اعتقد انها مقابلة مهمة لانها ترسم تصور العارف للسياسات المستقبلية والمضطلع على كواليس مراكز القرار العالمية وما يتم الترتيب له بعد انتهاء جائحة كورونا .
كثرت التحليلات اثناء جائحة كورونا التي مرت بنا وما زلنا نعيش باجوائها المريرة
رغم بزوع بعض الامل وضوء نهاية النفق
فالارقام والاحصائيات السوداء بإعداد المتوفين والمصابين التي كانت تتصاعد
يوميا بدات تتناقص في معظم الدول .
معظم التحليلات اشارت لنهاية النظام الحالي وعن نظام جديد سوف ينشأ على اطلال النظام القديم فامريكا سوف تنهار والاتحاد الاوروبي سوف يتفكك مدللين على ذلك بحرق علم الاتحاد الأوروبي ورفع العلم الصيني مكانه في إيطاليا التي تعرضت للصدمة الاولى بعد الصين
حيث اجتاح فيروس كورونا مقاطعاتها الشمالية بطريقة مدمرة حصدت ارواح عشرات الالاف. لم تتلقى خلالها ايطاليا اي مساعدة من الاتحاد الأوروبي مع انها من الاعضاء البارزين فيه.
بالعودة لخطاب الملك نجد انه يتكلم عن مصطلح ظهر حديثا وهو تفكيك العولمة...وعن بروز القوميات الوطنية الضيقة... .وعن الحماية الاقتصادية وبث الشكوك والريبة حول التعاون العابر للحدود . ومن خلال هذه المفاهيم يمكن قراءة ما سيتم التخطيط له في المستقبل فرغم كل المعاناة التي عاشتها الدول وشعوبها فان نظام العولمة لن يسقط بل يجب إصلاحه بعيدا عن مفهوم القوميات الوطنية الضيقة .
ويبدو انه رغم المعاناة التي نتجت عن توحش الشركات العابرة للقارات فان التوجه اصلاح العولمة وانسنتها ومن المؤكد اغلاق الفجوات التي ظهرت بها من وجهة نظر الغرب حيث اننا نجد ان الصين مثلا كانت اكثر الدول التي استطاعت ان تستفيد من العولمة فجذبت رؤوس الاموال وحركت ماكناتها الصناعية
بايد رخيصة واعادة تصدير منتجاتها مستغلة الحدود المفتوحة فكدست ثروة ضخمة.
وحيث ان هذا لم يكن هدف الغرب بان تصعد الصين الى مصاف الدول الاقتصادية الكبرى فلا بد من اعادة تقييم العولمة لتحقق اهداف الغرب تحت غطاء
الانسنة البعيد عن التوحش.
اما بالنسبة للاتحاد الاوروبي فهذا اتحاد بني على رؤيا سليمة بان الوحدة الاقتصادية هي اهم مقومات الحفاظ على المكتسبات بل حتى الوجود خاصة بعد التغيرات الكبيرة في العالم من ثورة الاتصالات والمعلومات والتكنولوجيا .
هذا الاتحاد لم يتشكل بقرار آني بل تشكل نتيجة عقود من القرارات فبدأ اتحاد شركات الفحم والأمنيات والالمنيوم ثم بعدة منظمات اقتصادية ومالية وثقافية اخذت تتطور على مدى عقود لتشكل الاتحاد الأوروبي بشكله الحالي الذي نعرفه . وبالتالي ليس سهلا ان نتوقع انهياره فمصلحة أعضاءه باستمراره مع إمكانية تعديل الثغرات التي ظهرت به بعد اجتياح كورونا للدول الكبيرة فيه.
ينتقل الملك للتحدث اعادة ضبط العولمة والتركيز على تطبيقها على النحو الصحيح بحيث يكون هدفنا المحوري منفعة شعوبنا ولنعترف في اعادة ضبط العولمة ان بلدا واحدا بمفرده لا بمكن ان ينجح لان اخفاق بلد واحد هو اخفاقنا جميعا . اذا هي دعوة ليكون هناك شركاء للولايات المتحدة في قيادة العالم مع الحفاظ على العولمة ولكن باصلاحها عن طريق (اعادة بناء المؤسسات الدولية وبناء مؤسسات جديدة تبنى على مهارات وموارد مختلف القطاعات وتعبر الحدود بين الدول ) .
اما بالنسبة لمنطقتنا يدعو الملك الى تشكيل شبكة امان إقليمية تحمي مستقبلنا حيث الموارد اصبحت شحيحة ولا تكفي فالمطلوب ان نضع خلافاتنا جانبا ونعمل سويا لمواجهة الخطر المشترك.
ويقول (ان البطالة المجاعة والفقر بانتظارنا ان لم نعمل معا ويعين علينا ان نعالج فجوة الفرص العالمية بما في ذلك امكانية الوصول للرعاية الصحية وان نعيد النظر في النماذج والمقاييس التي تستخدمها الهيئات المالية الدولية في الاسواق الناشئة).
وهي كما ارى دعوة للتقارب بين بلدان المنطقة والقفز فوق الخلافات وتشبيك المنطقة اقتصاديا بطريقة عابرة للحدود وهذا يستشف منه تقارب مع العراق وسوريا ولبنان والسعودية. هذا ما كنا ندعو له دوما فعمق الاردن الاستراتيجي من خلال جيرانه العرب. بعيدا عن اتفاقية وادي عربة وملحقاتها من اتفاقية الغاز وخلافها فهل تلقى دعوته استجابة تحقق مصالح شعوب المنطقة.
م. مدحت ابو الرب .