كتب الأستاذ حليم خاتون: أيديولوجية التعتير بين أرجل الزبائنية والطوائف.
دراسات و أبحاث
كتب الأستاذ حليم خاتون: أيديولوجية التعتير بين أرجل الزبائنية والطوائف.
حليم خاتون
4 تشرين الثاني 2021 , 16:17 م
كتب الأستاذ حليم خاتون:  في الطيونة، سقطت أيديولوجية التعتير... لم تكن هذه السقطة الأولى... لقد سقطت هذه الأيديولوجية منذ اليوم التالي لاندلاع الحرب الأهلية سنة ٧٥... قد يكون الثائر الأممي غيفا

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

في الطيونة، سقطت أيديولوجية التعتير...
لم تكن هذه السقطة الأولى... لقد سقطت هذه الأيديولوجية منذ اليوم التالي لاندلاع الحرب الأهلية سنة ٧٥...

قد يكون الثائر الأممي غيفارا هو أول من تحدث عن هذه الايديولوجيا، حين اعتبر أن البؤس هو أهم عوامل الثورة من أجل التغيير... وكانت النتيجة أن وشى به وبالثوار راعي غنم فقير إلى درجة ما تحت البؤس...

نفسه غيفارا اختبر عدم صحة نظريته هذه، حين ذهب إلى الكونغو لمساعدة الثوار، حيث اكتشف أن هؤلاء كانوا بمعظمهم مجموعة من البؤساء الذين لا يقلون رجعيةََ وفساداََ عن السلطات، وإن جل همهم هو السكر وممارسة الدعارة...

عندما صرخ الاستاذ رؤوف في مسرحية نزل السرور عن أهمية أيديولوجية التعتير لقيام الثورة، لم يختلف كثيرا عن معظم قيادات الحركة الوطنية والحزب الشيوعي ومنظمة العمل...

 مجموعة من أنصاف المثقفين، تقود مجموعات من أنصاف البؤساء، قرأت ربما صفحة أو اثنتين من انتاج نضالات ثورية عالمية تجاوزت المئة عام، ثم رأت أن تسلم القيادة إلى أحد أهم رجال الإقطاع في الجبل، ثم وبكل البؤس الممكن تخيله قامت بتوريث هذه القيادة إلى أبنه البيولوجي في أحد أكثر مسرحيات التوريث السياسي بؤساََ في تاريخ هذه المنطقة...

عودة إلى أيديولوجية التعتير البائسة...
ما حدث في الطيونة، وما حدث أثناء الحرب الأهلية... لا يختلف في الجوهر عما حدث مع إعلان جمهورية طانيوس شاهين في الجبل...
تتكون المشاكل الاقتصادية، ويبدأ كل الناس بالتذمر...
لكن ما أن يبدأ أي حراك يبتغي التغيير، حتى يتقوقع كل "معتر" خلف طائفته، وخلف زعماء هذه الطائفة...

أيام طانيوس شاهين، كان الصراع مسيحي درزي...
في حرب ال٧٥، صار مسيحي اسلامي...
في الطيونة، حمل صبغة ماروني شيعي...

سوف يخرج من يقول إن جزءًا كبيرا من الموارنة كانوا ضد القوات، أو أن ليس كل الشيعة كانوا على الارض او مع الأرض...

ربما... لكن الأكيد أن الحشود من الطرفين كانوا من المعترين...

المأساة أن أكثرية من كانوا على الارض من الطرفين، كانوا من الرعاع...
عذراً من الشهداء...
لكن عذراً اكبر من الضحايا...

من المؤكد أن الكثير ممن كان في التظاهرة لم يكن يوافق على إطلاق تلك الهتافات الطائفية الفارغة...
من المؤكد أن الكثيرين ممن كانوا في تلك التظاهرة، كانوا ضد التخريب والتكسير...

من المؤكد أيضاً، أن بعض البؤساء في الطرف الثاني كانوا تحت تأثير التعبئة الطائفية التي مارستها وتمارسها ابواق الفاشية القواتية،
فتصرفوا على هذا الأساس...

من المؤكد أن القناصين كانوا يتعاطون مع الآخر بنفس الصلف الذي كان الاميركيون البيض يقومون فيه بقتل الهنود الحمر بناءََ على نظرية التفوق العرقي والديني...

إنها همجية البشر... إنها النفس الأمارة بالسوء...
ليس من الضرورة بشيء التذكير بأن احداََ، لن يطال ابطال التعبئة الطائفية في الشارعين على حدً سواء...

كما قال الدكتور حسام مطر...
"اللي مات، راحت عليه..."

و"اللي راح ينكب بالحبوسة، راحت عليه كمان"، كما ردد الإعلامي غسان سعود...

المستفيد من هذا، كما في كل مرة، هم الفاسدون والطائفيون الذين يقودون هذا البلد...

عودة إلى ١٧ تشرين...

خرج "المعترون" من كل الطوائف، يلعنون الفاسدين...

ارتجف الفاسدون من كل الطوائف في قصورهم...

زادوا من سرعة تحويل الاموال الى الخارج... والحقيقة تقال،
كانوا في التعامل، بعضهم مع البعض الآخر، حضاريين إلى آخر الحدود... كذلك كان رياض سلامة...
لم ينبس أي منهم باسم يسوع أو محمد أو علي... في غمرة انشغالهم بتحويل الأموال وتهريبها, نسوا هذه الأسماء...

لكنهم ما لبثوا أن توافقوا على وجوب العودة إلى رفعها في الشعارات في كل الشوراع... حتى يتلهى الرعاع وينسون السبب الحقيقي، والمسبب الفعلي لكل مآسيهم...

ما أن نطق أحدهم باسم السنيورة حتى رد عليه الآخر لاعناََ بري...

اسطوانة الفساد عند القواتيين 
والكتائب، عنوانها باسيل... لأن ذكر اسم رياض سلامة سوف يجر عليهم فضائح فساد برعوا في تغطيتها تحت نغمة الإقصاء والسجن والنفي...

لم يستطع التيار الإجابة لأنه كان غاطس في هذا الفساد حتى أذنيه...

هو ركز على رياض سلامة ولمح إلى الباقين تلميحا...
لم يدافع عن نفسه بالمنطق...
دافع عن نفسه بالحصانة الدينية...

ربما يحق للسيد نصرالله الخوف من الثورة، لأننا في لبنان، ليس عندنا ثوريون...

نحن لا نزال في مرحلة الانتماء الطائفي... 
لا نزال في الثقافة الطائفية، حتى لو ألبسناها كل اللباس الإنساني الذي نسرقه من العظماء، ثم نسخره لجهلنا وعصبيتنا...

اقصى ما قرأه اللبناني هو ترتيل دون وعي او فهم للإنجيل أو القرآن...
أجل، مجرد ترتيل، لا وعي فيه...

اقصى ما سمعه هو بضعة اغان جميلة وسط فيضانات من الاناشيد التي تخاطب القلب أكثر مما تهتم بالعقل...

أما أقصى ما سمعه، فهو كلام نساء الأفران الذي تردده الشاشات حين تستضيف حثالة الصحافة والثقافة السياسية...

وللأمانة، هذا ينطبق على كل الأطراف دون استثناء...

إنه منطق أن تجد في مقدمة الحضور في المهرجانات السياسية، دكاترة ومهندسين واقتصاديين يصفقون بحماس لكلام فارغ يتلفظ به جاهل صار زعيماً في غفلة من التاريخ....

أنها معركة الوعي...
كيف يمكن الانتصار فيها؟

إذا كان الأمر في لبنان صعباً جداً، فأنه في بلاد الجزيرة العربية شبه مستحيل...

ما هو الوعي؟
هنا السؤال...
الوعي أيضاً يتطور مع تطور المجتمعات...
نحن لا نزال في مرحلة الوعي القبلي أو العشائري...
حتى الوعي الوطني لا يزال بعيد المنال...
لا يوجد حتى ثقافة وطنية...
الوطن هو بنطال نرتديه وفق الحاجة...

الفلسطينيون الذين ذهبوا في القرن الماضي يقاتلون من أجل الجمهورية في إسبانيا، ذهبوا كالغنم لأن الكراز لم يقل لهم أن بلدهم في طور الابتلاع من قبل الصهاينة...

مقاتلوا حماس الذين انجرفوا في انهار التكفيريين... نسوا فلسطين وعادوا بوعيهم التافه إلى ذلك الخلاف الأبدي على خلافة ضاعت بين أيدي تجار مكة وتجار بلاد الشام، وعصبية السفيانيين ضد بني هاشم...

اللبنانيون الذين يطبلون لبن سلمان، يقيسون المسألة من خلال نظرة الربح والخسارة المادية...

الكرامة أو السيادة ليست أكثر من مطية لمصالحهم الضيقة...

القواتيون الذين هرعوا يوما إلى عرسال، لم نرهم في القاع أو دير الاحمر يهرعون بالسلاح للدفاع عن هذه القرى في وجه داعش...

في نظر شارل جبور، طالما أن داعش هي ضد حزب الله، فهي حليف حتى لو أتت على كل المسيحيين عن بكرة أبيهم...

وأولئك الذين في كل عرس يخرجون هاتفين "شيعة شيعة"، هم لم يعرفوا علياََ يوماً، ولا عرفوا أخلاقه، ولا إنسانيته...
هؤلاء مجرد رعاع، لا يختلفون عن الدواعش إلا في موقع الولادة فقط...

هل هذا اعتراف بأن السيد على حق... وبأن الحزب على حق في التروي والبعد عن الحماس الشعبي...

هو نصف حق... هي نصف حقيقة...
لا يجد المرء نشاطاً فعالاً لحزب الله في رفع هذا الوعي إلى حيث يجب أن يرتفع...

حزب المستضعفين، لا يزال في صومعة المستضعفين الشيعة...

تجاوز هذه الصومعة جزئياً...
وفي حالات شبه فردية...

لكن في الإجمال، لم يستطع مخاطبة مستضعفي الطوائف الأخرى...

عندما يحصل فشل مشابه...
لا يمكن لوم الناس...
بل يجب لوم القيادات التي لم تعرف كيف تتحدث مع الناس...
                  

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري