كامالا هاريس....الجارة المزعجة
أخبار وتقارير
كامالا هاريس....الجارة المزعجة
صلاح العنكي
13 آب 2020 , 18:46 م
  ربما يتعين على الولايات المتحدة داخليًا، ودول الاتحاد الأوروبي، والشرق الأوسط، ودول أمريكا الجنوبية الاستعداد لمرحلة جديدة من سياسات "العم سام" بانضمام وجه نسائي جديد لإدارة البيت الأبيض، أقل ما

 

ربما يتعين على الولايات المتحدة داخليًا، ودول الاتحاد الأوروبي، والشرق الأوسط، ودول أمريكا الجنوبية الاستعداد لمرحلة جديدة من سياسات "العم سام" بانضمام وجه نسائي جديد لإدارة البيت الأبيض، أقل ما يقال عنها هو أنها لن تكون وجه محبوبًا لدول صديقة، و في الوقت نفسه لدول تضمر العداء لأمريكا وسياساتها في العالم. 

يتردد بين أوساط إعلامية مهتمة بالشوؤن الانتخابية الأمريكية ومسؤولو الحملات الدعائية للمرشحين من الحزبيين الرئيسيين الحاكمين في أمريكا: الحزب الجمهوري، والحزب الديمقراطي، يسهل على الطامحين للوصول للسلطة المكتب البيضاوي الوصول لمنصب الرئيس على الوصول لمنصب نائبة.
عززت هذه النظرية المنافسة الشرسة بين بيل كلينتون ومنافسه الجمهوري ال غور، ولا يمحى من ذاكرة السياسة الأمريكية كيف استطاع نائب الرئيس السابق ديك تشيني استغلال كل الصلاحيات الدستورية غير المتعارف عليها و ليسيطر بها على الكثير من التعقيدات الرسمية الأمريكية، و ليتحول المنصب إلى منصب جدلي بعد أن كان لفترة طويلة أشبه بمنصب تشريفي . 

يضاف لحساسية المرشح لمنصب نائب الرئيس الوقت المتأخر لاعلانه صاحب التذكرة لهذا المنصب، فيأتي في وقت استنفذت فيه جميع الوسائل الاعلامية في حملات المرشحين المتنافسين سهامها ضد المرشح الخصم، وأصبحت مستعدة للتصويب على هدف جديد حالمًا تم إعلان اسم المرشح مهما يكون شخصه. 
وربما يدعم هذه المزاعم شواهد التوجه في حملة ترامب الانتخابية للتصويب على سوزان رايس، أحد أعمدة إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.

كانت حملة ترامب على ما يبدو تؤمن بشدة أن رايس هي المرشحة المرتقبة لجو بايدن ولذلك كانوا يشنون هجومًا استباقيًا ضدها منتظرين فور اعلانها المرشحة، وهكذا بدأ الهجوم بإعادة فتح ملفات يشتبه في ضلوع رايس بها كملف ما يصفونه بمجزرة بنغازي، حتى أن المذيع الشهير في قناة فوكس نيوز توكر كارلسون أعاد فجاءة فتح ملف بنغازي في الأيام الماضية، والمذيع المعروف بأن ترامب شخصيًا يتابعه يوميًا مهما كان برنامجه مشغولًا، ويقال أن ترامب شخصيًا طلب النصح من كارلسون في كيفية إدارة حملته الانتخابية. 

في الأسابيع الماضية انحصر عدد المرشحين لمنصب نائب الرئيس في حملة بايدن إلى أربع نساء فقط وهم سوزان رايس، وايمي كلوموشار، وكمالا هاريس، وكما يصفها البعض بـ الحصان الأسود: اليزبيث ورن. 
فاجئ اعلان بايدن ترشيحه لهاريس الكثير، وأهمهم حملة خصمه ترامب، بل وحتى مقربون من حملة بايدن نفسه. إلا أن من ينظر بعين توجه الدولة العميقة في الولايات المتحدة كان يرى بوضوح توجها لدعم هاريس الذي اتضح في سببين رئيسيين :
أولهم التوجه السخي من المتبرعين من طبقة كبار رجال الأعمال المهتمين بالانتخابات الرئاسية والداعمين للحزب الديموقراطي لحملة هاريس، وكما هو معروف يحسم هؤلاء المتبرعون أمورًا عدة بسبب قوة نفوذ رأس المال  والمقرب من صناع القرار وبلا شك أنهم يعلمون أشياء قد لا يعلمها الناخب البسيط. 
اما السبب الثاني فهو التوجه الواضح في وسائل اعلامية كبيرة في دعم هاريس و استضافتها بكثرة وتصويرها كوجه محبوب، بل وحتى تجنب انتقادها في قنواتهم وبدأت في أحسن علاقة مع أبرز الوجوه الإعلامية في أمريكا، هكذا بدأت هاريس ممتطية حصانين رابحين في سباقها الانتخابي هو سلاح المال والأعلام. 

