كتب المطران عطالله حنا:
إن الادارات الامريكية المتعاقبة وصولا الى ترامب هي شريكة مباشرة في الجرائم المرتكبة بحق شعبنا الفلسطيني وكثير من شعوبنا العربية وشعوب العالم . ان الحكومات الامريكية ارتكبت سلسلة لا عد لها ولا حصر من الجرائم ضد الانسانية حيث لم تكن اولها قنبلة هروشيما مرورا بالتآمر على فلسطين وشعبها وكذلك تدمير العراق وسوريا وصفقة القرن كما وغيرها من السياسات التدميرية التي استهدفت شعوبا فقيرة منكوبة في عالمنا
ان السياسات الامريكية الحكومية الاجرامية بحق شعوب كثيرة في عالمنا سوف تجعل امريكا تدفع ثمنا باهظا بسبب هذه الجرائم وهذه الخطايا والاثام وقد كان مشهدا مستفزا ان نرى ترامب ذاهبا الى كنيسة قريبة من البيت الابيض وهو حامل للانجيل المقدس الذي لربما لم يفتحه في يوم من الايام لكي يتعلم منه ماذا تعني الرحمة والانسانية والدفاع عن حقوق الانسان والمظلومين في هذا العالم .
ان ترامب هو اسوأ رئيس يمر في تاريخ امريكا الحديث ولربما لانه اماط اللثام عن الوجه الحقيقي لامريكا بعنصريته وحقده وعنجهيته التي لا حدود لها ونستغرب كيف وصل ترامب الى سدة الرئاسة وهذا لا يعني ان من كانوا قبله هم افضل منه ولكنني لا اظن ان هنالك رئيسا مر في تاريخ امريكا اسوأ من ترامب والذي خطاباته وكلماته ممزوجة بالعنصرية والحقد والعنجهية .
ان ترامب الذي اعلن عن صفقة القرن والتي رماها الفلسطينيون في مزبلة التاريخ انما يمثل ادارة امريكية تتغنى بحقوق الانسان والديمقراطية ولكن سياساتها في الواقع هي سياسات عنصرية بامتياز وهي سياسات معادية لقضايا العدالة والحرية والكرامة الانسانية في امريكا وخارجها . ونحن في فلسطين دفعنا ثمنا باهظا بسبب السياسات الامريكية الظالمة وما زلنا وكذلك شعوب كثيرة في عالمنا فمن الذي دمر العراق ومن الذي دمر سوريا ومن الذي دمر ليبيا واليمن ومن الذي دمر اكثر من دولة في هذا العالم واستهدفها بالصواريخ والحروب والاسلحة بكافة اشكالها والوانها .
اننا نحب الشعب الامريكي ونتضامن معه لا سيما الشريحة التي تُعامل بعنصرية وحقد بسبب لون بشرتها, فمشكلتنا ليست مع الشعب الامريكي الذي فيه شريحة كبيرة من المثقفين ورجال الدين والتي ترفض سياسة الادارة الامريكية وعنصريتها وعنجهيتها . نذكر قبل احتلال العراق كيف ان المظاهرات جابت العالم مطالبة الرئيس الامريكي في ذلك الحين بألا يحتل العراق ناهيك عن المناشدات التي صدرت عن المرجعيات الروحية المسيحية والاسلامية وحتى بعض المرجعيات اليهودية ولكن هذه الادارة لم تسمع صوت الشعب ولم تذعن للضمير الانساني واحتلت العراق ودمرته والسيناريو ذاته في سوريا وان كان هذا عبر وكلاء قاموا بهذه المهمة القذرة بإسم من يحكم امريكا .
لا نتمنى الشر للشعب الامريكي ولكننا نقول بأن غضب الله لن يكون بعيدا عن هذه الادارة ومن سبقها وعن السياسات الامريكية بمجملها .
ان دماء الابرياء الذين قتلوا وكذلك الابرياء الذين شردوا وكل المظالم التي ارتكبتها امريكا عبر تاريخها الاسود خلال عشرات السنين المنصرمة لن تذهب هدرا وعقاب الله آت . ان ترامب وزمرته سوف يدفعون ثمنا باهظا لانهم مجرمون بكل ما تعنيه الكلمة من معاني وان ترامب عندما يحمل الانجيل المقدس انما يسيء للانجيل ولقيمه وللمسيحية برمتها لانه لا يعرف شيئا عن القيم المسيحية وهو مسير من قبل اللوبي الصهيوني والماسونية الشريرة ومصالحها واجنداتها في عالمنا .
ان دماء الابرياء الذين قتلوا من امريكا وحكوماتها المتعاقبة تستصرخ الضمير الانساني ولعل تزامن اغتيال جورج فلويد مع شهيد القدس اياد الحلاق انما يشير بشكل واضح الى ان العنصرية هنا وهناك انما هي وجهان لعملة واحدة . نؤيد كافة المظاهرات السلمية التي تجتاح امريكا وهؤلاء الذين يعاملون بعنصرية بسبب لون بشرتهم من حقهم ان ينتفضوا ومن حقهم ان يطالبوا بحقوقهم ولكن بطريقة سلمية بعيدا عن العنف .
نرفض العنصرية بكافة اشكالها والوانها سواء كان هذا في امريكا او في فلسطين او في اي مكان اخر فالعنصرية حيثما كانت واينما وجدت انما هي ظاهرة مقيتة . نتمنى ان تتبدل وان تتغير امريكا نحو الافضل وان تكون اكثر عدلا وانصافا وانحيازا للمظلومين . نتمنى ان يتعلم من يحكمون امريكا من وباء الكورونا ومن المظاهرات الحاشدة في كافة الولايات بأن اخطاءهم وجرائمهم بحق الانسانية لن تكون بلا حساب ويجب ان يصححوا اعوجاجاتهم .
يجب الاعلان عن الغاء صفقة القرن ويجب الغاء وجود السفارة الامريكية في القدس ويجب ان تتوقف امريكا عن سياساتها الظالمة بحق شعبنا كما وغيرها من الشعوب العربية الشقيقة . ان تصحيح الاعوجاجات لن يعيد من قتلوا من الابرياء الى الحياة ولن يعيد الدمار والخراب الذي احدثته امريكا في العالم كما كان سابقا . فالجرائم المروعة التي ارتكبتها الادارات الامريكية المتعاقبة لا عد لها وحصر . فقنبلة هورشيما قتلت الملايين من البشر وحروب امريكا في العالم قتلت الملايين من البشر ومن يتحمل مسؤولية هذه الجرائم انما هي الادارات الامريكية المتعاقبة وصولا الى ترامب العنصري الحاقد الذي نعتبره عائقا امام اي تطور ايجابي واي مبادرات نحو تحقيق العدالة والحرية والكرامة الانسانية والسلام الحقيقي في عالمنا . وكما قال يوم امس احد الاباء الكهنة في واشنطن بأن غضب الله آت وامريكا العظمى لن تبقى كذلك وسوف تدفع ثمن جرائمها بحق الانسانية .
رحمنا الله جميعا وحفظ الشعب الامريكي وخاصة اولئك الذين يعانون من العنصرية على امل ان تتحقق مطالبهم العادلة وان تتغير هذه العقلية الامريكية العنصرية التي تقود امريكا والتي كانت سببا في دمار كثير من الدول في عالمنا .
المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثودكس



