ما بعد اغتيال سليماني.. “هدف ثمين” في قبضة محور المقاومة\ ماجدة الحاج
مقالات
ما بعد اغتيال سليماني.. “هدف ثمين” في قبضة محور المقاومة\ ماجدة الحاج
ماجدة الحاج
5 كانون الثاني 2020 , 03:59 ص


كتبت: ماجدة الحاج

مرحلةٌ ثقيلة من الترقّب والإنتظار تسود أروقة واشنطن وتل ابيب منذ تنفيذ جريمة الإغتيال المدويّة فجر أمس الأول الجمعة، التي طالت قائد قوّة القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي ابو مهدي المهندس، اضافة الى مجموعة من قادة محور المقاومة الآخرين في محيط مطار بغداد الدولي..وسط حالة استنفار غير مسبوقة في داخل وعلى كامل الحدود مع فلسطين المحتلة، سيّما مع سورية ولبنان، كما حول السفارات والقواعد العسكرية الأميركية المنتشرة في المنطقة، ترقّبا لانتقام يتناسب وحجم أهميّة القادة المستهدفين، “والذي يبدو انه سيكون مفاجئا في توقيته، وجغرافيّته وأهدافه” –بحسب ما نُقل عن مصدر في صحيفة اندبندنت البريطانية، مرجّحا ان يشمل في طيّاته “كمينا جوّيا” في اجواء دولة عربيّة يشكّل هدفا ذهبيّا في شباك الثنائي “الإسرائيلي”- الأميركي.

البنتاغون الذي سارع الى الإعلان عن تنفيذ عمليّة اغتيال سليماني ورفاقه بتوجيه من الرئيس الأميركي، والذي وجّه ايضا بقصف مقار الحشد الشعبي العراقي في منطقة القائم الحدودية مع سورية قُبيل ايام فقط على عمليّة الإغتيال، اعقبته فورا دعوة اميركية بوجوب مغادرة مواطنيها العراق فورا.. ولكن..من يؤكّد انّ الإنتقام سيتمّ في هذا البلد؟ وهل القواعد العسكريّة الأميركية منتشرة فقط في العراق؟ والسؤال الأهمّ:” هل عمليّة الإغتيال هي اميركية حصرا”؟ ام انها “اسرائيليّة” بامتياز نُفّذت بذراع اميركية بمؤازرة رؤوس امنية عراقية رفيعة المستوى”؟

ثمّة انباء عراقية تحدّثت عن ترصّد وتحضير فريق “اسرائيلي” متواجد في السفارة الأميركية في بغداد منذ اكثر من شهر قدم من اربيل، وخطّط للتنفيذ بمؤازرة مسؤولين رفيعي المستوى في الإستخبارات العراقيّة، ليقبض على معلومات تحسم توقيت وصول الهدف الى مطار بغداد فجر امس الجمعة.. ولربما يفسّر تحليق المروحيات الأميركية لساعات طوال امس الجمعة وبشكل مكثّف وغير اعتيادي، انّ “هدفا ثمينا” مُرتقبا يتمّ التحضير للإطباق عليه!

الشهيد سليماني الذي كان عائدا من بيروت ليلا بعد محطة “هامة جدا” أفضت الى قرارات استراتيجية- بحسب تسريبات مصدر صحافي لبناني، قبل ان يحطّ في دمشق، ومنها الى بغداد، اعطى توجيهاته لحظة بلحظة لجميع فصائل محور المقاومة في المنطقة وكيفيّة الرّد على السيناريو الأميركي- الاسرائيلي الجديد “وهو الأخطر بعد احداث لبنان والعراق التي انطلقت منذ اوائل تشرين الأول الفائت-بحسب اشارة المصدر، قبل الوصول الى محطته الأخيرة في بغداد.

اللافت انّ كلّ هذه المستجدّات الخطيرة تعاقبت بشكل متسارع في أقلّ من اسبوع على انتهاء المناورات البحريّة بين ايران، روسيا والصّين في شمال المحيط الهندي وبحر عُمان يوم الأحد الماضي، والتي استمرّت لثلاثة ايام في سابقة هي الأولى بين الدول الكبرى الثلاث. وحيث حملت رسائل غير مسبوقة باتجاه واشنطن ومحورها.. وسريعا وخلال ساعات قليلة على انتهاء المناورات، تدخلت واشنطن بشكل مباشر لتوجّه رسالة مضادة الى خصومها ارتأت تسديدها من الحدود السورية- العراقية عبر قصف مقارّ الحشد الشعبي العراقي، والتي كان من المفترض ان تُلحق مباشرة بعمليّة عسكريّة “اسرائيليّة” وُصفت ب “الكبيرة جدا” ضدّ سورية، قرّرها رئيس الحكومة “الإسرائيلية” بنيامين نتنياهو، الذي اعتبر انّ الإستهداف الأميركي المباشر لمواقع الحشد الشعبي هو بمثابة “ضوء اخضر” لتوجيه ضربة “اسرائيليّة” واسعة النطاق ضدّ اهداف عسكرية في سورية-وفق ما ذكر موقع اندبندنت-عربية، قبل ان تكشف لاحقا الإذاعة “الإسرائيليّة” انّ نتنياهو كان يُزمع شنّ عمليّة عسكرية واسعة النطاق في سورية والعراق، قبل ان يتدخّل المستشار القضائي للحكومة “الإسرائيلية” لفرملتها!

الا انّ ما كشفته الإذاعة “الإسرائيليّة” ناقضته معلومات صحافية روسيّة، نقلت عن مصدر في وكالة “سبوتنيك”، اشارته الى انّ الغاء العمليّة العسكريّة حينها تمّ إثر مسارعة الاركان الروسية الى تحذير قادة تل ابيب من عواقب “خطيرة جدا” على “اسرائيل” نفسها، من عمل عسكريّ متسرّع ضدّ سورية في هذا التوقيت تحديدا، حيث درجة الإستنفار والجهوزية في كامل جبهات محور المقاومة في المنطقة، وصلت الى مستوى غير مسبوق بعد الضربة العسكرية الأميركية ضدّ قوات الحشد الشعبي ليل الأحد الماضي.

هذا قبل التصرّف “الأحمق” الذي لجأ اليه ترامب فجر امس الجمعة، وجعلته ومصالح بلاده وقواعده العسكرية والالاف من جنوده المنتشرين في المنطقة في مواجهة الخطر الشديد.. نيابة عن “اسرائيل” وإذعانا لصديقه نتنياهو.. لعلّ ترامب وجد في تنفيذ عمليّة اغتيال لقادة في محور المقاومة بهذا الحجم، فرصة ذهبيّة للهروب من اجراءات عزله على مقربة من الإنتخابات الرئاسية الأميركية.. ووجد فيها صديقه نتنياهو “انجازا” كبيرا امام الرأي العام “الإسرائيلي” تمكنه من الإفلات من المساءلة واحتمال دخول السّجن.. الا انه سها عن تقدير الرّجلَين انّ ما بعد عمليّة اغتيال شخصية قيادية بحجم الشهيد قاسم سليماني، كما القيادي العراقي ابو مهدي المهندس الذي لعب الدور الأكبر في تطهير العراق وحدوده من عشرات الاف المقاتلين “الدواعش”.. مرحلة أخرى مختلفة من المواجهة مع واشنطن وتل ابيب.. بلا خطوط حمر!

للمرّة الأولى يلجأ مرشد الثورة الإيراني السيّد على خامنئي، الى ترؤس اجتماع مجلس الأمن القومي ولساعات طوال..ليخرج بعده بتوعّد واشنطن بانتقام “قاس وثقيل”..وما بدا لافتا، اصداره سريعا أمرا بتعيين العميد اسماعيل قاآني خلفا للشهيد سليماني في قيادة قوّة القدس في الحرس الثوري..والذي يُعتبر ذراع الظلّ لسليماني خلف الأضواء، والمعروف عنه تشدّده في مواقفه ازاء اميركا و”اسرائيل”، وهذا ما فسّره اوّل تصريح له ساعة تسلّم قرار تعيينه متوجّها الى اميركا بالقول:” ” نقول للجميع، اصبروا قليلا لتشاهدوا جثامين الأميركيين في كلّ الشرق الأوسط”.

وعليه.. احداثٌ بلا سقف سيكون على واشنطن وتل ابيب توقّع مواجهتها في ايّ لحظة بتوقيت محور المقاومة، وسط استنفار وجهوزية عسكريّة غير مسبوقة للجيش الإيراني والحرس الثوري في منطقة الخليج، كما لجميع فصائل المقاومة بدءا من لبنان وسورية مرورا بالعراق وغزّة وصولا الى اليمن.

“قد تبادر كلّ جهة من اركان محور المقاومة الى توجيه ضربة في صميم قلب العدوّ –بحسب تعقيب عضو المكتب السياسي في حركة انصار الله اليمنية ضيف الله الشامي.. والذي تزامن مع مصدر صحافي في بيروت، نقلا عمّا اسماها “معلومات شبه مؤكدة، تشير الى انّ الإنتقام لعمليّة اغتيال سليماني ورفاقه القادة الآخرين، ستتجاوز الحدود التي تتركز عليها انظار العالم، مكتفيا بالإشارة الى حدث غير مسبوق قد يُجبر “اسرائيل” الى الإفراج عن مئات الأسرى المُحتجزين في سجونها مقابل “هدف ثمين ” يطبق عليه كمين لأحد فصائل محور المقاومة في المنطقة!

المصدر: وكالات+إضاءات