تحل، الجمعة 29 تشرين الأول 2021، الذكرى الـ65 لمجزرة كفر قاسم بفلسطين التي ارتكبتها قوات "حرس الحدود الإسرائيلية"، وأسفرت عن استشهاد 51 شخصا من سكان البلدة، بينهم أطفال ونساء ومسنون.
تعتبر مجزرة كفر قاسم حلقة في سلسلة المجازر الإسرائيلية التي لا تحصى بحق الشعب الفلسطيني، ارتكبتها قوات حكومة الاحتلال الإسرائيلية بحق أهالي البلدة عام 1956، ضمن خطة ترحيل فلسطينيي منطقة «المثلث الحدودي» (بين فلسطين 1948 والضفة الغربية التي كانت جزءا من الأردن)، و التي تقع فيها بلدة كفر قاسم، من خلال ترهيب سكانها.
تميزت عن باقي المجازر بتزامنها مع العدوان الثلاثي على مصر. الذي شنته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، بعد أن أعلن الرئيس المصري جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس. حيث استغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي المسماة «حرس الحدود» الانشغال بالعدوان على مصر لتنفيذ المجزرة البشعة، وذلك بعد تطويق البلدة من جهات ثلاث، وابقاء الجهة الشرقية نحو الضفة الغربية مفتوحة، في دلالة على مسعى تهجير السكان. ارتبطت المجزرة بأسماء عدد من العسكريين الإسرائيليين أمثال الضابط «يسخار شدمي» الذي استدعى شموئيل ملينكي، وأبلغه بقرار تكليفه مهمة حراسة الحدود، وفرض منع التجول في قرى عديدة من بينها كفر قاسم، ومن ثم أعطى التعليمات بارتكاب المجزرة.
فالأهداف التي ارتكبت من اجلها المجزرة لا تزال قائمة، ولكن كما قال الشاعر والقائد الفلسطيني والمناضل الشيوعي الراحل توفيق زياد: “فشروا” هذا وطننا واحنا هون باقون كالصبار والزيتون” ولن نرضى بديلاً عن وطن الحب والوئام، وطن المستقبل، الذي ولدنا وترعرعنا وكبرنا وسنموت وندفن فيه.
تفاصيل المجزرة
وفي تفاصيل المجزرة أعطت قيادة الجيش الإسرائيلي أمرا يقضي بفرض حظر التجول من الساعة الخامسة مساء وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، فيما طلب قائد الكتيبة شدمي، من ملينكي، أن يكون تنفيذ منع التجول حازماً بإطلاق النار وقتل كل من يخالف وليس اعتقاله، حيث قال له "من الأفضل أن يكون قتلى على تعقيدات الاعتقال، ولا أريد عواطف"، فما كان من ملينكي إلا أن أصدر تعليماته لقواته بتنفيذ قرار حظر التجول دون اعتقالات وأبلغهم بأنه "من المرغوب فيه أن يسقط بضعة قتلى"، ومن ثم قام بتوزيع قواته على القرى العربية في المثلث.
وتوجهت مجموعة من قوات حرس الحدود بقيادة الملازم آنذاك جبريئل دهان إلى كفر قاسم، إذ قام بتوزيع قواته إلى أربع مجموعات، بحيث بقيت إحداها عند المدخل الغربي للبلدة، وأبلغوا مختار كفر قاسم في ذلك الوقت وديع أحمد صرصور، بقرار منع التجول، وطلب منه إبلاغ الأهالي بذلك، حيث رد صرصور بأن هناك 400 شخصا يعملون خارج القرية ولم يعودا بعد ولن تكفي نصف ساعة لإبلاغهم، غير أنه تلقى وعدا من قبل مسؤول مجموعات حرس الحدود بأن هؤلاء الأشخاص سيمرون ولن يتعرض أحد لهم، وفي تمام الساعة الخامسة مساء ارتكبت قوات حرس الحدود مجزرة كفر قاسم.
وحاولت الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت إخفاء جريمتها، غير أنها لم تستطع، فقد بدأت الأخبار تتسرب، إلى أن أصدرت الحكومة الإسرائيلية بيانا يفيد بنيتها تشكيل لجنة تحقيق بما حدث، وتوصلت اللجنة إلى قرار يقضي بتحويل قائد وحدة حرس الحدود وعدد من مرؤوسيه إلى المحكمة العسكرية، لتستمر محاكمة منفذي المجزرة حوالي عامين.
وفي السادس عشر من تشرين الأول/ أكتوبر لعام 1958 أصدرت المحكمة بحق مرتكبي الجريمة أحكاما متفاوتة بالسجن، تتراوح ما بين 15-17 عاما، بتهمة الاشتراك بقتل 43 عربيا، بينما حكم على الجنود الآخرين السجن الفعلي لمدة 8 سنوات بتهمة قتل 22 عربيا، غير أن هذه العقوبة لم تتم، فقد قررت محكمة الاستئناف تخفيف المدة، حيث أطلق سراح آخرهم مطلع العام 1960، فيما قدم يسخار شدمي، صاحب الأمر الأول في المذبحة في مطلع 1959 وكانت عقوبته التوبيخ، ودفع غرامة مقدارها قرش إسرائيلي واحد.