فصائل يمنية وعراقية ل
عين علی العدو
فصائل يمنية وعراقية ل"إسرائيل": سنقاتلكم\ قاسم فياض
6 كانون الأول 2019 , 01:35 ص

 

بات واضحاً لدى صناع القرار في كيان العدو الاسرائيلي أن الحرب ان وقعت، فهي لن تقتصر على الاطراف المعهودة دوماً من حزب الله في لبنان، الى حماس والجهاد الاسلامي في فلسطين وبقية فصائل المقاومة فيها، وصولا الى الفصائل الشعبية في سوريا، فقد بدأ العدو يستشعر مخاطر كبيرة تنذر بتوسع القتال مع أطراف جديدة لم يحسب لها حساباً من اليمن الى العراق، تزامناً مع تدخلاته العدوانية في هذين البلدين.

اليمن 
في خطاب يوم القدس العالمي عام 2017 قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله انه "يجب أن يعرف العدو الإسرائيلي أنه إذا شن حرباً على سوريا أو على لبنان فليس من المعلوم أن يبقى القتال لبنانياً إسرائيلياً أو سورياً إسرائيلياً هذا لا يعني إنني أقول إن هناك دولاً قد تدخل بشكل مباشر، ولكن قد تفتح الأجواء لعشرات الآلاف بل مئات الآلاف من المجاهدين والمقاتلين من كل أنحاء العالم العربي والإسلامي ليكونوا شركاء في هذه المعركة، من العراق ومن اليمن ومن إيران ومن أفغانستان ومن باكستان".
ومع مرور ثلاث سنوات على بدء العدوان السعودي الاميركي ضد اليمن، وفي مقابلته الشهيرة مع صحيفة الأخبار اللبنانية بتاريخ 23 آذار/مارس 2018، كرر قائد حركة أنصارالله اليمنية السيد عبد الملك الحوثي موقف حركته من إرسال مقاتلين للقتال ضد العدو الإسرائيلي خصوصاً "إذا تورّطت إسرائيل بحرب جديدة، فلن نتردد في إرسال المقاتلين، وهناك أعداد كبيرة من رجال قبائل اليمن يطمحون للقتال ضد إسرائيل"، وهذا الموقف للقائد الشاب نابع من الموقف اليمني المبدئي في العداء لإسرائيل ومناهضة الهيمنة الأميركية في المنطقة.
فمنذ بدء الحرب السعودية - الاماراتية على اليمن في آذار/مارس 2015، ظهر جلياً ان كيان العدو كان من أشد المُرحبين بهذا العدوان، بزعم ضرب الذراع الإيرانية في اليمن، في هذه المنطقة الاستراتيجية عند مضيق باب المندب، فبعد ايام من بدء العدوان قال أليكس فيشمان الخبير الأمني في صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية "إن الحرب في اليمن على الحوثيين تدخل في مصلحة إسرائيل، وهي "فرصة لقطف ثمار استراتيجية حيوية لأمن الدولة".
ومع دخول العدوان على اليمن عامه الرابع، ظهرت عدة تقارير تشير الى تدخل اسرائيلي مباشر في دعم السعودية عبر ما سُمي بالتحالف العربي لاستعادة الشرعية ضد حركة انصار الله واللجان الشعبية والجيش اليمني، ففي شهر آب/أغسطس الماضي قال معلق الشؤون الأمنية في صحيفة "معاريف" ران إيدليست، في تحليل نشره موقع الصحيفة إنّ "تل أبيب تسوّغ تدخلها في الصراع الدائر في اليمن بحجة الدفاع عن مصالحها في البحر الأحمر ومضيق باب المندب"، مشدداً على أنّ "الحقيقة تتمثل في أنّ التدخل الإسرائيلي في الساحة اليمنية جاء بهدف مساعدة السعودية في ضرب الإيرانيين وتصفية الحوثيين"، معتبرا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، من خلال تدخله في المواجهة داخل اليمن، "يتصرف كما لو كان قوات مرتزقة تعمل لصالح الولايات المتحدة والسعودية داخل اليمن"، وهو ما يندرج في إطار الهجمات العسكرية السرّية والمعلنة التي يمارسها جيش العدو في دول مختلفة كما هو الحال في لبنان وسوريا والعراق.
وكان أول من ألمح إلى التدخل الإسرائيلي في الميدان اليمني هو وزير خارجية العدو يسرائيل كاتس، أثناء تقديمه إفادة أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، حيث أشار إلى أنّ "إسرائيل" تتدخل في مناطق تتفاوت في بعدها الجغرافي عن إسرائيل، وفُهم من هذه الافادة ان البلد المقصود هو اليمن.
ورغم ان موقع مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية الأمريكي ستراتفور أشار في تحليل له في شهر تشرين اول/اكتوبر 2018 "أن اليمن لا يمثل تهديدا وجوديا لإسرائيل، غير أنها يمكن أن تتحرك ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن، وذلك لتعزيز علاقات أفضل مع السعودية"، وهو ما حصل على مدى السنوات الماضية في هذا البلد الفقير الذي قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك عن أزمته المستمرة "أن هناك أكثر من 30 جبهة قتال، ونزوح لأكثر من 3.3 مليون شخص من مناطقهم، اضافة الى حاجة 80 في المئة من السكان إلى المساعدة والحماية، بما في ذلك 10 ملايين يعتمدون الآن على المساعدات الغذائية".
وإمعاناً في العدوانية الاسرائيلية، بدا لافتاً ما قاله رئيس وزراء العدو المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو في 29 تشرين اول/كتوبر 2019 أن "إيران بدأت بنصب صواريخ دقيقة التوجيه في اليمن بهدف مهاجمة إسرائيل من هناك" هذا التدخل الاسرائيلي السافر والمتمادي في الإعتداء على السيادة اليمنية والمشاركة في العدوان على اليمن وشعبه، دفع عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن محمد علي الحوثي في تغريدة على موقع تويتر لاعتبار "إن هذا التصريح الإسرائيلي ليس إلا رسالة لاستمرار العدوان على الشعب اليمني، مؤكّداً أن التصريحات الإسرائيلية تخدم الوعي اليمني لتؤكّد له من هم الشركاء الحقيقيون في الحرب عليه، إلى جانب التحالف السعودي الأميركي.
الرد الحاسم جاء من قائد حركة انصار الله السيد عبد الملك الحوثي في كلمته بذكرى المولد النبوي الشريف في 9 تشرين ثاني/نوفمبر الجاري، حيث كرر الموقف مجددا مع التلميح لأهداف حساسة على المهداف اليمني في عمق الكيان، حيث قال "إذا تورَّط العدو الإسرائيلي في أيِّ حماقةٍ ضد شعبنا؛ فإنَّ شعبنا لن يتردد في إعلان الجهاد في سبيل الله ضد هذا العدو، كما لن نتردد في توجيه أقسى الضربات الممكنة لاستهداف الأهداف الحسَّاسة جداً على كيان العدو الإسرائيلي".

