب تحرير أخرى... 
صعوبة تلامس حد الاستحالة، ليس فقط بسبب الانقسامات العربية وضعف الشعور القومي عند عامة الناس الأميين في تلك الأيام وعدم تغليب مصلحة الأمة على كل الجوانب والمصالح الضيقة الأخرى...

أيضاً، ليس فقط لأن الأنظمة الرجعية كانت كلها ضعيفة هزيلة؛ إما خائنة فعلا لقضايا الأمة كما كان عبد العزيز بن سعود، صاحب الرسائل الشهيرة الى الرئيس الأميركي وملكة بريطانيا التي ينظر فيها بعطف إلى عذابات أولاد عمه من احفاد ابراهيم... 
أو خائنة موضوعيا عبر القبول بكل ما كان الاستعمار الغربي يطالب به...

بل لعل أهم سبب لهذه الصعوبة، هو أن هذا الاستعمار كان استيطانيا يمتطي خرافات تاريخية ودينية يعيدها إلى إله موسى، الذي له مكانة رفيعة عند العرب والمسلمين... ويستند إلى كتابات اخترقت الديانة المسيحية في "العهد الجديد"،  وجعلت من أسطورة الهيكل والمملكة الثالثة وعودة المسيح اهم مرتكزات هذا الإحتلال الاستيطاني... 

لا يمكن مقاتلة الأيديولوجيا الزائفة إلا بعقيدة إيمانية تستند إلى حقائق تاريخية دامغة كما كان الحال في جبل عامل...

شيء آخر ربما، هو ما يُطرح من تساؤلات عن القيادات التي أفرزها هذا النضال منذ الأيام الأولى لظهور المؤامرة الصهيونية إلى العلن...

تشير الدلائل التاريخية إلى أن كفة القادة المتذبذبين، ذوي النفس القصير كانت هي التي تميل داخل الثورات الفلسطينية... وألا كيف يمكن تفسير هذا السكون المريب والقبول بكل ما كانت تعمل على نشره الأنظمة الرجعية العربية طيلة تاريخ القضية... منذ قبول أكثرية زعماء الانتفاضات الفلسطينية بتطمينات الأمير فيصل قبل أن يصير ملكا والتي ضمن فيها بشرف القبائل وشرف أبيه وعود لندن لحل الخلافات...
 
لقد وصل الجهل عند هؤلاء درجة أنهم وافقوا حتى على تسمية ما يحصل بالخلاف، ما يعني ضمنيا الموافقة على مزاعم الصهاينة بحقوق تاريخية في أرض فلسطين كما كانوا يدعون...

وإذا كانت النكبة الأولى قد أطاحت بالقسم الأكبر من فلسطين سنة ٤٨، فإن النكبات المتلاحقة الاخرى لم تطح فقط بما بقي من أرض فلسطين التاريخية، بل وصل الأمر بمحمود عباس الى الإقرار الضمني بالتخلي عن أكثر من ٨٠٪ من فلسطين هذه مقابل كرسي عليه خازوق، وعلم باهت حزين لم يجد قيادة تاريخية تدافع عنه حتى يومنا هذا...

صحيح أن أبا عمار يحتل في وجدان الشعب الفلسطيني مكانا خاصا جدا، إلا أن هذا لا يجب أن يعمي أعيننا عن الانزلاقات الخطيرة المتتالية التي وقع فيها هذا الرجل انطلاقاً من وسطية طبعت كل حياته...

سرعان ما اعتاد ابو عمار على مقاومة الفنادق والطائرات ومصادقة ورفقة ملوك الذل العربي ورؤسائه، بعد فترة وجيزة من النضال الفعلي على الرمال وفي الحفَر... 

يقول المثل: من عاشر قوما أربعين يوما، صار منهم أو رحل عنهم... 
ابو عمار بقي معهم ولم يرحل عنهم... بل زاود عليهم في التنازلات، من مؤتمر الجزائر والتخلي عن الميثاق الوطني الفلسطيني الداعي إلى إزالة كيان الاستيطان، إلى اتفاقات أوسلو التي أجهضت حركة الجماهير الفلسطينية ومنعت عنها أوكسيجين النمو الطبيعي، وصولا إلى القبول بتسليم أزلام اميركا الكثير من الأمور حيث قبل بمحمود عباس رئيساً لحكومة الاستسلام القادم تحت شعار نضال سلمي لم نر منه أكثر من نزع حتى ورقة التين التي كان ابو عمار يحاول الحفاظ عليها... 
أما محمد دحلان وأموال الإمارات السامة... فهذه مآساة أخرى من مآسي تعيينات ياسر عرفات... تماما كما زواجه من سهى التي لا تنتهي فضائحها المالية عن تلويث تاريخ رجل كان يجب أن يظل في الجبال وبين الصخور، بدل الانتقال بين فنادق وبنايات في بيروت قبل تمركزه في المقاطعة...

