ما أشبه الليلة بالبارحة، فالمستكبرون في كل زمان ومكان يحاربون من يقف في وجههم ينشد الحرية ويتصدى لناهبي الشعوب، يستخدمون في ذلك من الأساليب ما يتشابهون فيه قديما وحديثا، ومن ذلك أسلوب الحصار والمقاطعة ..
وهنا يحدثنا التاريخ منذ عهد نبي الاسلام محمد "ص" عن شِعْب أبي طالب الذي حوصرت فيه بنو هاشم على يد قريش والأحزاب، حتى اضطر المحاصرون لأكل اوراق الشجر كما بتنا نشاهد نفس المشهد حديثا، لقد بثت الفضائيات مشاهد الاطفال اليمنيين يأكلون معجون اوراق الشجر لشدة الحصار السعودي عليهم.
ايران يشتد عليها الحصار المستمر, فمنذ أكثر من أربعين عاما وهي تعاني من الحصار، ويقيت ايران عصية على المستعمرين, تقارعهم وتبرز كحجر عثرة في وجه كل المشاريع الامريكية، وتمنح قوة القلب وروح الصمود لحلفائها وأصدقائها, بعيدا عن العرق أو الدين أو اللون وشاهدنا هذا السلوك على امتداد ساحات المواجهة مع الأمريكيين وأتباعهم.
امريكا المتجبرة تلجأ الى مزيد من العقوبات والحصار والتجويع على شعوب معارضيها هروبا من المواجهة العسكرية المباشرة، والهدف، إيجاد مشاكل اقتصادية داخل دول المقاومة، بحيث ترتفع صعوبة العيش، إلى درجة يصير الفرد عاجزا عنلا توفير تلك المتطلبات الضرورية لاستمرار العيش، لكن هنا بالذات يتجلى سرنجاح وانتصار محور المقاومة وخاصة في البيئة الايرانية التي لامستها عن قرب، يعود بالأساس إلى حجم تفعيل المنظومة المعنوية التي بها يتحقق الصبر والثبات والإصرار على مواصلة السير نحو الإنعتاق والتحرر من الظلم والإستكبار ، مضافا الى ابتكار أساليب الاقتصاد المقاوم والاعتماد على الذات. في مهمة الاسناد الايرانية للمقاومين، البواخر الايرانية لم تتوقف عن اسناد سوريا وفنزويلا، ومحاولات عديدة اخرى في اليمن منها السري ومنها العلني، والذين ينتظرون اليوم إضعاف محور المقاومة وسوريا وحزب الله، وفنزويلا بسبب العقوبات عليهم أن يتذكروا هذا الصمود الايراني الذي بات مدرسة واقتصادا مقاوما متكاملا ملهما لكل أضلاع جبهة المقتاومة.
وقد تجلى مظهر عزة ايران عندما هدد مسؤول عسكري ايراني الولايات المتحدة من مغبة التعرض للناقلات في طريقها الى فنزويلا وأن رد ايران سيكون ردنا حاسما ومماثلا، موضحا أن المياه الدولية يجب ان تكون امنة لملاحة كافة الدول وفي غير ذلك لن تكون امنة للجميع، ولم يتوقف الأمر عند نقل النفظ ومواد اصلاح المصافي بل الى كافة المواد والسلع التي تحتاجها فنزويلا بالحاح. وأعتقد أن دعاة وجماعة كذبة العمق العربي والحضن العربي يجب ان يتعلموا من ايران معنى التحالف والصداقة، ففنزويلا ليست دولة جارة لايران ولا دولة اسلامية أو شيعية، ولا عمق جغرافي ولا ولا لكن ايران تخاطر بسفنها الاف الكيلومترات لمساعدة دولة صديقة، في تحد لاستكبار امريكا وكسرا لحصارها الظالم. ومن موسكو أعلنت طهران على لسان وزير خارجيتها، محمد جواد ظريف وقوفها الى جانب دمشق، في مواجهة «قيصر».ولنم تتوقف عند التصريحات بل تعاقب وصول البواخر الايرانية الى المرافىء السورية الذي لم يتوقف قبل وبعد قيصر. ما يحصل بين إيران الإسلامية وفنزويلا اليسارية وسوريا العربية القومية العلمانية ويثبت نزاهة ا يران وصدقيتها في مواجهة مشروع الامريكان والصهاينة ولا غير، ويجب أن يستثمر ذلك عبر التقاء قوى المقاومة لعزل آفة الطائفية والمذهبية، ولمواجهة العدو الاوحد الطامع في تدمير امتنا العربية والاسلامية وفيما يتعلق بسوريا وقاون قيصر فإن أحد اعمدة المحور المقاوم وهو السيد نصر الله أعلن بملىء الفم أن جبهة المقومة بأجمعها لن تسمح بتطبيق السيناريو العراقي التجويعي على سورية ولبنان، ولأهل المقاومة عبرة بما حصل في العراق وليبيا وصولا بهما مرحلة الغزو وتغيير النظامين وانهيار الدولتين، وانتشار الفوضى، وهذه هي حقيقة المشروع الامريكي ولكن هيهات أن يتحقق له ذلك، لأن محور المقاومة بقيادة ايران الاسلام يستمد قوته من الله تعالى ناصر المظلومين، مع التمسك دائماً بالصبر والثبات على الحق، كما ثبت النبي وبنو هاشم في شعب أبي طالب حتى تحقق الفرج. { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ }
زهراء كركي