بداية لا بد من التذكير بمسألة مهمة وهي أن عدم تقديم مساعدة طبية لمريض في وضع حرج وصل إلى قسم الطوارئ في مشفى او مركز طبي،حتى لو لم يكن يمتلك المال او التحويلة الطبية اللازمة التي تمكنه من دخوله المشفى، هي جريمة مكتملة الاركان وترتقي إلى مصافي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التي يجب تقديم مرتكبها، او مرتكبتها، إلى المحاكمة لكي ينالوا القصاص العادل.
والتكبيف القانوني لهذه الجريمة واضح وهو ان هناك من تسبب ،بسبب سوء إدارته وإهماله، وفساده بوفاة إنسان كان يمكن إنقاذ حياته فيما لو قدم له العلاج اللازم وفي الوقت المناسب.
وإذا إنتقلنا من المجرد إلى الملموس فقد وصل إلى الضفة الفلسطينية المحتلة قادماً من قطاع غزة قبل عدة ايام، بصحبة عمه،فتى فلسطيني
مصاب بسرطان الدم يدعى سليم النواتي وذلك على أمل أن يتلقى العلاج اللازم في احد المشافي المتخصصة بمعالجة الاورام في الضفة او في اي مكان آخر تحدده الوزارة.
وطبقاُ لما افاد به والد الطفل فقد رفض مستشفى النجاح في نابلس إستقباله كما رفض قسم التحويلات في وزارة الصحة منحه التحويلة اللازمة التي تمكنه من تلقي العلاج في أي مشفى آخر مما تسبب وفاته. وطالما ان هناك جريمة قد إرتكبت وهناك متورطين بها فإن المطلوب ليس إنكار ما حصل او الاكتفاء بتحميل تبعاته إلى موظف واحد كما فعلت وزيرة الصحة مي كيلة التي حملت المسؤولية كاملة على ما يبدو لمدير التحويلات في وزارة الصحة، فعزلته من منصبه ونقلته إلى منصب جديد هو مدير صحة جنوب الخليل. وغني عن القول بهذا الصدد بأن ما اقدمت عليه الوزيرة كيلة من عملية نقل للموظف المذكور هو إجراء متسرع وفيه إستخدام لموظف ككبش فداء وهذا غير جائز في بلدان اخرى إلا إذا تمت ادانته من قبل لجنة تحقيق متخصصة ومحايدة.
ولكي تكتمل معالم الصورة فإنه حتى لو إفترضنا جدلاً بأن الموظف المنقول هو المسؤول الاول و الوحيد عن وقوع مثل هذه الجربمة فإن المنطق يقول بانه لم يكن ينبغي نقله إلى منصب كبير آخر في الوزارة بل إبعاده عن كل المناصب حتى لا يكرر اخطاؤه في مكان آخر وبحق مواطنين بسطاء آخرين.
وفي إعتقادي الشخصي ان حادثة بمستوى التسبب بوفاة الطفل النواتي في اي بلد آخر كان سيترتب عليها ليس اقل من إقالة وزيرة الصحة وكل موظفي الوزارة الذين كانوا على تماس مباشر بما حصل مع الطفل وتسببوا في وفاته.
فالأساس في هذه الحالة هو تقديم المساعدة الإنسانية لمن هو بحاجة ماسة إليها لأن منعها عنه هو جريمة قد تؤدي إلى فقدان الحياة.
في الختام الرحمة للطفل سليم النواتي والخزي والعار لمن منعوا عنه العلاج.