عزاؤنا في أبي عمار أنه اعتقد بإمكانية الحصول على قاعدة انطلاق فلسطينية بالتحايل على ثعابين الصهيونية والبيت الابيض، ولما أيقن استحالة هذا صمد في المقاطعة حتى الشهادة...

على عكس محمود عباس الذي لا يفقد الأمل أبدا، أن توسلاته الذليلة سوف تعطيه ولو  كرسيا مع خازوق، وعلما يحاول به ستر عورات ما ارتكب...

خرج أمس محمود عباس يضيف سنة جديدة على سنين الانذارات القديمة التي بقيت تهديدات دونكشوتية في الهواء... إما دولة فلسطينية... أو أن محمود عباس سوف يحرد ويشتكي الصهاينة ربما عند الأميركيين، أو عند الرباعية الدولية...!!!

ظهر ابو مازن وقد زاد وزنه من كثرة القعود وعدم فعل شيء سوى ربما ملاحقة المناضلين وتسليمهم للاحتلال...

على الاقل، لينقبر ويعلن إضرابا عن الطعام حتى الحصول على أبسط حقوق الإنسان لأهل الضفة... طالما حضرته لا يؤمن بيافا وحيفا والجليل...

إذا كان الامل مفقودا في هذه السلطة، وهو أكثر من مفقود، حيث
 صارت السلطة رديفا من ردائف الإحتلال، تطارد المناضلين وتعمل على اعتقال الأسرى...

ماذا عن القوى الأخرى...
ماذا عن القوى الموجودة في غزة؟

حماس تدعو الشعب الفلسطيني في الضفة للانتفاضة الشعبية العارمة...

على كل من معه مسدس توجيه السلاح إلى صدر المحتل، يقول مسؤول حماس...

كل هذا جيد... 
لكن ما هي أطر النضال الفلسطيني التي قامت حماس بتهيئتها، وهي على رأس سلطة غزة منذ أكثر من عقدين من الزمن؟

حماس التي لها ألاف المناضلين في الضفة، ماذا فعلت لتهيئة الجماهير ليوم كهذا الذي تدعو إليه...

يحق لمناضل فلسطيني أن يدهس أو يطعن أو يقوم بعمل انتحاري، لأن الاحتلال لم يترك أمام الفلسطينيين من مخرج آخر...
يحق لأي امرؤ أن يدعو الشعب الفلسطيني للانتفاضة انطلاقا من حرقة الضعف الذي يعتمر صدور الجماهير العربية...
لكن لا يحق لا لحماس ولا لغيرها دفع الشعب الفلسطيني إلى الموت الرخيص لتتم تهدئة بعد ذلك، حتى وإن أعقبت فترة من إطلاق الصواريخ...

كل يوم يواجه شعب فلسطين بالدم سيوف الاحتلال... ولا يخرج عن الفصائل إلا بضعة تهديدات فارغة ويتم وضع خطوط حمراء، وكل شيء في فلسطين يستأهل خطا أحمراََ...

ما تمتلكه الفصائل هذه الأيام يفوق بأضعاف مضاعفة ما كانت تمتلكه الجبهة الشعبية أواخر الستينيات...
ما لدى الفصائل اليوم، لم يكن الدكتور وديع حداد يحلم حتى بامتلاك حزمة أقل من صغيرة منه يوما...

عندما اقتحم مقاتلو القيادة العامة بطائرات شراعية معسكرا للعدو... كانت الجبهة أقل عدة وعديدا مما هي عليه اليوم... وبالتأكيد ، لا يمكن مقارنة قوة القيادة العامة بقوة حماس...

ليس المطلوب إعادة بناء الابراج فقط في غزة، بل المطلوب أن يعيش الكيان معادلة ان كل حركة ضد أي فلسطيني في الضفة وحتى في الداخل لن يتم السكوت عليها...

الشعب الفلسطيني شعب حي، وقد أثبت ذلك رغم كل الخيانات والتضليل الذي لم تبخل بعض الفصائل على ارتكابه في سوريا وحتى في لبنان...

لكن ليس مطلوبا من الشعب الفلسطيني الموت الرخيص...

عندما سوف تطلب الفصائل من الشعب الفلسطيني الإنتفاض، على هذه الفصائل أن تكون على قدر المسؤولية في الدفاع عن هذا الشعب أو على الأقل في إجبار العدو على دفع أثمان باهظة لكل ما يمكن أن يقوم به ضد هذا الشعب...

حتى داخل أروقة القرار الأميركي، بات الجميع على قناعة أن هذا الاحتلال الى زوال...
كل ما يجب فعله هو الوقوف بحزم خلف شعب منتفض وعدم تركه بلا حول ولا قوة...

على غزة أن تكون هانوي العرب...
إيران قد أثبتت أنها لا يمكن أن تترك غزة تسقط... 
المطلوب قرار المواجهة من قبل الفصائل لأن الشعب يتحمل كل يوم ما هو أكثر بكثير من ممارسات نازية والعالم يغمض عينيه... 
آن الأوان كي تقوم غزة بإجبار العالم على رؤية ما يحدث وليدفع كل واحد الحساب الواجب دفعه...
               

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري