كتب الأستاذ حليم خاتون: أوكرانيا وسورية، حرب أهلية أم حرب كونية
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: أوكرانيا وسورية، حرب أهلية أم حرب كونية
حليم خاتون
12 آذار 2022 , 18:29 م


يكفي الاستماع الى المقاتلين الأوكران في مدينة نيكولاييف أو خاركوف، أو ماريوبول، أو حتى ضواحي كييف... حتى يفهم المشاهد ان المهاجمين، كما المدافعين، كلهم يتكلمون اللغة نفسها...

تماما كما كان الامر مع الموجات الاولى للإرهابيين في سورية...

في سوريا كان الهدف إسقاط الدولة الوطنية... التي كانت تشكل شوكة في فم الغرب...

لم تنفع الديبلوماسية الناعمة في زحزحة موقف سوريا من القضايا القومية...

فهم الاميركيون هذا الأمر بعد هزيمة سنة ٢٠٠٦، فقرروا إسقاط الحلقة الوسطى من محور المقاومة بين فلسطين ولبنان من جهة وإيران من الجهة الثانية...

لم تختلف الأمور كثيراً مع روسيا...

لعبت روسيا دورا مركزياً في هزيمة الناتو في سوريا...

فهم الاميركيون أن بوتين مصمم على إعادة بعث عظمة روسيا من جديد...

لم يقبل بوتين أن تلتحق القومية الروسية بنفس مرتبة إيطاليا أو اسبانيا أو حتى بولندا في النباح خلف السيد الأميركي الأبيض...

لذلك تقرر إسقاط الدولة القومية في أوراسيا عبر ضرب أوكرانيا وبيلاروسيا...

نفس ما حدث في سوريا يحدث اليوم في أوكرانيا...

جحافل من الإرهابيين من مختلف أصقاع الأرض بدأوا بالتوافد على أوكرانيا...

بين هؤلاء الكثيرون من مجرمي الحروب الأميركية والبريطانية من دواعش بيض ذوي عيون زرقاء...

تجاوز عدد الإرهابيين في سوريا المائة ألف...

كاد هؤلاء ينجحون في إسقاط الدولة الوطنية في سوريا لولا تدخل محور المقاومة وروسيا في مواجهة أكثر من ثمانين دولة، تجمعت حول الناتو وفي خلدها أن بشار الاسد سوف يهرب كما فعل يانوكوفيتش في أوكرانيا...

حتى مساء الأمس كان عدد هؤلاء الارهابيين في أوكرانيا قد جاوز العشرين ألفاً...

يتوزعون بين البيوت، ويقومون بالإشتباك مع القوات الروسية من خلف المدنيين...

حتى فرنسا ٢٤، لم تستطع تغطية كيفية إيقاف المدنيين في الشوارع وبث الرعب في القلوب...

دون قصد تمر صورة هنا او صورة هناك تفضح غوبلز الفرنسي الذي كما دويتشه فيلي أو أل بي بي سي او بقية الأبواق، تحاول إعادة الأكاذيب التي حاولت تمريرها في سوريا والعراق والكويت..

مستشفى الولادات المزعوم الذي قُصف، يحوي أحذية عسكرية...

يبدو أن الأطفال الرضع كانوا يلبسونها..

أمس قرر بوتين استقدام متطوعين هو أيضاً إلى أوكرانيا...

هللت الأبواق الغربية بأن هذا هو الدليل على فشل روسيا...

كان بإمكان بوتين مفاجئة إرهابيي الناتو في الميدان...

لماذا قرر بوتين الإفصاح عن مجيء هؤلاء...

١- هل هو لدب الرعب في قلوب ما يسمى بالفيلق الدولي...؟

٢- أم هي رسالة إلى أوروبا بأن اللعب على الطريقة السورية هي كالمنشار، تقطع على الطالع، وعلى النازل...

٣- أم هي فعلا لارسال مجموعات تستطيع التوغل حتى داخل أوروبا الأطلسية نفسها، وضرب الاطلسي من حيث لا يحتسب...

الحدود الشرقية لأوكرانيا مضبوطة جداً... أما المناطق الغربية ما بعد الدونباس، فهي مخردقة في أكثر من موقع، حتى حدود دول الطوق الأطلسي...

