بطاركة وشيوخ ومطارين في الدين، كما في السياسة، يغطون شاشات لبنان بينما يغط شعب لبنان العظيم في سبات أهل الكهف...
في لبنان، بلد الحريات المزيفة...
وبلد الإعلام الإعلاني المدفوع الثمن... يخرج علينا رجال دين ودولة يتحدثون عن العدالة الاجتماعية بينما لا يجد أكثر من ٧٠٪ من المواطنين ما يسد جوع أو عطش أو حتى نور كهرباء في عتمة ليل...
في لبنان، بلد الاحتيال والسرقة والنهب المنظم من قبل طبقة حاكمة لا تكترث لما يقوله شعبها لأن هذا الشعب لا يعرف سوى الكلام في صالونات أو على كنبات كانت يوما مودرن، قبل أن تصبح كنبات كاتمة للصوت والصورة...
كنبات تتكلم فقط حين تأتيها كلمة من عوكر ومعها شيكات ممهورة بتوقيع أميركي أكثر قبحا من قبح السفيرة الأميركية نفسها...
في لبنان حيث لا يعلق بطرك الدين على تسريبات تتحدث عن تهريبه لستمائة مليون دولار إلى الخارج بمعاونة رياض سلامة المتمترس خلف خطوط حمر متعددة الديانات والطوائف والمذاهب...
بينما يخرج كلب بطرك دنيوي آخر، ليعترف بأن سيده قد هرّب فعلا خمسمائة مليون دولار... لكنه فعل ذلك من أجل "ناسه... وشعبه... شو قلبه كبير هالبطرك...!!!"
في لبنان، حيث جن جنون بطرك آخر من بطاركة السياسة حين ماطل بعض المصارف في إرجاع ودائعه إليه...
صرخ أن هذا المال، ليس ماله... بل هذا *مال الطائفة...*
كلام صحيح مئة في المئة...
إنه مال مسروق من الطائفة...
جاء من يهمس في آذان المصارف أن هذا البطرك عنده زعران ويستطيع تحويل حياتهم في لبنان الى جحيم...
سارعوا وأعطوه كل ما أراده...
هو يملك مفاتيح المحاسبة من عدمها... وهو القادر على منع الكابيتال كونترول طالما لا يتضمن هذا القانون عفوا عن كل ما مضى وعن كل ما ارتكبته المصارف بحق شعب لبنان العظيم... العظيم جداً إلى درجة التخدير دون أية حبوب هلوسة أو مخدرات...
في لبنان، بلد العبيد البيض، يخرج علينا مطران يتحدث عن سلاح غير شرعي في بلد ممنوع عليه امتلاك مقومات صمود أو دفاع من قبل دول تمول هذا المطران قبل تلقينه فذلكة الكلام وكلام الفذلكة...
الياس عودة يحور ويدور ليثبت لأسياده الأميركيين انه الناطق الفعلي بما يريده بينيت وما اراده نتنياهو وقبلهم شارون وبيغن وبيريز وأشكول وبن غوريون...
بين المطران كبوجي، والمطران عودة... جدار بنته شياطين من يستمع إلى محاضرات مطران "العفة!!" حين يفلسف الامور معتقدا للحظة، أن منطقه الاعوج يمكن أن تقومه كلمات مستوحاة من نهار مظلم...
كثيرا ما يعتقد المطران أنه يستطيع تعليب أفكاره البائسة بلغة جبران خليل جبران...
تتبارى الشاشات لنقل خزعبلات مطران بيروت ولا يهمها كل كلام بطاركة ومطارنة وكرادلة فلسطين...
نشر كلام الاول مدفوع الثمن أضعافاً مضاعفة من عرب لا يحملون من العروبة إلا آثار بول البعير بينما نقل كلام مطران القدس وكرادلة بيت لحم يجلب عقوبات أميركية وبريطانية وطبعا، يجلب أيضاً غضبا سعوديا وإماراتيا... وربما حتى زعل ملك البحرين المعظم...
ومن أجل تشكيلة غير شكل... تتحفنا شاشة الجديد اليوم بآخر ما تفتقت عنه عبقرية صبحي الطفيلي، أمين عام عصر الظلمات، وخطف الرهائن على ابو جنب بتهم جاهزة هي العمالة للغرب!!!...
فجأة صحا الشيخ صبحي واكتشف أن كل مآسي المنطقة، بما في ذلك مأساة فلسطين يقف وراءها حزب الله وميشال عون...
أمين عام الصدفة الظلامية في تاريخ الثورات لا يهمه بيع نفسه للشيطان...
"سنفور الغضب" "حردان" ولا يشفي غليله سوى جنون البشر معطوفا على جنون البقر لتخرج كلمات لا منطق فيها ولا حتى تسلسل يشي بأن قائله ذا عقل ومنطق ودين...
ليس دفاعا عن الرئيس عون ولا عن باسيل... ولا حتى عن حزب الله...
فهؤلاء يحملون أيضاً أوزاراََ لا بد من تسديد أثمانها...
لكن قليلا من المنطق يشفي قلب الإنسان...
بصراحة لا كلام البطرك ولا فلسفة المطران ولا تفلسف الشيخ يمكن أن يؤدي إلى شيء في لبنان...
أما لماذا...؟
فبكل بساطة لأن ثقافة التجارة اللبنانية طغت على كل الكرامة والشرف والعنفوان الذي يزين هذه الأيام شوارع السودان...
في الخرطوم... في أم درمان...
في كل مكان من السودان...
يخرج شباب وشابات ينضحون بالحياة...
في السودان يخرج شعب برجاله ونسائه ليقول لأمريكا إن السودان بلد حر وإن كل التطبيع والخيانة التي ميزت البرهان وحميدتي وحمدوك وغيره من أذناب التبعية للغرب... كل هذا لا يساوي "نكلة" أمام شعب حر لا يرضى بأقل من استعادة وطنه من لصوص العسكر والسياسة...
بعد تونس، بعد الجزائر... ها هو شعب السودان يعطي شعب لبنان درساً عن كيفية تحقيق الشعار الأكثر ملائمة للوضع:
*الشعب... يريد... إسقاط النظام*
وكل ثورة وانتم بخير...