قبل نحو تسع سنوات، وفي عزّ غليان الشارع العربي، قرر بهاء الحريري ألّا يبقى مجرد متفرّج على الأحداث، التزاماً بمبدأ «لولا شباط ما في ربيع» الذي ظهر لاحقاً في حملة 14 شباط الإعلانية. فأطلق مركز دراسات باسم والده الرئيس رفيق الحريري تحت جناح أحد أبرز مراكز الأبحاث الأمنية والاستراتيجية الأميركية ــ الأطلسية..
شعر بهاء الحريري بالرضى، فهو أثبت مرّة جديدة، أنه مختلف عن إخوانه. فهو ليس سعد، الذي انزلق في متاهات السياسة اللبنانية وفشل فيها... وهو ليس رجل أعمال ووريث أموال فحسب، بل أيضاً باستطاعته أن يدخل عالم المراكز السياسية ــ الاستراتيجية، ويشارك في نشر التحليلات وتعزيز المعرفة السياسية على نطاق دولي ــ أطلسي.
لكن يبدو أن من فضّل إلقاء الخطابات في نيويورك لا في الطريق الجديدة. «كبَّر الفشخة» هذه المرّة، ووصل في طموحاته الى أكبر لوبي إسرائيلي ــ أميركي في الولايات المتحدة. كيف؟
يوم ٢١ أيلول ٢٠١١ أعلن بهاء الحريري، خلال حفل عشاء في نيويورك، إطلاق وتمويل:
«مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط»، التابع لمركز الأبحاث والسياسة العامة الأميركي، «ذي أتلانتيك كاونسل» The Atlantic Council
-عميلة للإستخبارات الأمريكية تدير مركز رفيق الحريري.
اسمها "ميشال ديون "عملت في «مكتب الاستخبارات والأبحاث» التابع لوزارة الخارجية الأميركية، وفي البيت الأبيض كمتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، كما شاركت في «مهمات خاصة» تابعة لـ «مجلس الأمن القومي»، وعملت في السفارة الأميركية في القاهرة، وفي القنصلية العامة في القدس المحتلة. وقبل الانتقال الى مركز رفيق الحريري، كانت تشغل منصب كبيرة باحثي مركز «كارنغي» للسلام الدولي.
هكذا، تسلّمت ديون، بعد مسيرة طويلة وخبرة مصقولة في المجال الاستخباري والأمني، إدارة مركز رفيق الحريري، المموّل من ابنه بهاء. وها هي ديون، بصفتها الجديدة، تحمل المركز الى مؤتمر «أيباك» من دون أيّ تردد أو اعتراض من عائلة الحريري.
-من هي «أيباك»؟.
يمكننا الاكتفاء بالتعريف الذي تعرِّف به عن نفسها على موقعها الإلكتروني:
«نحن حركة من الناشطين الملتزمين بأمن إسرائيل وحماية المصالح الأميركية في الشرق الأوسط وحول العالم. أولويتنا السعي لتبقى الولايات المتحدة وإسرائيل قويتين تتعاونان معاً عن قرب».
الجلسة التي شارك فيها «مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط» في مؤتمر «أيباك» ضمّت ٣ أشخاص، بينهم جنرال الحرب إسرائيلي الذي يُدعى " ميخائيل هيرتزوغ". وهيرتزوغ هو أحد كبار الجنرالات في الجيش الإسرائيلي خلال حرب تموز ٢٠٠٦، وشغل رئيس طاقم عمل وزير الدفاع الإسرائيلي حتى عام ٢٠٠٩. وقد أدّى هيرتزوغ دور صلة الوصل بين وزارة الدفاع والجيش والاستخبارات، قبل أن يتقاعد أخيراً.
والسؤال المطروح:
هل طلب اللوبي الصهيوني من بهاء الحريري العمل على إزاحة شقيقه سعد من الواجهة السياسية في لبنان تمهيداً للحلول مكانه في زعامة الطائفة السنيّة وبالتالي ترشيح نفسه لمنصب رئاسة الحكومة ؟
وهل يمكن القبول به ؟
الفترة القادمة كفيلة بالإجابة.
*مصدر المعلومات في المقال : الإعلاميّة صباح أيوب