الصحفي المصري إبراهيم سنجاب .. يكتب عن السيد عبد الملك: أنا أحب هذا الرجل وليكن ما يكون..  ماذا جرى للعقل العربى ؟
مقالات
الصحفي المصري إبراهيم سنجاب .. يكتب عن السيد عبد الملك: أنا أحب هذا الرجل وليكن ما يكون..  ماذا جرى للعقل العربى ؟
إبراهيم سنجاب
1 تشرين الثاني 2021 , 18:48 م
كتب الأستاذ إبراهيم سنجاب: منذ اجتياح بيروت ثم غزو الكويت فاحتلال بغداد، أصبحت أمة العرب مهيأة لاستقبال مشاهد تالية لاحتلال عواصم أخرى بمعرفة ( العدو والشقيق معا ) لا أكثر ولا أقل. والذي جرى أن هذا

كتب الأستاذ إبراهيم سنجاب:

منذ اجتياح بيروت ثم غزو الكويت فاحتلال بغداد، أصبحت أمة العرب مهيأة لاستقبال مشاهد تالية لاحتلال عواصم أخرى بمعرفة ( العدو والشقيق معا ) لا أكثر ولا أقل. والذي جرى أن هذا العقل أيضا جرى استئناسه ليكتفي بمصمصة الشفاه عندما يرى زعيما بحجم صدام حسين تشنقه أمريكا وعملاؤها في فجر عيد الضحى، ويرى الفئة الباغية وهى تعذب الأسير معمر القذافي قبل أن تقتله بدم بارد.

ومن بين ما جرى أننا كعرب نقف فأغرى الأفواه أمام مشاهد القتل والذبح وحتى نريح ضمائرنا ( التي لن تستريح ) ننتظر فتوى من هذا الشيخ أو (تويته ) من ذلك الداعية أحدهما يراهن على الجنة بقتل العربي لأخيه العربي على شاشة الجزيرة، والآخر يراهن على قتلهما معا على شاشة العالم.

الذى جرى أننا نستبدل الشر بالشر المطلق والظلم بالقهر والحريق بالجحيم ونار الدنيا بنار الآخرة ، وتاهت اناشيد الحرية والعدل والمساواة والديموقراطية في أوطان تنتهك حدودها الجغرافية بعلم الوصول من بعض أبنائها الذين محقت أنانيهم وانتماءاتهم الطائفية تبريراتهم الكاذبة للتدخل الخارجي في شئون بلادهم .
الذى جرى أننا عشنا عشرات السنين نتغنى بالحرية والديموقراطية ونحن لا نراها ولا ندركها ولا نعرف ما هي بالأساس فقط نغنيها في المدارس وندافع عن الزعيم الملهم ورجل المرحلة الذى ساقته الأقدار في ظرف تاريخي عصيب، بينما بلادنا تقضم وتحتل وتنقص مساحاتها ويهجرها مواطنوها كرها أو لجوءا أو هروبا ، ولم نعرف في حياتنا إلا الزعماء التاريخيين حتى مدرس الفصل كان زعيما تاريخيا !
وانطلاقا من هذه الفرضية التي لا تمثل إلا سببا وحيدا قد يكون صحيحا من وجهة نظري ( وقد لا يكون في رأى آخرين) من بين عشرات الأسباب التي أدت إلى قبول العقل العربي وعدم اكتراثه أو اعتراضه في صمت في أفضل الحالات على مآسي تهديد العواصم وتسليمها لدول خارجية ومسلحين أجانب ، بنصف إرادة وطنية رايتها سوداء أو صفراء يحملها طائفيون ومذهبيون وأصحاب مشروعات سياسية لا ترى في الاستعانة بالأجنبي ( دولة – تنظيم – مسلحين ) عيبا أو نقيصة ، أو موت لضمير وطني جامع في مقابل إحياء قيمة تنظيمية سرية مشبوهة المصدر ضيقة الأفق .

لماذا الحوثي؟

القوميون من العرب يقولون إنه زعيم جماعة مسلحة، وهذا صحيح ولكنهم يتجاهلون الاجابة عن سؤال بسيط، لماذا هي جماعة مسلحة؟ ولماذا كان يجرى قتلهم وقصفهم على مدى 10 سنوات كاملة قبل ثورة اليمن في 2011، وهل هم الآن مستعدون للتنازل عن سلاحهم أم لا، وإذا كانوا هم مستعدين فلماذا لا تتوقف الحرب الظالمة على اليمن وتبدأ آليات ترتيب نزع سلاح جميع الفصائل المتقاتلة بما فيها تنظيم القاعدة الذي يسيطر على مدن يمنية كاملة لم تطلق عليها قذيفة واحدة من تحالف الحزم الخليجي؟ !

الطائفيون من العرب يقولون إن (جماعة الحوثي) متشيعين لإيران وهم يعلمون جيدا أنهم مسلمون كأفضل ما يكون المسلم وأن مذهبهم الزيدي هو مذهب وسطى معتدل ومعتبر لدى السنة قبل الشيعة بشهادة كل علماء الأزهر الشريف، هذا على المستوى الديني. أما على المستوى السياسي وهو لب أزمة اليمن، فإن كنت منصفا فقد مد هؤلاء الناس وغيرهم أياديهم لكل العالم العربي وراحوا يمينا ويسارا يطلبون الرأي والمشورة ولكنهم لم يجدوها بحيث ظهر المشهد وكأنه يجرى إذلالهم ونفيهم والتبرؤ منهم وحصارهم واضطرارهم لارتكاب خطيئة طلب ما لم يجدوه عند العرب من إيران الطامعة فيهم وفيمن هو أغنى منهم وأقوى من دول العرب. ولو استوى منطق العرب لقاتلوا الايرانيين على حدود السعودية من جهة العراق وهم يهددونها بالفعل، ولمنعوا العمالة الايرانية في الخليج على الأقل ولن نقول لحاربوا من أجل جزر الامارات الثلاثة فلن يفعلوا، وهناك من يكشف عن وثائق لا نعرف إن كانت صادقة أم كاذبة تزعم بأنها بيعت لإيران في زمن الشاه!

لماذا الحوثي؟

منذ عام وأنا أتابع كل كلمة تصدر عن هذا الرجل وأتابع بعض السائرين في دربه وأقسم بالله إنني لم أرى منه ومنهم إلا الصدق في الكلمة والتصرف حتى في إعلامهم المحدود بحدود اليمن الفقير بماله الغنى بأخلاقه وبتراثه وحضارته، هل ارتكبوا أخطاء سياسية؟ نعم. هل ارتكبوا أخطاء عسكرية؟ نعم. هل هم جاهزون لإصلاح الخطأ؟ نعم. أما السؤال الأهم هل غيرهم لديه الشجاعة للاعتراف بالخطأ؟ أعتقد لا. هل لدى الآخرين نية للتراجع عن الخطأ؟ لا وأخيرا هل سيستمر الحال على ما هو عليه من قتل وذبح وقصف للمباني والمعاني والنساء والأطفال والمقدرات؟ بالتأكيد لا؟ ويوما ما وربما هو يقترب سيتوقف كل ذلك. ولكن الجرح غائر والألم قد لا يحتمل وسنوات أخرى من الفقر لا تطاق.
 

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري