لنتخيل هذا المشهد، دولة تصنف على أنها أكبر منتج للنفط في العالم بطاقة تقترب من 12 مليون برميل يوميا، ويدخل خزانتها العامةما يقارب 450 مليون دولار مع كل طلعة الشمس، ورغم ذلك يصل معدل البطالةبين مواطنيها إلى 12.8%، وترتفع النسبة بين الشباب لأكثر من ضعفي النسبة.
وفي وقت قدّرت تقارير غير رسمية نسبة الفقر في السعودية ما بين 15 و25%، أكدت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، في تقرير سابق، تزايد معدلات البطالة والفقر، مشيرة إلى أن "ما بين مليونين وأربعة ملايين سعودي يعيشون على أقل من 530 دولارا شهريا أي (17 دولارا يوميا)، وأن الدولة تخفي نسب الفقر".
"الفقر ومستوى المعيشة المتدني لنسبة كبيرة من أبناء الشعب السعودي يعودان لعدة أسباب، منها عدم العدالة في توزيع الثروة بالمملكة، بالإضافة إلى الحرب التي تقودها المملكة في اليمن والتي استنزفت مليارات الدولارات من ثروات الشعب السعودي على مدار نحو 3 سنوات".
ويعاني السعوديون من ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات، خلال الفترة الأخيرة، وأظهرت بيانات حديثة للمركز الإحصائي لدول الخليج، ارتفاع معدل التضخم بدول المجلس، بنسبة 3.7 بالمائة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي على أساس سنوي، وأكدت البيانات أن السعودية تصدرت الخليج في هذا الصدد.
ترتبط نسبة الفقر بالبطالة كأحد أبرز مؤشرات تفاقم الأزمات المعيشية إذ بلغت نسبة العاطلين السعوديين عن العمل 12.7% خلال الربع الأول من العام الجاري، حسب هيئة الإحصاء الحكومي.
وكانت أكبر نسبة للبطالةفي المنطقة الشرقية والحدود الشمالية ومدن أخرى بنسب متفاوتة، وفقاً لتقرير هيئة الإحصاء الحكومية، إذ بلغت نسبة البطالة في الجوف 22.6% وفي المدينة 21.2 %، وفي جازان 17.5% وفي الحائل 16.8% وفي الرياض 11.6%.
أفرزت ظاهرة الفقر غضباً شعبياً دفع إلى تنظيم الاحتجاجات في العديد من المدن لتحسين أحوالهم المعيشية، وكانت العوامية آخر المناطق التي شهدت احتجاجات واسعة لعدة أسباب، منها معاناة المواطنين من تأزم الأوضاع المعيشية في ظل الإهمال الحكومي للمنطقة، ونشرت العديد من المواقع صوراً لمنازل متواضعة تم تدمير بعضها في المواجهات المسلحة التي جرت مؤخراً في المدينة. وشهدت الطائف العديد من المظاهرات رفع فيها الأهالي العديد من المطالب، منها تحسين ظروفهم الاقتصادية.
كما دعا عاطلون عن العمل في السعودية إلى التظاهر احتجاجا على البطالة، تحت عنوان "تجمع العاطلين 30 أبريل". ونشر مستخدمون لتويتر في السعودية دعوات للتظاهر أمام مقرات التوظيف في المملكة الغنية بالنفط، احتجاجا على البطالة، رغم منع السلطات للتظاهرات.
ومع تزايد أعداد سكان السعودية، تعقّدت مشكلة الفقر أمام الحكومة التي تعثرت جهودها من أجل مكافحته. وكانت الهيئة العامة للإحصاء قد أعلنت عن ارتفاع عدد سكان البلاد إلى 32.6 مليون نسمة في النصف الأول من عام 2017 وبزيادة بلغت حوالى 870 ألف نسمة مقارنة بنهاية 2016. وحسب بيانات الهيئة، فقد بلغ عدد المواطنين والمواطنات السعوديين حوالى 20.4 مليون نسمة وهو ما يعادل 63 % من إجمالي عدد السكان. أما عدد السكان غير السعوديين فبلغ 12.2 مليون نسمة وهو ما يمثل حوالى 37% من إجمالي عدد السكان. وكان إجمالي عدد السكان في عام 1970 نحو 6 ملايين نسمة.
تتصاعد الشكاوي في المملكة من تفاقم معدلات البطالة في صفوف المواطنين في ظل فشل نظام آل سعود وتخبطه في تبديد ثروات المملكة.
وسخر ناشط على تويتر من أن مسئولي النظام قادرون على جلب مشاهير من كافة أنحاء العالم بطائرات خاصة ومبالغ باهظة وميزانية مفتوحة بغرض الدعاية في مقابل عجزهم عن حل تفاقم معدلات البطالة.
وندد ناشط آخر برؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان وما خلفته من أزمات اقتصادية متصاعدة في المملكة وارتفاع قياسي في الضرائب دون منفعة للمواطنين.
وزعم ولي العهد محمد بن سلمان أن الإصلاحات الاقتصادية التي تم تطبيقها في المملكة خلال الثلاث سنوات الماضية بدأت تؤتي آثارها الايجابية على الأداء الفعلي المالي والاقتصادي.
وادعى بن سلمان إلى أن مرحلة التحول الاقتصادي التي تتبناها حكومة آل سعود تتقدم بوتيرة ثابتة وفقاً لرؤية المملكة 2030، بما في ذلك رفع مستويات جودة الحياة للمواطن وتحسين فرص العمل وتعزيز فاعلية الخدمات الحكومية.
غير أن الأرقام والحقائق تثبت أن إصلاحات بن سلمان ارتدت بالسلب على اقتصاد المملكة الذي يعاني من تدهور متصاعد وسط أزمة شاملة.