لأن أحدا لا يريد الولوج إلى الحلول الفعلية، سوف يستمر التخبط...
لأن لصوص الطبقة السياسية من كل احزاب الموالاة (والمعارضة!!)، والتجار المرتبطين بهم، يعرفون أن أي حل فعلي يجب أن يمر من خلال جيوبهم وأملاكهم، سوف يستمر التخبط...
لأن حزب الله، لا يريد استفزاز هؤلاء اللصوص وطرح الحلول التي يعتبرها بعيدة عن (فكره الأقتصادي الحر!!!؟؟؟)، سوف يستمر التخبط...
لأن حزب الله يعتمد بين الحين والحين خطابا شعبويا يُرضي الجاهلين وغير المتعلمين وغير المثقفين من الفقراء، ومن الطبقة الوسطى، سوف يستمر التخبط...
ليس الوقت الآن للحديث عن الكوارث في السياسات الاقتصادية التي جرت خلال العقود الأخيرة، لكن نظرة بسيطة إلى السنتين الأخيرتين، تُبين كيف كان الجميع، بما في ذلك حزب الله وحزب القوات اللبنانية، ناهيك عن الاشتراكي والمستقبل والتيار و... و... يدافعون بشراسة عن الدعم على أساس أن الناس لا تستطيع احتمال رفعه أو تخفيضه...
سنتان تم خلالهما سطو التجار والطبقات الغنية على هذا الدعم...
في البدء، كان دعم الكاجو، وخادمات المنازل، والسفر إلى الخارج لمرة واحدة في السنة على أساس دولار ال ١٥٠٠ ليرة في ثمن البطاقة، وفي مبلغ مقطوع بدل مصاريف السفر...
ثم بدأت اسطوانة ترشيد الدعم التي برعت فيها كل الأحزاب بما في ذلك حزب الله، فاستولى المستوردون والطبقة الغنية على النصيب الأكبر من هذا الدعم بعد ترشيده، ولحس الفقراء الفتات الذي كان يتسرب من بين أصابع الأغنياء...
حتى رياض سلامة، كان أكثر واقعية من بقية اللصوص حين أراد التوقف عن هذا الدعم في مكان ما...
الحقيقة أنه كان يتوجب منع هذا الدعم العشوائي منذ الأساس، والانتقال إلى إيجاد صناديق دعم مباشرة للفقراء والعاطلين عن العمل، مقابل اعمال اجتماعية محددة يقومون بها خدمة للمجتمع (نظام يورو Job في ألمانيا)...
كم جرى صراخ للفت الإنتباه إلى تلك الخزعبلات، فلم ير بعضهم في هذا الصراخ سوى الإشارة إلى احمدي نجاد ومهاجمته، رغم أن كل المقصود كان الإشارة إلى سياسة الدعم التي قام بها الرجل حين كان رئيسا لجمهورية إيران...
مرة واحدة، مرة واحدة فقط صارح أمين عام حزب الله الناس وقال لهم ان الوقت سوف يأتي حين سوف يُرفع الدعم لأن الخزينة فارغة، والسلطة مفلسة...
لكن لم يتوقف الدعم إلا بعد أن تم الاستيلاء على آخر سنت، واخر قرش من الودائع المحتجزة خارج الاحتياط الإلزامي، من قبل هذه السلطة بغض النظر عن كل الأكاذيب التي يمكن أن يسردها أي فرع أو أي حزب من كل هذه السلطات عن الحقوق وعن المودعين...
هم هرّبوا أموالهم، ثم قاموا بحجز أموال الآخرين...
ولأن الطبقة السياسية تخدم التجار ولديها كم هائل من أهل الزبائنية السياسية الذين يطالبون بدورهم بالاستيلاء على جزء من هذه الودائع قبل تبخرها بالكامل، ولأن اسطوانة الدعم كان قد أصابها الشرخ...،
بدأت اسطوانات أخرى في الظهور مثل الدولار الطالبي الذي تسرب عبره مئات الملايين من الدولارات، دون أن تستفيد الأكثرية العظمى من الطلاب منه... بل ذهب هذا الدولار إلى أزلام اللصوص وتهريب الأموال...
ثم ظهرت اسطوانة دعم أدوية الأمراض المستعصية... إلى أن وصلنا مؤخرا إلى الدولار الجمركي، الذي جعل التجار يخفون البضائع كما فعلوا قبلا من أجل زيادة الأرباح بعد إقرار هذا الدولار...
حتى متى سوف تستمر السرقات؟
التجار لن يشبعوا... كذلك الأحزاب والأزلام...
أمس خرجت علينا الحكومة باقتراح جديد عن تخفيض الجمارك أو حتى إلغائها على المواد الغذائية... وعلى بعض المواد اللازمة للصناعة...
أليست هذه نسخة جديدة من الدعم العشوائي؟
هل كل الشعب اللبناني يحتاج إلى الدعم...؟
أليس من الأفضل ترك هذه الجمارك على حالها لتصب في صندوق خاص لمساعدة العائلات الفقيرة بدل أن يستفيد الأغنياء من رفع الجمارك هذا...؟
أليس من الأفضل جمع الجمارك المتأتية من السلع التي لها شبيه في الصناعة اللبنانية واستعمال هذه المبالغ لمساعدة الصناعة في تطوير النوعية وزيادة الكمية...؟
سوف نستمر سنة أو سنتين يقوم خلالها التجار بإدخال السلع التي تخضع للرسوم تحت أسماء السلع المعفية، فتخسر الخزينة المداخيل، ولا يصل إلى الفقراء أية مساعدة وتزداد جيوب التجار انتفاخاََ...
بعد سنة أو سنتين سوف تخرج المنار لتقص علينا حدوتة السرقات من هذه الإجراءات كما تفعل اليوم حين تتناول ما كان يحصل مع الدعم...
بانتظار أن يستيقظ أحد ما داخل حزب الله ويبدأ منذ اليوم بالصراخ ومنع هذه المهازل من الحدوث، الكل مذنب، والكل حرامي، بما في ذلك الشعبويون...
م خاتون