هدية نتنياهو الى كل أنصار السادات وكامب ديفيد .. فليشربوا ماء النهضة\ نارام سرجون
أخبار وتقارير
هدية نتنياهو الى كل أنصار السادات وكامب ديفيد .. فليشربوا ماء النهضة\ نارام سرجون
9 آب 2020 , 07:29 ص
  منذ خمسين عاما وكامب ديفيد تقف تتحدى ولاتسقط .. كالشجرة الملعونة لاتموت .. يسقيها أنصار السلام مع اسرائيل ماء النيل كيلا تموت .. تشرب الدم وتشرب ماء النيل .. وكبرت الشجرة وصارت لها فروع, وادي عرب

 

منذ خمسين عاما وكامب ديفيد تقف تتحدى ولاتسقط .. كالشجرة الملعونة لاتموت .. يسقيها أنصار السلام مع اسرائيل ماء النيل كيلا تموت .. تشرب الدم وتشرب ماء النيل .. وكبرت الشجرة وصارت لها فروع, وادي عربة وأوسلو .. واثمرت قاعدة العيديد والسيلية .. واثمرت التطبيع السعودي .. وسقط بسببها العراق والشرق الاوسط يتهاوي على عروشه فيما هذه الشجرة الملعونة تكبر وتتجذر الى أن وصلت اليوم الى أعالي النيل وصارت تشرب من النبع مباشرة .. لم تعد بحاجة الى من يسقيها من العرب .. فجذورها وصلت الى أفريقيا وشمال افريقيا وتنشر فروعها من مسقط الى تونس الخضراء وحيث كل راية خضراء للاسلام والاخوان المسلمين ..

 

كنت قد تعبت من كثرة مجادلتي لأنصار السلام وخاصة من المصريين بأن كامب ديفيد لايقصد منها فلسطين .. بل المقصود منها مصر .. فاسرائيل أوهمت المصريين انها لاتريد بهم شرا اذا تركوها في حالها تسلل كالأفعى في الشرق طالما انها لاتدخل خياشيم ابي الهول ولاتستلقي على قدميه .. فتركها أبو الهول تسعى كما تشاء .. فصارت اسرايل تفتك بكل الأهرامات التي تحيط بمصر .. قتلت العراق وقتلت ليبيا وقتلت اليمن ونهشت حتى شبعت من لبنان ومن سورية وصارت تبلع النفط في الخليج وتبلع كل مايصادفها حول مصر .. حتى صارت مصر مجردة من اي سلاح .. فالعراق الذي جاء يوما الى عبد الناصر وقال رئيسه للرئيس عبد الناصر (أتيتك اليوم ياسيادة الرئيس ونخل العراق في يميني ونفطه في شمالي) .. لم يعد قادرا على ان يعطي مصر لانفطا ولانخلا .. وصار العراق متسولا الامن والخبز والكهرباء والحرية .. وصار قطعا مقطعة تسكنه داعش وتسكنه طوائف وتسكن في الطوائف طوائف وأطياف .. وهاهي سورية اليوم التي دافعت عن بورسعيد بدماء ابنائها وقررت الانصهار مع مصر في وحدة فيها كل المغامرة صارت تدخلها جيوش الانكشارية وتقاتل في الشمال والشرق والجنوب .. ولاتستطيع ان تقول لمصر هنا القاهرة من دمشق .. لأن دمشق تقاتل تركيا وقطر والسعودية واسرائيل واميريكا .. وصارت هنا دمشق من دمشق هي الانتصار الكبير لأن قبائل السلاجقة كانت تريد ان تقول دمشق : هنا استانبول من دمشق ..

كان مرهقا ومتعبا ان نجادل أهل السلام الذين كانوا يرون عبقرية السادات في انه حرر بعض سيناء وكان يرى مانراه اليوم من أن العرب لايعول عليهم وأنهم سيسقطون .. فقفز السادات من سفينة العروبة ونجا بمصر لأنه رأى على بعد خمسين سنة ان العرب سينهارون .. كنا نقول لهم ان ماحدث في الشرق ليس استشرافا وبصيرة تمتع بها السادات بل هي نتيجة لما فعله .. فهل كانت اسرائيل ستغزو لبنان وسيكون لها فائض سلاح وجيش اذا كان جيشها مرابضا جنوبا خوفا من مصر؟ طبعا لا .. لكن كامب ديفيد حررت كل جيش اسرائيل من الجنوب على حدود سيناء ليتفرغ لاجتياح لبنان وغيره وليكثف دفاعاته على الجولان .. وصار الجيش المصري بعيدا عن حدود فلسطين أكثر مما كانه في أي زمن في كل فترات التاريخ والعصور حتى في زمن الفراعنة لأنه لايقدر على دخول عمق سيناء الا بقرار دولي .. واذن اسرائيلي .. فصار الاسرائيلي مطمئنا ان مصر وان فكرت في الهجوم فان عليها ان تمضي أسبوعا تسير في صحراء سيناء قبل ان تصل الى غزة .. وعندها سيكون لاسرائيل والغرب الوقت الكافي لايقافها ولن تؤخذ بسبب المسافة على حين غرة كما في عام 1973 عندما كانت المسافة الفاصلة بين الجيش المصري والاسرائيلي هي مئتا متر او خمسمئة متر على الاغلب هو عرض قناة السويس ..

