كتب د. محمد كاظم المهاجر:
منظور فكري :
أيُّ بُعدٍ وآفاق في صراع الحق مع الباطل ؟
{الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ}./ آل عمران 173 .
منهج فكري لم يعد بحاجة الى تبيان بعد الذي ساقه على المستوى العالمي، وعبر كبار المفكرين , حيث يؤكدأنّ الفكر علبةللإرادة، فإذا ما توفر الإمكان أخذت الإرادة وجودها بالفعل الإرادي المادي المرئي للعِيان , تلك ليست دلالات الفكرالمطلق فقط،وإنّما إثباتاتها أيضاً أتت، من خلال استقراء ظواهر الوجود بفعل الانسان وتجربته. وعليه، في تناول موضوعنا المعنون أعلاه، لابد من عرضٍ موجز للتذكير بمعطياتٍ دوليةٍ، من أجل الدلالة لما سنذهب إليه :
- استقراء التاريخ يؤشر لنا تشكل منظومة من الأعراف السائدة التي تفرز ضوابط السلوك المقبول او عدمه بين الدول , سواء في ظل الحرب أو السلم؛ ويدلل على ارتباط هذه الأعراف ارتباطاً وثيقاً بنظرية الحرب العادلة، وبالفكر الليبرالي بصورة عامة، والتي أصبح أغلبها مصنفاً ضمن القانون الدولي والمؤسسات الدولية، تستقي من هذا الفكر (حقوق الانسان) المنظمات الدولية المتفرعة عن الأُمم المتحدة: منظمة التجارة العالمية، صندوق النقد الدولي، البنك الدولي ..............الخ ).
_ الفكر الليبرالي، في مراحله الأُوَل، منح الشرعية للاستعمار الغربي الدُّوَلَ والشعوب النامية، وفي الفترةالتي تلت انتج الفاشية والحربين العالميتين،كما يؤكد ذلك المفكركارل بونيي،كما شكل غطاءً لحالة التبعية، لابل كرّسها بنظم وأعراف(نظام النقدالدولي بعدبروتون وودز ، حق النقد والفيتو، الوصاية على الدول .................................... الخ ).
وفي مرحلته المعاصرة، عصر العولمة، يعضد أشكال الهيمنة، ويكرس الاحتكارات العالمية، كادوات إذعانٍ وتفوق وضغط( ميدان التكنولوجيا , الهيمنة على التدفقات المالية , حقل الاتصالات والإعلام، ميدان الأسلحة، احتكار موارد الكوكب الطبيعية)، وكل ذلك مقرون بسلوكٍ ترسّخ أيضاً كأعراف(العقوبات على الدول والأفراد والانصياع لها، وتحديد شكل النظم وسياق أدائها )؛ ورغم كل هذا السياق الليبرلي الانكلو سكسوني، وعندما تتطلب الهيمنة معطياتٍ خارج هذا السياق، نجدها تُفرِزُ أشكالاً من الكذب والخداع، خارج هذاالسياق الذي أشرنا اليه،رغم أنّ الغرب الليبرالي صنع أشكالاًمتعددةوواسعة، لايتسع المجال لتناولها هنا، ولكن نشير إلى كتاب المفكر جون جي"ميرشمر" (لماذا يكذب القادة ) الذي يستعرض فيه أشكال الكذب الليبرالي، وهي لاتحصى ونتائجها كارثية على الانسانية.
ولكن أودُّ أن أُشير هنا، إلى الكذبة الكارثية التي أطلقها الأمريكيون، والمعروفة لكل العالم عند عدوانهم على العراق عام2003، بذريعة امتلاكه لأسلحةالدمارالشامل،بعدحصاروحشي أدّى إلى كارثة إنسانية.
_معطيات الوضع الدولي الراهن بعد زوال الاحادية القطبية والتخبطات الامريكية وفشلها في اكثر من موقع كان اخرها في افغانستان وسوريا وتصاعد الاحتدام مع روسيا والصين الذي يشير الى قادم لاتحمد عقباه مما حدى بامريكا وفق مؤشرات قد رشحت الى عزمها ترك المنطقة العربية الاسلاميةلصالح تحشدها بأتجاه الصين .
_هذا الوضع الدولي يعكس نفسه على أوضاع منطقتنا؛ فتكريس الكيان الصهيوني، كقوة إقليمية مهيمنة، قد أُفشل، بسقوط مشروع الشرق الأوسط الجديد، وحالته، بعد توازن الرعب مع المقاومة، تجعله في الموقف المهتز والمرتعب، وما محاولات التطبيع، بعد أن فشلت صفقة القرن،إلّا سبيل لتعبئة كل السائرين بركب المخططات الأمريكية الصهيونية، وكل العملاء الباحثين عن بقائهم في الظل الأمريكي الصهيوني .
والسعوديةالتي كانت تمني النفس بأن تكون قوة إقليميةً، بتفويض أمريكي، أرادت العبور إليه بالتذلل والانصياع، وقبول الإهانات العلنية من أمريكا، ولكن بخلفيتها المُهَلْهَلَةِ وفكرِها الوهابي المتخلف، جاءت سياستها الإقليميةالفاشلة،فهي اليوم على أبواب الهزيمة، أمام صمود اليمن وبطولاته، وكلُّ دسائسهاومؤمراتها السائرة في الركب الصهيوني، قدأُسقِطت هي أيضاً في سورياوالعراق وفلسطين...ووضعها الداخلي مأزوم، حتى بين أفراد العائلة المالكة.
لذا نرى تخبطها الهستيريّ، وعرض عضلاتهافي لبنان بحجة واهية، لتغطي على هدفها: تخريب بيئةلبنان الحاضنة للمقاومة، عبر التخريب الِاقتصادي والسياسي.
#-المخاض الذي يمرُّ به الوضع العالمي، والذي كتبنا عنه سابقا، والمنعكس على أوضاع منطقتنا، يؤشِّرُ لِانقسامٍ عاموديٍّ يعصف بالمنطقة.
كل قوى التطبيع والباطل، وكل أذنابهم، حتى على المستوى الفردي والشخصي للعملاء والمضللين، تصطف اليوم، وهي تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة،بعدأن هُزِمَتْ في اليمن وسوريا ولبنان وفلسطين، كما هُزِمَتْ في ضمير كلِّ إنسان عربيٍّ ومسلمٍ شريف.
ويصطف، في المقلب الآخر، كل قوى الحق المؤمنة بحريتها وكرامتها، تصطف مع محور المقاومة، ليؤكِّدوا أنَّ قوى الخير على أبواب النصر، وأنّ فلسطين هي القضية والعقيدة،ومعيار النهج، وأنّ زوال الكيان الصهيوني حتمية تاريخية، وأنّ كل المطبعين مع هذا الكيان إلى مزبلة التاريخ.
إنّها فترات المخاض لعالم قادم، بكل تأكيد، حيث ينتصر الحق على الباطل .