بقلم ناجي امهز
أولا بالنسبة لازمة بعض المسيحيين مع إيران:
أولا الكنيسة المارونية تعرف كيف يعيش المسيحيين الإيرانيين في ايران، فالجمهورية الإسلامية حريصة كل الحرص على المسيحيين الإيرانيين، فهم يتمتعون بكافة الحقوق السياسية والمدنية، ولو كان عددهم يسمح لهم بانتخاب رئيسا للبلاد صدقا لكانوا المسيحيين خاضوا معركة الرئاسة، بل ان المسيحيين في ايران والبالغ تعدادهم تقريبا 400 الف مسيحي لهم ثلاثة ممثلين في البرلمان الإيراني أي ان كل 130 الف مسيحي لهم نائب بالبرلمان، بالمقابل كل 313 الف مسلم لهم نائب في البرلمان الإيراني.
في ايران يوجد 600 كنيسة أي كل سبعمائة مؤمن مسيحي لهم كنيسة، وكافة الكنائس نفقاتها وصيانتها والكهرباء والماء على حساب الدولة الإيرانية.
كما ان القيادة في ايران تحرص كل الحرص على المشاركة في كافة الأعياد والمناسبات المسيحية، وتلزم كافة المؤسسات الإعلامية والرسمة بالتقيد الصارم بهذه المناسبات، في جمعة الالام، يلتزم الاعلام الإيراني الحداد وعلامات الحزن، وفي عيد الميلاد تتزين الجمهورية الإسلامية بأجمل زينة الفرح.
والذي دافع عن المسيحيين وحفظ الكنائس والاديرة في العراق وسوريا من خطر الإرهاب السلفي التكفيري الداعشي، هي الجمهورية الإسلامية في ايران، وفي مقدمة ابطالها الجنرال الشهيد قاسم سليماني، الذي يعترض بعض المسيحيين كيف تعلق صوره في لبنان.
وحقيقة لا اعلم كيف يقال عن إيران انها تدعم الإرهاب والتطرف، مع العلم ان كافة الدراسات وتحديدا الأمريكية والتي يعتمدها الحزب الديمقراطي الأمريكي، تشير انه لولا التواجد الإيراني الذي يشكل حاجزا طبيعيا، لاجتاح التطرف الافغاني والباكستاني العالم العربي، وكنا شاهدنا كيف الأقليات يتعلقون بالطائرات للفرار او كيف يركبون الأمواج والموت للنجاة..
اما بالنسبة الى ازمة الكنيسة مع الحزب
أولا ما من أحد على وجه الكرة الأرضية كان يتوقع ان يحصل في يوم من الأيام تصادم ماروني شيعي، وهذا الامر، أكدته التجارب، وأثبته التاريخ.
عندما حاول الفرنسيين زمن الانتداب ان يدفعوا بالشيعة للتصادم مع الموارنة بسبب موقف البطريرك الحويك الرافض للفدرالية السورية، او ما عرف بمشروع الدويلاتِ السوريّةِ الخمس، أي كل طائفة لها دولتها.
رفض الشيعة كل الاغراءات التي قدمها الفرنسيين، وأطلقوا الثورة على الانتداب الفرنسي، ونبذوا أي شيعي ينتمي الى الفرنسيين.
ولا يختلف اثنين، ان احد اسباب استقلال لبنان هي المقاومة الشيعية، وهي الورقة التي اعتمد عليها البطريرك الحويك لتقوية موقفه بالتفاوض على صيغة لبنان الجغرافية.
فالشيعة ابان الحكم العثماني كانوا الفئة الوحيدة التي قاومت السلطة العثمانية، أولا بسبب الظلم الذي كانوا يتعرضون له، إضافة انهم كانوا محرومين من حقوقهم المدنية والسياسية، اما السنة فانهم كانوا مع الخلافة الإسلامية العثمانية ويحرمون الخروج عليها، والموارنة كانوا يدفعون الجزية كما ان مناصبهم كانت متقدمة في السلطنة العثمانية، وابان الانتداب الفرنسي، كان الموارنة مع الانتداب الفرنسي، ويعتبرونه امتدادا للكنيسة او ما عرف بالعصر الذهبي لمسيحيين المشرق، والسنة لم يقاوموا الفرنسي لا في لبنان وسوريا، والدليل ان سلطان باشا الأطرش اضطر في 21 تموز عام 1925، إعلان الثورة من خلال إذاعة بيان سياسي وعسكري، يدعو فيه ويناشد الشعب السوري الانضمام الى الثورة على الانتداب الفرنسي.
وحتى عندما أراد الفرنسي والبريطاني ان يضيف قسم من جنوب سوريا شمال لبنان الى لبنان الكبير، وبالمقابل ان يضم جنوب لبنان الحالي الى فلسطين، قال البطريرك الحويك الشيعة اخوتنا وابنائنا، ويومها رفع المسيحيون الروم شعار "التركي ولا بكركي، ورب ثلاثين ولا جزين"، وكان توزيع السكان الطائفي عام 1920:
يهود ٢٠٦٠،
سنة ٧٦،٣٦٢،
شيعة ٣٦،١٢٠،
كاثوليك ٣٢،٤٧٣،
أرثوذكس ٦٨،٠٤٠،
موارنة ٢٠٦، ١٨٠.
المجموع: 395261.
اذا كان المسيحيين عددهم 280719
والمسلمين عددهم 112482
وعندما يفكر القارئ قليلا بأسباب هذا العدد الضئيل جدا للشيعة، يعرف انه بسبب العثمانيين والفرنسيين، الذين كانوا يقتلون الشيعة بدم بارد بسبب مقاومتهم، وكثير من الشيعة ماتوا تحت التعذيب الذي وصل حتى العبودية، والبقية من الشيعة فتكت بهم الامراض والاوبئة ولم يكن هناك مركز طبي واحد يستقبلهم، بينما بقية المكونات اللبنانية، تعيش في رغد وبحبوحة ورخاء، وتتناسل وتتكاثر، ومن لا يصدق كلامي، يمكن ان يعود الى إحصاءات عام 1920 والتي تؤكد ان عدد الشيعة لم يتجاوز 36 الف شيعي على كافة الأراضي اللبنانية.
اذا مشكلة الشيعة لم تكن يوما بسبب مقاومة الاحتلال مهما كان نوعه للبنان، وخاصة انه على مر التاريخ، كان كافة الافرقاء اللبنانيين يستفيدون من مقاومة الشيعة، فكان الشيعي يقاوم، يقتل او يهجر، بينما بقية المكونات تساوم وتفاوض وتحصل المكاسب، حتى انه يقال ان اردت ان تكون محظيا عند العثمانيين عليك ان تقدم مشروعا كيف تبيد الشيعة وسيتم تعينك بأرفع المناصب، ويتم بتصرفك كافة الإمكانيات،
اذا ماذا حصل اليوم كي يصل الموارنة والشيعة الى هذه الحالة، مع العلم انه مهما حصل لن يخرج موقف من أي قيادي شيعي نحو أهلنا المسيحيين، وانا اجزم للجميع بذلك والأيام ستشهد على كلامي.
هناك من قال ان المشكلة هي بسبب دعم الحزب، للتيار الوطني الحر بالانتخابات النيابية عام 2009 حيث ظهر ان التيار فاز في ببعض الدوائر بالأصوات الشيعية مما خلق نقمة كبيرة في صفوف المسيحيين الخاسرين، واعتبر ان الحزب يقوي فريق مسيحي على مسيحي اخر مما اعتبر تدخلا غير محمود بين أبناء الطائفة الواحدة، وان دعم الحزب يؤدي الى مصادرة راي شريحة كبيرة من المسيحيين، ويحرمهم من ممارسة حقوقهم في السلطة والوظائف الرسمية.
مع العلم انه عندما تحالف الحزب مع التيار عام 2006، كان التيار قد حصل بانتخابات عام 2005 على 78% من أصوات المسيحيين، يعني ان الحزب كان راضخا للأجماع المسيحي، والدليل ان الحزب لم يتجاوز الأكثرية المسيحية هو عدم دعمه لحليفه المسيحي التاريخي سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
وهناك من يقول: ان سبب الخلاف الماروني الشيعي هو بسبب العقوبات التي فرضت على الحزب، وخاصة في العالم العربي، حيث ضغطت بعض الدول ومنها العربية على رجال الاعمال الموارنة، بانه بحال بقي التحالف قائما بين الموارنة والشيعة فان أعمالهم بخطر واموالهم قد تصادر، مما دفع بغالبية رجال الاعمال الموارنة وغيرهم الى التبرؤ من الحزب ومنهم من هاجم الحزب، تجنبا لمثل هكذا مصير، وهذا الامر انعكس جزئيا على الراي العام المسيحي.
وهنا لا دخل للحزب بهذه الازمة بل ان مصالح بعض المتمولين او الذين يعملون بهذه الدول، هي التي فرضت هكذا توجه، مما يعني ان هناك من خطط لخلق خلاف ماروني شيعي وهو يعمل الى تحويله الى فتنة.
وأيضا هناك من يقول، ان سبب هذه الازمة هو الفساد الذي أوصل البلاد الى الانهيار التام، مما دفع بالكثير للهجرة وتحديدا المسيحيين، وخاصة ان هذه الدول ومنها العربية أبلغت غالبية القادة اللبنانيين وفي مقدمتهم الكنيسة، ان عودة الدعم الى لبنان مشروط بإنهاء دور سلاح الحزب، وان على اللبنانيين ان يختاروا بين سلاح الحزب وبين بقاء لبنان، وهذه الدول التي تفرض وتطالب بنزع سلاح الحزب، ليس همها لبنان بل همها هو حماية الكيان الإسرائيلي، ونهب ثروة لبنان النفطية.
وأيضا في هذه الحالة لا دخل للحزب، فالحزب لا يستطيع ان يسلم سلاحه لانه بحال سلم سلاحه فان كافة قياداته وغالبية المنتسبين اليه سيتم اما اعدامهم او اعتقالهم، وأيضا سيعود العدو الإسرائيلي لاحتلال لبنان من جديد، مما يعني اما إبادة الطائفة الشيعية او تشريدهم في مجاهل العالم.
ولماذا لا يترك موضوع سلاح الحزب الى حين إيجاد حل متكامل للمنطقة ومنها إعادة مزارع شبعا وترسيم الحدود البحرية، ووقف الانتهاك والاعتداء الإسرائيلي على لبنان ، بل يجب ان يستفاد من سلاح الحزب لإعادة النهوض بلبنان، حيث يجب ان يقال لهذه الدول قبل التكلم بسلاح الحزب أعطوا لبنان وادعموه وبحال وجدنا المجتمع الدولي جاد وصادق وحريص في نهوض لبنان، حينها نبحث عن الية للنقاش في سلاح الحزب، لكن قبل نهوض لبنان وإعادة كافة الأموال التي اخرجتها المنظومة الفاسدة من لبنان لا كلام عن سلاح الحزب.
لذلك على اللبنانيين عامة والمسيحيين خاصة ان يقرروا، اما الوحدة الوطنية هي الأساس، او زوال وتفكك لبنان.