الغريب أن القادة المصريين لم يحنثوا بالاتفاق وقدموا كل مايترتب عليهم لانجاز السلام .. وامتنعوا عن المساس باسرائيل والتزموا مبدأ النأي بالنفس في كل حروب اسرائيل منذ خمسين عاما .. وغضوا البصر وأداروا الاذن الصماء لكل استغاثات المنطقة .. بل وساعدوا الاسرائيليين في مشاريع سلامهم مع العرب .. فما هو الداعي كي تتآمر عليهم اسرائيل في مياههم ؟؟ .. لكن اسرائيل الطامعة والجشعة ليس بأرض فلسطين بل بكل الشرق تدرك انها لايمكن ان تكون زعيمة طبيعية للمنطقة بوجود زعيمة طبيعية مثل مصر .. فكان الفكر الصهيوني يفكر دوما في تدمير مصر حتى وان بالسلام معها .. فجردت مصر في فترة السلام من كل عمقها القوي في العراق وسورية والسودان وشمال افريقيا وافريقيا .. واليوم وصل نتنياهو الى أعالي النيل بكل وقاحة يهدي الاثيوبيين سد النهضة و الافكار ويبشرهم ان بقرة بني اسرائيل في خدمتهم .. وماذا في اثيوبيا لاسرائيل غير قلب مصر والابهر الذي يضخ الحياة الى جسدها؟ .. أي منابع النيل ..

الاثيوبيون لايفكرون بهذه الطريقة الماكرة وليست لديهم القوة ليفكروا بذلك ولا الشجاعة لولا اسرائيل .. واسرائيل اليوم لاتخجل ولاتخفي وجهها في أعالي النيل .. لأنها تعرف ان مصر لم تعد مصر عبد الناصر بل مصر كامب ديفيد .. الشجرة الملعونة التي فتكت بكل الجيوش الاحتياطية والرديفة لمصر في العراق والشام وشمال افريقيا واليمن .. وهاهي اليوم حرب النيل فيما تسلط اسرائيل تركيا والارهابيين الذين يقاتلون نيابة عن اسرائيل ..

سيكتشف المصريون متأخرين للأسف ان أكبر كارثة وأكبر خدعة تعرضوا لها كانت خدعة كامب ديفيد التي كانت معاهدة النأي بالنفس فيما كانت اسرائيل تقص أجنحة مصر في المنطقة وتجردها من اي عمق .. واليوم وصلت الى اللحظة التي تنتقم فيها من مصر بكل وقاحة ..  بل ولايهمها ان تبقى كامب ديفيد على قيد الحياة لأن مهمتها انتهت .. وهاهي اليوم تتسكع دون أن يراودها اي شعور بالقلق او الحرج .. فماذا مصر فاعلة من غير العراق ومن غير سورية؟؟ بدلا من أن يقول الاسرائيليون لأهل مصر: فليشربوا ماء البحر ..سيقول الاسرائيليون ضاحكين و سيقولون: فليشربوا سد النهضة ..

اتمنى ان ينهض السادات من قبره اليوم ويرى سد النهضة ثمرة كامب ديفيد .. ويرى نتنياهو وهو يتجول في افريقيا يعلمها ويثقفها ويدربها كيف تقتل مصر وتمنع عنها الماء والطعام .. ويجول في الشرق الاوسط  يروضه ويركبه ويضغط على قلب مصر في أعالي النيل ويحاصر مصر التي أعطته خمسين عاما من السلام لم تطلق عليها رصاصة واحدة تمكن فيها من أن يدمر العالم العربي .. ماذا سيقول في نفسه ياترى؟؟ هل سيعتذر من عبد الناصر ومن الشعب المصري الذي صدق اسطورة السلام مع الاسرائيليين أم سيصر على ان الاسرائيليين يستحقون السلام ..؟؟

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري