تعتمرُ النساءُ حول الأرض ليعلموها سحرهن وتمردّهن، كانت أولى النساء أمّنا حواء التي رأت التفاحة إكسير الحياة، فغيّرت موازين الكون، وكشفت وجه الشيطان المخبأ في وجه ملائكي يركع للخالق بكل جمال وطيبة.
عرفتُ حواء ومريم وزليخة وزينب وهاجر وخديجة وغيرهن ممن استطاعوا تغيير قافلة الكون، فالأزمنة لم تلمس المرأة كمفهوم فلسفي وروحاني، ففي عصرنا هذا، تُوجت المرأة الفلسطينية على عرش الصفيح الساخن، فكانت تلينُ الحديدَ بابتسامتها، وتعتقلُ الحزنَ بمشكاتها، كأنّها طيرٌ سَلُمَ من حجارة سجيل..
تمشي حافيةً على صخرة المنتهى، وتراقبُ أطفالها الذين يلعبون بمفاتيح العودة، كأنّهم يخيطون من الأمس ملحمةً مخمليةً، وتطعمهم زيتونها الأخضر، حليبًا يشربونه بشغف التحدّي والإصرار..
هي سيدةُ المواجهةِ وأميرةّ تنتظر أميرها المفدّى على ناصية المجد والفرح، تراهم يا عزيزي القارئ أشداء على المحن، يزفون الشهداء بعرس ينافس أعراس الشرق والغرب، فالموت انبعاث لهن، يتجددن كأوراق الخريف، لا تهمّهن عواصف الشتاء، لأنّ الربيع آت لا محال!
يقولون إنّها أسطورةٌ، ولكنني أراها من رحم المقاومة، أنجبتها القدس لتلّقن نساء العالم دروسًا في الوطنية والإباء، فمنهنّ لم تترك أرضها قط، حتى لو تهدّم البيت وترحّل الرجال إلى معتقلات الشياطين، إلا أنّها كانت تبقى تنتظرُ، لكن ماذا تنتظرُ؟
هل تنتظرُ ظلّ الشمس أو جيوش العرب الذين جعلوها كلّ ليلة تغفو على دموع الخيبة والألم؟
تتوجه فلسطين في عيد المرأة الفلسطينية إلى توجيه تحية شكر ووقفة تقدير لعظمتها، فهي التي جعلتنا غير قادرين على نسيان فلسطين وقضيتها...