كتب الأستاذ حليم خاتون:
يجتمع اليوم أمام قصر العدل جمع سوف يحتج على نتائج ما قبلوا به يوم سمحوا لماري كلود نجم باللعب وحدها في الملعب...
كم يشبه هذا الجمع ذلك الجمع الذي جرى قبل أربعة عشر قرناً والذي رفض مقلب عمرو ابن العاص بأبي موسى الأشعري...
مقاومة حزب الله على "الراس والعين"...
لكن كيفما يميل النظر، قلما نجد في من نعرف من قيادة الحزب من هو أكثر يسارا أو أكثر ثورية من أبي موسى الأشعري...
يقول السيد نصرالله أنه ولأسباب، لا يتابع مباشرة على الانترنت ولكن يصله نوع من إيجاز عن كل الامور من "مجموعة من الشباب"... هذا شيء طبيعي؛ في هذا الزمان، لا يستطيع أي إنسان متابعة كل شيء بمفرده...
من هم هؤلاء "المستشارين" وإلى أي مدى لا ينقلون للسيد إلا ما يؤدي إلى بعض السياسات الأشعرية...
عندما يهدد السيد صفي الدين باقتلاع النفوذ الأميركي من لبنان، يذكرنا ذلك بالشعار العربي المشهور، "الزمان والمكان المناسبين"...
ليس المطلوب التهديد... المطلوب اقتلاع النفوذ الأميركي فعلا، والبارحة قبل اليوم...
في لبنان والعالم العربي، لا يمكن للمرء أن يكون وطنيا إلا إذا كان ثورياََ... والذين يريدون البقاء في الوسط ينتهون كما انتهى بعض من كانوا مناضلين... في مزبلة الفساد والتاريخ...
ما حصل في العراق خير مثال...
نحن في حرب مع اميركا وكل ما تمثله اميركا من سوء، قبل حتى أن نولد... هذا قدرنا...
لقد خلقنا الله لكي نظل مدعوسين" من قبل اميركا وأمثالها حتى ننتفض يوما ونعيد إلى ميزان العدالة الإنسانية رونقها..
نحن نسمح لشعوبنا بالتمييز بين الإمبريالية الأمريكية والاستيطان الصهيوني، رغم يقيننا ومعرفتنا بلا أي لبس أن الاولى هي المسؤولة الحقيقية عن وجود وأفعال الثانية في فلسطين وكامل الوطن العربي الكبير ناهيك عن كل البلاد المظلومة على هذا الكوكب...
هناك فرق كبير بين قاسم سليماني أو عماد مغنية وبين الكثير من قادة حزب الله الذين يخرجون على الشاشات والذين يجلسون على مقاعد وزارية أو نيابية... يا اخي حزب الله ثورة وليس "بياع" تشيكليتس...
هذه ليست رومانسية ثورية...
هذا واقع يجب على المقاومة فعلا مواجهته...
الذي أجبر العالم على الاعتراف بوجود شعب فلسطيني لم يكن أبو عمار ولا بالتأكيد وريثه غير الشرعي بومة النحس، محمود عباس...
الذي أجبر العالم على الاعتراف بوجودنا وحقنا قبل أن تضيعه القيادات الانتهازية التي قادتنا إلى أوسلو، هم كل الشهداء والمناضلين والمجاهدين من أمثال الدكتور الشهيد وديع حداد والشهيد ابو حسن سلامة، والشهيد سمير القنطار والشهيدة دلال المغربي وغيرهم مما لا تستطيع ذاكرة راس واحدة تذكره...
لنعود الى طارق بيطار...
يقال إن وزيرة العدل السابقة التي جاءت من المجتمع المدني لمحاسبة الفاسدين والتي لم تفعل شيئا لمحاسبة هؤلاء الفاسدين السيدة ماري كلود نجم أرسلت إلى حزب الله قائلة إن المحقق العدلي في تفجير المرفأ يجب أن يكون مسيحياً!!!
هذه فقط السقطة الاولى...
على اي اساس يجب أن يكون قاضي التحقيق مسيحياً...!!!؟؟؟
جواب الحزب كان المواقفة شرط أن يكون مهنياً وموضوعياََ...
قد يرى الكثيرون في هذا وعياََ وطنياً عند حزب الله...
الحقيقة أن هذا اول تنازل من قبل الحزب لتطييف التحقيق...
هنا بدأ ابو موسى الاشعري سياسة التسليم بمناقشة حقوق لا جدال فيها...
هنا عدنا إلى الموافقة على اعتقال الضباط الأربعة تحت ضغط شارع تحركه مخابرات...
إذا عدنا إلى الوزيرة ماري كلود نجم (المدنية، العلمانية التي تريد حصر التحقيق في التفجير بقاضِِ مسيحي) يحق لنا السؤال:
ممن يأتي الإيعاز بهذا الطلب؟
ثم لماذا لم تعمل الوزيرة الحريصة على محاربة الفساد على تعيين قاضِِ ومحققِِ عدلي لمحاسبة الفاسدين؟
من منعها؟
اصلا، هل حاولت فعلا القيام بأي شيء في هذا المجال؟
طالما أن سوبرمان، القاضي بيطار متلهف لدعوسة الفاسدين، لماذا لم تعينه لهكذا مهمة؟
لو كان طارق البيطار يحقق في مسألة الفساد ويدعو علي حسن خليل ومعه كل الفاسدين الذين يعرفهم القاضي وتعرفهم الوزيرة لكان الشعب يخرج فعلا إلى الشوارع لتحية القاضي السوبر والوزيرة ما فوق السوبر...
لكن وكما يقول المثل، وراء الأكمة ما وراءها...
ليست المسألة محصورة فقط بالمعايير والاستنسابية والتسييس بالنسبة إلى كل ذي عقل ومنطق...
المسألة هي في موضوعية القاضي واحترامه لعقول الناس...
من المؤسف أن بعض الإعلاميين ممن نحترم وقع في هذا الخطأ...
يقول الإعلامي جاد غصن أن ليس على أحد وضع جدول عمل القاضي وتحديد بماذا يبدأ...
لا، بالإذن من الاستاذ جاد... القاضي مُجبر على البدء في التحقيق عن كيفية دخول هذه الباخرة وكان عليه البدء بمساءلة كيف سمحت اليونيفيل بدخول هذه الكمية من المواد المتفجرة والتي على الأرجح لم تكن الوحيدة خاصة إذا عرفنا أن كميات ضخمة من الأسلحة مرت الى سوريا عن طريق لبنان...
المنطق يقول إن هذه الباخرة لم تكن سوى واحدة في سلسلة...
ثم يضيف الاستاذ جاد مجادلا السيد نصرالله بالقول إن الرئيس ميشال سليمان غير قابل للمساءلة لأن الباخرة التي دخلت على عهده لم يتم تفريغها في هذا العهد... حسناََ، باخرة تحمل ٢٧٥٠ من النيترات المخصب بنسبة حوالي ٣٨٪ تدخل الى مرفأ بيروت والرئيس سليمان جنرال عسكري وهو القائد العام للقوات المسلحة ويجب عليه أن يعرف أن هذه النيترات هي متفجرات... هو بريء وليس عليه أن يعرف بينما المحامي علي حسن خليل أو الصحافي نهاد المشنوق ( وانا لا اطيق الإثنين) عليهما أن يعرفا... هذا اسمه دجل إعلامي...
الأمر نفسه ينطبق على القائد السابق للجيش والرئيس الحالي ميشال عون...
يقول الأستاذ غصن أن القانون لا يسمح بمحاكمة رئيس الجمهورية إلا في حالة الخيانة العظمى وأنه ما كان بمقدور القاضي الاستماع إليه والا لكان اتهم بالتسييس!!!
عذر اقبح من ذنب...
من قال إن مسألة الباخرة لا تدخل في خانة جرم الخيانة العظمى... أم أن الأستاذ غصن يعتبر تفجير المرفأ أقل من هذا بكثير...
مشكلة الإعلامي جاد غصن أنه بعد مقابلة رياض قبيسي لم يستطع الخروج من أجواء طحنون بن زايد...
ليس كل ما يقوله جاد غصن غير منطقي...
ولكن خلط الأمور بالشكل الذي فعله الأستاذ غصن يوحي بأن كل همه كان السير في قطيع منتقدي السيد نصرالله لا اكثر ولا أقل...
كان الأجدر بالاستاذ غصن مطالبة السيد نصرالله بإبراز الوثائق التي تثبت اتهاماته للقاضي، وهي موجودة وقد عرف بها الأستاذ غصن نفسه حين أجرى مقابلة مع الصحافي ابراهيم الأمين...
هناك جرائم كبيرة حصلت في لبنان...
قام بهذه الجرائم وفق المنطق أطراف كثيرون...
محاولة إعادة مسرحية جريمة اغتيال رفيق الحريري إلى اللعب من جديد، لم ولا تنطلي على أحد...
جرائم الكيان الصهيوني الكثيرة وغير محدودة العدد والضحايا والخسائر، والمدعومة أميركياََ وغربياً وعربياً على لبنان ليست في وارد المحاسبة من قبل هذا النظام التابع والمنبطح... ومن ضمن هذا النظام ماري كلود نجم وطارق البيطار...
لكن لماذا يخلط القاضي جريمتي الفساد وتفجير المرفأ؟
هل يقصد القاضي أن الفساد هو ما أدى إلى جريمة المرفأ...؟
يقال إن القاضي يستغل جريمة المرفأ كي يطال الفاسدين...
يحتج الإعلامي غسان جواد على ذلك ويقول للقاضي:
هذا مش شغلك!!
بالإذن أيضاً من الاستاذ غسان،
محاسبة الفاسدين هو شغل كل الناس دون استثناء بما فيهم القاضي بيطار...
لكن السؤال يعود مجددا للظهور،
هل يريد القاضي بيطار فعلا محاسبة كل الفاسدين... أم تراه ينتقي الفاسدين على "الطبلية"، ووفقاً للهوى الأميركي الفرنسي البريطاني...
لو كان القاضي بيطار يريد أن يطال كل الفاسدين عن طريق جريمة تفجير المرفأ لبدأ باستدعاء كل الفاسدين دون استثناء ومن كل الطوائف والمذاهب والأحزاب ولانطلق من سؤال كل واحد منهم عن علاقته بباخرة النيترات ليصل إلى عمليات التهريب الكبيرة التي كانت تحصل في المرفأ وكيفية تمويلها والتوصل عبر هذا إلى دك الكثير من المهربين ورجال المصارف وحتى رياض سلامة في السجن، ولكانت المظاهرات الداعمة له تعم الشوارع وتمنع ميوعة النواب ورجال السياسة، بما في ذلك نواب حزب الله من التدخل لوقف التحقيق...
لكن القاضي بيطار لم يفعل هذا لأن همه والتعليمات التي اتته كانت أن يدق بالرئيس بري وبرئيس الجمهورية القادم سليمان طوني فرنجية عبر فينيانوس وزعيتر وخليل...
المشنوق جاء زودة البياع لأن السعودية لم تنس له وقوفه مع سعد الحريري ايام الضرب واللبط في فندق الريتز...
لماذا بري وفرنجية؟
لأن هذا يساعد على تعرية حزب الله عبر ربطه بالفساد في اقل الاحتمالات التي يسعى الغرب أليها... أو في صدامات بين أمل وحزب الله حين يرفض الحزب الوقوف إلى جانب بري في احسن الأحوال التي يسعى إليها هذا الغرب الراعي للعدو الصهيوني ولدول التتبيع العربية ولبقايا عملاء الغرب في لبنان...
يضعف حزب الله ويضعف فرنجية، فيعلو صوت زياد أسود وناجي حايك ويتراجع باسيل عن تفاهم مار مخايل...
يجري الترسيم البحري على هوى الاميركيين ويعود التيار العوني إلى الإنعزالية المسيحية المدعومة غربا...
سيناريو يعمل له الاميركيون وتنفذه قوى وجهات لبنانية...
هل يصحو ابو موسى الاشعري مما ارتكبه قبل الف وأربعمائة عام ويتوقغ عن دفن الرؤوس في الرمال...
أم ينتفض على كل الوضع الحالي ويسعى فعلا إلى جبهة وطنية عريضة عابرة للمذاهب تسعى فعلا لاخذ السلطة والقيام ببناء دولة عدالة وسيادة وقانون؟
سؤال برسم حزب الله تحديداََ...