العراق
شكل الحشد الشعبي منذ تأسيسه عام 2014 عامل قوة كبيرة للعراق الى جانب الجيش الوطني العراقي، وساهمت تضحياته وجهود مقاتليه في دحر تنظيم داعش من البلاد رغم وجود خلايا نائمة وجيوب إرهابية في بعض المحافظات، ولأنه أفشل مخططات الاستثمار الاميركي والغربي –بنسبة أقل- في زعزعة أمن واستقرار العراق، وإفشال الحكم المقرب من إيران واللعب المستمر على حدودها بصفتها العدو الاول للولايات المتحدة في المنطقة.
ويبدو ان كيان العدو استشعر بالخطر جراء تصاعد مسار نجاحات الحشد وقوننة عمله وتحويله الى قوة رسمية حكومية، مع تنامي حركات المقاومة في المنطقة وهو ما يهدد البيئة الاستراتيجية لكيان العدو، وتزامناً مع قتال فصائل من الحشد الشعبي في سوريا الى جانب قوات الجيش السوري،  أشار مسؤولون إسرائيليون في الآونة الأخيرة إلى أنهم يعتبرون أن العراق بات يشكل تهديداً أكثر مما كان عليه في السنوات القليلة الماضية، فقد صرح الأمين العام للمقاومة الاسلامية حركة النجباء في العراق الشيخ أكرم الكعبي في شباط/فبراير 2018 عن استعداد قواته للقتال في جبهة واحدة مع حزب الله في حال شن إسرائيل أي اعتداء عليه قائلا "سنكون مع الحزب في صف واحد وجبهة واحدة كما كنا معه في العراق أو في سوريا في جبهة واحدة".
من هنا يمكن فهم منطلقات الغارات التي وقعت الصيف الماضي على بعض مستودعات الاسلحة في العراق وهو ما أشارت له صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن "اسرائيل" شنت ضربة واحدة على الأقل في شهر تموز/يوليو 2019، هذا الأمر كان أكده رئيس حكومة العدو إثر مقابلة تلفزيونية عما إذا كانت إسرائيل ستضرب أهدافاً إيرانية في العراق إذا لزم الأمر فقال "نعمل، ليس فقط إذا لزم الأمر، وإنما نعمل في مناطق كثيرة ضد دولة تريد إبادتنا. بالطبع أطلقت يد قوات الأمن وأصدرت توجيهاتي لها بفعل أي شيء ضروري لإحباط خطط إيران"، وقد جاءت هذه الغارات ضمن سلسلة انفجارات وقعت الصيف الماضي في مستودعات أسلحة وقواعد ومواقع تابعة لفصائل منضوية تحت لواء الحشد الشعبي، ما دفع نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس الى اصدار بيان اتهم فيه الولايات المتحدة بالوقوف وراء هذه الهجمات ومساعدة "اسرائيل" في ذلك، حيث قال " تتوفر لدينا معلومات دقيقة ومؤكدة أن الأميركان قاموا هذا العام بإدخال أربع طائرات مسيرة إسرائيلية عن طريق اذربيجان لتعمل ضمن أسطول القوات الأميركية على تنفيذ طلعات جوية تستهدف مقرات عسكرية عراقية" مهدداً بأنه سيتم التعامل مع "أي طيران أجنبي سيحلق فوق مقراتنا دون علم الحكومة العراقية طيرانا معاديا وسنتعامل معه وفق هذا المنطلق وسنستخدم كل أساليب الردع للحيلولة دون الاعتداء على مقراتنا"، وبعدها بأيام وتحديدا في 25 آب/اغسطس 2019 أصدرت عمليات الحشد الشعبي بيانا بشأن الاستهداف الذي طال قوات الحشد في محافظة الأنبار من قبل طائرتين مسيرتين وعدّت ذلك من "ضمن سلسلة الاستهدافات الصهيونية للعراق حيث عاودت غربان الشر الإسرائيلية استهداف الحشد الشعبي".
إثر هذه الضربات قررت الحكومة العراقية تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة، بعدما خلصت إلى وقوف إسرائيل وراء هجمات استهداف معسكرات الحشد الشعبي، وفيما رأى الباحث الاسرائيلي يارون فريدمان في مقال له بصحيفة يديعوت أحرونوت في ايلول/سبتمبر الماضي أن "استمرار الهجمات الإسرائيلية على الميليشيات العراقية تهدف أساسا لوقف نقل الأسلحة من العراق إلى حزب الله وسوريا، رغم أن ميليشيا الحشد الشعبي العراقية تشكل تهديدا ثانويا على إسرائيل، فهي بعيدة جغرافيا عنها، وتعيش حالة احتراب داخلي، لكن أساس استعدائنا لها تكمن في مساعدتها لحزب الله"، قال رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي في تصريحات صحفية لافتة ومتقدمة "إن إسرائيل تقف وراء هجمات على مواقع للحشد الشعبي بالعراق" وذلك في أول اتهامات رسمية مباشرة من بغداد لإسرائيل، وهو ما لم يعلق عليه الناطق باسم جيش العدو الاسرائيلي.
من نافل القول ان ردود الأفعال والتصريحات من القادة اليمنيين والعراقيين ضد كيان الاحتلال ليست ناتجة فقط عن الاعتداءات الواقعة على البلدين فحسب، بل هي نابعة من موقف عربي وإسلامي يلتزم بالقضية الفلسطينية ورفع لواء الدفاع عن المستضعفين، وما تزامن هذه المواقف والتصريحات مع تصاعد إعتدءات العدو سوى حلقة اشتباك مفتوح في هذا الصراع المستمر منذ عقود.

المصدر: وكالات+إضاءات