ولدت كامالا هاريس التي أعطيت اسم من الاسامي  السنسكريتية المستمدة من الأساطير الهندوسية لأم هندية وأب جاميكي في اوكلاند بولاية كاليفورنيا. 
كان والدها دونالد هاريس أستاذ اقتصاد في جامعة ستانفورد، وكانت والدتها المنحدرة من أصول عائلة هندوسية عريقة "شاميلا غوبالان" عالمة متخصصة في سرطان الثدي، حاصلة على شهادة الدكتوراه في علم الغدد الصماء وبعد انفصال والديها تعمقت علاقتها بأهلها لأمها، وكانت مقربة لوالد أمها الديبلوماسي الهندي السابق "في بي غوبالان".

 بدأت هاريس حياتها مليئة بالتناقضات، ففي حين نشأت في وسط عائلة استقراطيه المنشأ و كان من غير المسموح لها اللعب مع أقرانها و أبناء جيرانها بسبب بشرتهم السوداء، إلا أنها دائما ماكانت تتردد على كنيسة السود المعمدانية، و اعتبرت نفسها صاحبة بشرة وثقافة سوداء. 

عملت هاريس المحامية مدعية عامة في ولاية كاليفورنيا وسرعان ما ذاع صيتها بعد أن تولت العديد من القضايا المثيرة للجدل، وأغلبها ما أختص قضايا الاعتداءات الجنسيه بحق الأطفال والقاصرين. 
حاولت كثيرًا الظهور بمظهر اليساري المائل لحقوق المهمشين والممثل الفعلي لهم، لكن في الوقت ذاته يتردد تعيينها في لجنة قانونية للولاية كانت فيها مسوؤلة عن الطعن في تأمين البطالة حيث قامت من خلالها بقطع الكثير من المعونات عن المستحقين لها من الشباب والمحتاجين. 
يذكر أن هذه اللجنة كانت تنعقد مرة واحدة في السنة مقابل راتب يفوق ال١٠٠ ألف دولار سنويًا. 
أثناء أحد المناظرات للرئاسة تسبب هجوم المرشحة السابقة تيلسي غابرد على هاريس الكثير من الحرج على الهواء مباشرة بعد أن ذكرت غابرد أن هاريس وراء سجن ١٥٠٠ سجين بتهم حيازة حشيشة الماريوانا، بينما اكتفت هاريس بالابتسامة عندما سألت إذا سبق ودختنها. 
كما وجهت لها تهم إبقاء السجناء مدة أكثر من محكومياتهم القانونية لاستغلالها فيما بعد عمالة رخيصة تابعة للولاية. 
هكذا بدأت هاريس مدعي عام ينفذ القانون بحزم على ضعفاء القوم بينما ترتكب هي نفسها الجرم ذاته. 

لعل أبرز ما يلفت في آراءها السياسية الخارجية هي التشدد الكبير في مناصرة اسرائيل في صراعات الشرق الأوسط. هاجمت هاريس كل من حزب الله، وحماس، وإيران، وشددت بقوة على وجوب إبقاء السياسية الخارجية الأمريكية مع متماشية مع مصالح إسرائيل، وفي موقف لافت هاجمت فيه داعش بدون الإشارة إلى القضاء عليه، بل قالت في مامعناه أنه في ظل أزمة داعش والتنظيمات الأرهابية يجب أن ننظر إليها من منظور المصالح الإسرائيلية في مافهم على أنه على أمريكا محاربة داعش متى ما شكلت تهديدًا لتل أبيب فحسب. كان صوت هاريس مرتفعا أيضا في مهاجمة روسيا، وكثيرًا ما ألقت اللوم على بوتين في كثير من مشاكل الولايات المتحدة الداخلية بل وصلت لحد اتهام أعضاء في الكونغرس بالعمالة لموسكو، و وصفت ترامب نفسه أنه مجرد دمية في يد فلاديمير بوتين. 

مع كل فظاعة هاريس إلا أنها بدت وكأنها الخيار الأمثل، أن نشر مقاطع فيديو لمثيري الشغب لإخافة الناخبين البيض هو الورقة الباقية لترامب لسحبها في لعبة الانتخابات. 
لقد دمرها بايدن وأحرقها بترشيحه مدعية عامة تشتهر بتطبيقها الصارم للقانون الذي أودى بالكثير من المخالفين في السجون لفترات طويلة.

تظهر عضوة الكونغرس كامالا هاريس الأمريكية لأبوين مهاجرين، المحامية، والمدعي العام، و المرشحة السابقه لمنصب الرئيس، وحاليا المرشحة لنائب الرئيس عن مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن بصفتها من أبرز النساء التي سوف تلعب دور هاما في السياسة الأمريكية في السنوات المقبلة، سواء حالفها الحظ في الفوز في الانتخابات هذه المرة أو لا فلا شك أن صاحبة التناقضات العجيبة و الأشبه بالجارة العجوز المزعجة التي تراقب كامل الحي للتدخل في مشاكله لعلها تحظى بفرصة لاستغلالها في مصالحها الشخصية الخاصة والتي لا تخفي طموحها في الوصول مناصب سلطوية عليا مهما كان الثمن، ويظهر هذا جليًا بوصفها نفسها عندما قالت بكل ثقة أنها "أول نائبة رئيس سوداء في أمريكا ".

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري