كتب الأستاذ محمد النوباني:
صحيح ان زيارة وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة عبد الله بن زايد إلى دمشق تعكس في جانب منها إعترافاً بهزيمة المشروع الذي مولته ودعمته ورعته الإمارات إلى جانب مجموعة من دول الإقليم والعالم ،لتدمير الدولة السورية كما قال سيد المقاومة في خطابه بمناسبة يوم الشهيد أمس.
ولكن يخطئ من يعتقد بأن تلك الزيارة وحجيج بعض العربان إلى دمشق هو الإنتصار الذي يبحث عنه و ينشده جمهور محور المقاومة في المنطقة.
فإنفتاح الإمارات والسعودية ودولاً عربية أخرى على سوريا لم يكن تعبيراً عن صحوة ضمير مفاجئة او إنعكاساً لرغبة بتعديل موقف خاطئ بقدر ما كانت تنفيذاً لأوامر امريكية إسرائيلية لتحقيق ما عجزوا عن تحقيقه بالحرب العسكرية بوسائل سياسية، أي عبر بوابة الاقتصاد وإعادة الإعمار وما يسمى بألدبلوماسية الناعمة.
ولا يغير من هذه الحقيقة تلك ألمحاولة التي بذلها مسؤولون أمريكيون للايحاء بأن إدارة بايدن لم تكن راضية عن زيارة عبد الله بن زايد لدمشق أو أنها من الفها إلى يائها تمت بقرار ذاتي وليس بناء على إملاءات خارجية.
وحتى نوضح اكثر، فالقاصي والداني يعلم بأن نظاماً سياسياً وظيفياً تديره شركة بلاك ووتر الامريكية والمخابرات الإسرائيلية ويروج لما يسمى بالديانة الإبراهيمية ويعتبر التطبيع مع إسرائيل صمام امام وجودي له،وهو النظام الإماراتي، يمكن ان يتصرف من بنات افكاره و يتخذ مواقف مستقلة تغضب مشغليه مثل فك الحصار عن سوريا والمساهمة في إعادة بنائها من دون أوامر عليا صدرت له.
ولعلني لا ابالغ إن قلت بأن مشاركة سوريا في معرض إكسبو 2021 في الإمارات رغم مشاركة إسرائيل فيه كان نوعاً من التطبيع الذي تعلن سوريا بانها ترفضه ما لم تنسحب إسرائيل من الجولان السوري المحتل.
وعود على بدء فإن هناك هدفين غير معلنين لزيارةعبد الله بن زايد لدمشق، الأول: هو إبعاد دمشق عن محور المقاومة وفي مقدمها ايران والثاني :هو إعادة دمجها في النظام الرسمي العربي ومؤسساته البالية وتحديداً الجامعة العربية.
وهذان الهدفان يتقاطعان في إعتقادي مع مصلحة روسية بإستخدام سوريا جسراً للإحتفاظ بعلاقات إقتصادية وسياسية متطورة مع كل دول المنطقة بل إستثناء.
وهذا التوجه الروسي يخدم المصالح الروسية في المقام الأول لأنه مبني على فرضية خاطئة مفادها بأن الحرب في سوريا وعلى سوريا ستنتهي بإستكمال القضاء على العصابات الإرهابية المسلحة وطرد القوات التركية والامريكية من الاراضي السورية المحتلة فقط وتجاهل الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان.
القيادة السورية هي مهمة إعادة إعمار ما دمرته الحرب وليس تحرير الجولان ايضاً.
وهذا يتطلب حسب ما يريد الروس ليس توطيد علاقة سوريا مع بقية اطراف محور المقاومة واستكمال عملية الفرز في المنطقة ليس على قاعدة من هو مع محور المقاومة ومن هو ضده بل على قاعدة الانفتاح على الدول العربية التي ساهمت في تدمير سوريا وتجاهل الخطر الإسرائيلي الذي هو سبب كل مشاكل المنطقة.
لذلك فليعذرنا بعض الكتاب والمحللين السياسيين المحسوبين على محور المقاومة الذين طبلوا وزمروا لزيارة بن زايد لدمشق واعتبروها مكسباً إستراتيجياً.
ملاحظة: لكي لا يتوهمن احد ان بإمكانه الإصطياد في المياه العكرة فإن ما جاء في هذه المقالة لا ينتقص على الإطلاق من حبي وتقديري العظيمين للقيادة السورية وفي مقدمها الرئيس بشار الأسد.