التقييم المتدني المتوقع لاكتتاب أرامكو قد يعوق مخططات ولي العهد السعودي
دراسات و أبحاث
التقييم المتدني المتوقع لاكتتاب أرامكو قد يعوق مخططات ولي العهد السعودي
ترحمات إضاءات
22 تشرين الثاني 2019 , 06:02 ص

 

خلال عطلة نهاية الأسبوع ، أعلنت المملكة العربية السعودية أخيراً عن شروط و موعد إدراج أكبر شركاتها، شركة أرامكو النفطية في سوق الأسهم المرتقب بشكل كبيرٍمن قبل العديد من المستثمرين المحليين والدوليين.

 لكن السعر والحجم النهائيين لإدراج أرامكو سيكونان أقل مما كان يأمله ولي العهد محمد بن سلمان منذ فترة طويلة, فيومي الأحد والاثنين الماضيين، ألغى المسؤولون السعوديون العروض الترويجية، وكذلك الاجتماعات  المنوي عقدها مع المستثمرين المحتملين في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة.

و في النهاية، يبدو أن الحصة الأكبر من جوهرة التاج في المملكة العربية السعودية ستكون من حصة المستثمرين المحليين، حيث سيتم بيع الأسهم بشكل حصري تقريباً للمواطنين السعوديين وصناديق الاستثمار في المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط ودول مثل روسيا والصين.

و يشير ذلك إلى مستقبلٍ مليءٍ بالصعوبات والعثرات لخطط ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الطموحة لإبعاد الاقتصاد السعودي عن الاعتماد على النفط، والذي يشكل أساس رؤية 2030 الخاصة به، و التي أعلن عنها في عام 2016، حيث سعى جاهداً من حينها إلى جذب المستثمرين الأجانب لضخ مئات المليارات من الدولارات في المملكة لتنويع اقتصادها وتطويره.

  • كان من المفترض أن يكون الاكتتاب العام لأرامكو أكبر عروض الاكتتاب في العالم, فماذا حدث؟! 

عندما طرح محمد بن سلمان لأول مرة فكرة اكتتاب أرامكو في عام 2016 ، وصلت طموحات المسؤولين السعوديون وبعض المصرفيين الاستثماريين عنان السماء، وكانوا يتحدثون عن تقييماتٍ محتملة لشركة النفط العملاقة، و التي بلغت نحو 10 تريليونات دولار حسب تقييمهم . وعلى مر السنين، تحدث ولي العهد أيضاً عن إمكانية إدراج جزء لا بأس به من أسهم الشركة، بحوالي 5 % فقط منها، والذي كان من شأنه أن يجمع حوالي 100 مليار دولار للخزينة السعودية، والتي تهدف إلى ضمان تمويل جميع خطط التنويع الاقتصادي الطموحة في خطة ولي العهد المعروفة باسم "رؤية 2030" .

في النهاية، ستكون القيمة الحقيقية لشركة أرامكو في الاكتتاب أقل مما توقعه محمد بن سلمان و بنى طموحاته عليه. ففي يوم الأحد ، أعلن المسؤولون السعوديون الشروط النهائية للاكتتاب، والذي سيبدأ بتاريخ 11 ديسمبر ، حيث ستبيع شركة أرامكو ما نسبته 1.5 % من أسهمها في نطاقٍ يتراوح بين 30 و 32 ريال سعودي للسهم الواحد.

  وبالتالي، فالتقييم الذي قد تصل له قيمة الحصة المراد بيعها من الشركة لا يتعدى ما بين 1.6 تريليون دولار إلى 1.7 تريليون دولار . لذلك ، فحتى التقييم النهائي قد يكون قريباً جداً من هذه النسب حتى في حالة تدخل العديد من المستثمرين و شرائهم للأسهم .

إن هناك العديد من الأسباب التي قد تجعل المستثمرين الدوليين الكبار يتوخون الحذر من شراء الأسهم في أرامكو، علاوة على ما يشوبه الأمر من  السمعة العالقة المتمثلة في ممارسة الأعمال التجارية في المملكة العربية السعودية بعد جريمة القتل الرهيبة لصحافي الواشنطن بوست جمال خاشقجي في أكتوبر 2018 ، و تورط الأمير محمد بن سلمان في عملية القتل حسبنا صرحت بعض استخبارات الدول الغربية .

كما أنه في ظل تباطؤ توقعات الاقتصاد العالمي، وركود أسعار النفط، وخاصة ًفي ظل الحرب الأمريكية-الصينية ، والتي تؤثر على آفاق النمو العالمي بشكل واضح، لم يكن كثيرٌ من المستثمرين على يقين من أن شراء أسهم أرامكو بهذه الأسعار , أو بأسعار أعلى إن وجدت ، سيغير من حالهم و سيقلب حالة الركود الاقتصادي رأساً على عقب العام المقبل .

تقول  سيدة الأعمال أمريتا سين ، الشريك المؤسس لـشركةEnergy Aspects ، وهي شركة استشارية للطاقة : "كانت هناك رغبةٌ محدودة للغاية لدى المستثمرين الدوليين في شراء أسهم شركة أرامكو و هي تتقلص تدريجياً ".

و لا تزال هناك مخاوفٌ أخرى لدى المستثمرين الدوليين، مثل الطلب المستقبلي على المنتجات النفطية التي تمثل المنتجات الأساسية في أعمال أرامكو. ففي الوقت الذي تتوقع فيه الشركة طلباً عالمياً جيدًا على النفط خلال العقد المقبل على الأقل ، فإن هذا الأمر ليس مؤكداً حقاً ، بالنظر إلى التركيز المتزايد على مكافحة تغير المناخ والاعتماد السريع على السيارات الكهربائية و سعي الدول إلى تطوير أنظمة الطاقة المتجددة الغير ملوثة للبيئة . و هذا هو أحد الأسباب التي دفعت المملكة العربية السعودية أرامكو إلى التمسك بشركة سعودية أخرى مملوكة للدولة ، و هي شركة سابك ، قبل إدراجها في سوق الأوراق المالية ، وبهذه الطريقة يكون لها موقع أقوى في البتروكيماويات مثل صناعة البلاستيك الذي لا يزال مطلوباً حتى لو كانت السيارات الكهربائية تحل محل البنزين و السيارات العاملة بالديزل على الطرق.

المصدر: وكالات+إضاءات