ترجمة عبرية :
ربما أننا وبهدوء بدأنا في التشكك بوجود التهديد الايراني. وربما فهمنا أن الامر يتعلق بـ “امسكوني” المشهورة من ساحة المدرسة الاساسية “.
قبل اسبوعين تقريبا نشر في “هآرتس” أن القنبلة النووية الايرانية قد اصبحت هنا وأن الصواريخ اصبحت في الجو، لكن لم يحدث أي شيء. ورق التواليت في السوبرماركتات لم ينفد ونسبة الحليب طويل الصلاحية لم تنخفض. هذا أمر مفاجيء. ماذا حدث لاستعدادنا المشهور؟ أين اليقظة التي سيمتدحها كل من يشاهدها؟ هل نسيتم كيف خوفونا بالتهديد الايراني؟ كم الاموال التي استثمروها في هذا التهديد؟ وها أنتم ترون، عندما جاء لم يحدث أي شيء، هم يتجادلون حول التطعيم.
لقد عرفنا أن السياسيين يكذبون. ولكن ليس بشأن التهديد الايراني. هنا الحديث لا يدور عن غواصات أو عن الجيش الاكثر اخلاقية في العالم، بل يدور الحديث هنا عن اساس وجودنا. غيمة صلبة من اليقين فوق رأسنا. وقد وثقنا بالتهديد الايراني، ضخمنا لصالحه ميزانية الدفاع وحرصنا على أن نصغي وننضبط مثلما يرغب الحكام. عن التطعيم نحن نريد معرفة كل شيء، أما عن هذا نحن لا نريد.
لم نسأل. التهديد الايراني كان من المواضيع التي قالوا لناعنها “دعكم من ذلك، لا تسألوا، لا توجد أي فائدة من اعطائكم كل التفاصيل، ما الذي تعرفونه عن اجهزة الطرد المركزي. ثقوا بنا، الامر سيكون على ما يرام مثلما كان في الغواصات. نحن وثقنا بهم. لم نسأل اذا كان التهديد الوجودي هو ايضا على ايران أم فقط علينا.
لقد اعتقدنا أنه في طهران يجب أن يتم تفريغ الرفوف في البقالات وليس لدينا. وعرفنا أنه يوجد لديهم ما يخافون منه. كل ولد يمكنه الدخول الى ويكيبيديا ويشاهد أنه يوجد لدينا اكثر من مئة قنبلة نووية وصواريخ عابرة للقارات تحمل رؤوس متفجرة نووية بمدى آلاف الكيلومترات.
فمن ماذا نخاف اذا؟ لقد صدق كاتب المقالات اسرائيل هرئيل. فحسب رأيه يجب علينا أن نهاجم بمواجهة عسكرية فورية، الآن واليوم، وعلى الاكثر عشية انتهاء العيد. الاساس هو عدم الاحتواء، والامر الرئيسي هو عدم الجلوس على المؤخرة والانشغال بمسألة من هو المستفيد من لقاح “فايزر”.
صحيح أن الراحة الكبيرة المصاحبة لهجوم مبكر لها ثمن، لكنه ليس في السماء. اهود باراك قدر في حينه بأن هجوم انتقامي لايران سيتسبب بأقل من مئة جثة. هذا هو ثمن يتناسب حقا مع الفائدة الكبيرة لتدمير ومحو واجتثاث التهديد الايراني الى الأبد. أو على الاقل كالعادة لمدة ثلاثة اشهر.
الحديث يدور عن خسائر قابلة للاستيعاب. عاموس يادلين، رئيس معهد بحوث الامن القومي تحدث عن رؤوس متفجرة تحمل مواد كيميائية وعن سفن انتحارية. المؤرخ اليكس فلرشتاين، المختص بالسلاح النووي، قدر أن قنبلة نووية في وسط تل ابيب ستقتل 84 ألف شخص (طمأننا بأن مدة الاحتضار ستتراوح بين بضع ساعات وبضعة اسابيع).
الحديث لا يدور عن تهديد وجودي بل عن “عملية”. نحن نهددهم وهم يهددوننا. وقد هدد بني غانتس ويئير لبيد من فترة غير بعيدة، وهدد بنيامين نتنياهو وشاؤول موفاز قبلهما. صحيح أن خامنئي قال “لن نستخدم السلاح النووي”، لكن من الذي يثق بشخص مسلم. هذا مجرد خيال شرقي، يختلف كليا عن مصداقيتنا الغربية.
نعم، حتى نحن كذبنا هنا وهناك، لوحنا بـ “مواجهة” و”مصنع النسيج في ديمونة”، لكن مسموح لنا (بسبب الكارثة). يمكننا فهم لماذا نحن لا نثق بهم، لا يمكن الوثوق بنظام متدين، وطني ومتطرف، يعتقد أنه هو هدية الله للعالم.
لا يمكن الوثوق بدولة ترتكز اعتباراتها على جنون رجال دين مصابون بجنون العظمة (القصد ايران، نعم). اذا كان الامر هكذا فلماذا نحن نتثائب عندما تكون الصواريخ في الطريق؟ ولماذا لا نبالي؟ ربما أنه بهدوء ومن خلال ضوء مفاجيء ظروفه مجهولة، بدأنا بالتشكيك بوجود “التهديد الايراني”. ربما فهمنا أن الامر يتعلق بـ “امسكوني” المشهورة من ساحة المدرسة الاساسية، عندما يتشاجر شخصان وينتظران شخص آخر يأتي من غرفة المعلمين وينقذهما من القسم بأن يقتل أحدهما الآخر.
الآن نحن نفهم أن احتمالية أن تسقط صواريخهم علينا تشبه احتمالية أن تسقط صواريخنا عليهم. أي أن الاحتمالية ضئيلة. وأننا احصائيون في الحوار بين اشخاص صم. وأن هناك احتمالية اخرى تثير القشعريرة وبحق وهي أنه ليس فقط النووي الايراني هو الذي يعرض للخطر سلامة العالم، بل ايضا سيطرتنا في المناطق التي يمكن أن تشكل ذريعة لاستخدام القنبلة.
المؤرخ بني موريس كتب هنا بأن الخيار الذي امامنا هو العيش في خوف دائم من ايران أو مهاجمتها (“هآرتس”، 23/9). وهو لم يكتب أن هذا هو ايضا خيار ايران، التي ربما يجدر بها مهاجمتنا وعدم العيش في خوف دائم من دولة عظمى نووية هستيرية.
هآرتس