أي مجموعة محترفة تستطيع الاختراق والوصول حتى إلى غرب القارة الأوروبية...

ما قاله بوتين هو رسالة في أكثر من إتجاه...

بالإضافة إلى ما تم ذكره أعلاه،

يمكن القول إن بوتين يتوجه إلى الحلفاء ليقول لهم أنه لم يعد يأبه لمخاوف الناتو، ولا لقوانين النظام العالمي القديم الذي بدأت أسسه تهتز...

لمن لا يذكر، القنبلة النووية الصينية كانت هدية من جوزيف ستالين ل(ماو تسي تونغ)...

كانت الصين قد ساعدت كوريا الشمالية في حرب التحرير والوحدة الكورية عبر إرسال حوالي مليون متطوع صيني...

كادت العاصمة الجنوبية سيول تسقط لولا تدخل تحالف أممي بقيادة اميركا النووية، في حين كانت الصين لا تزال فقيرة الحال وفقيرة التسليح...

كان لا بد من دعم برنامج نووي صيني يكفل التوازن في شبه الجزيرة الكورية...

هل يقصد بوتين إرسال رسالة إلى طهران...؟

يبدو أن المحاذير الروسية من إيران نووية قد أسقطها الغرب حين قرر استنزاف وهزيمة روسيا بأي ثمن...

إيران قادرة على الكثير الكثير من الخطوات التي بإمكانها إعادة أتباع نفس الخطط الحربية التي جرت في سوريا...

صحيح أن المنفعة مشتركة، وان المصلحة متبادلة، لأن المشروع الأطلسي واحد وهزيمة طرف في المقابل هو هزيمة لكل الموجودين في الجهة المقابلة...

لكن هناك ثمن تستطيع إيران كسبه عبر التحول إلى قوة نووية...

لقد تغير العالم...

ربما آن الأوان لتجاوز فتوى الامام الخميني التي كان يتبناها الامام الخامينائي بالنسبة السلاح النووي...

كل سلاح، واي سلاح باستطاعته أن يكون سلاح تدمير شامل...

لقد ثبت هذا في مرفأ بيروت...

ثم إن الحقاىق أثبتت أن الأميركيين لا يجرؤون على الاقتراب من أية قوة نووية...

فلا هم تجرؤوا على كوريا الشمالية، ولا هم يتجرؤون اليوم على روسيا رغم فرق القوة الهائل بين الطرفين...

الحرب، بأي سلاح كانت، هي صراع تنقصه الاخلاق بنسبة كبيرة...

إذا كانت الصواريخ قد لعبت دورا ردعيا ضد إسرائيل، فإن لا شيء يمكنه ردع ذلك الكيان في التهديد النووي كما حصل بعد انتصارات الأيام الأولى لحرب أكتوبر...

كما ان كلمات بوتين هي رسالة موجهة إلى كل طرف في المحور بأن أذية روسيا، هي أذية لكل المحور... كذلك أذية المحور اليوم هو أذية لروسيا...

نقلا عن فرنسا 24، يستعد الكيان لاستقبال حوالي مائة الف أوكراني من اليهود...

هؤلاء يهربون من الحرب في أوكرانيا... وهذا حقهم...

لكن ليس من حقهم المجيء إلى فلسطين واستيطان الأرض ومصادرة المياه والوطن..

هؤلاء لو كانت الضفة تنتقل من انتفاضة إلى انتفاضة أخرى...

ولو كانت غزة تنتفض ضد حصارها بالنار، بدل اطلاق الشعارات والتهديدات الجوفاء، لكانوا فكروا ألف مرة قبل ركوب الطائرات المتجهة إلى فلسطين...

قد يذهب الآلاف للقتال إلى جانب الجيش الروسي، فهذه مصلحة مشتركة بكل تأكيد...

لكن القتال داخل فلسطين وعلى كل جبهات فلسطين لا يساعد الروس فقط، بل يشكل خطوة تكتيكية جبارة في خدمة استراتيجية التحرير لكامل فلسطين التاريخية...

بعد الثورة البلشفية تدخلت كل الدول الغربية لمحاربة الثورة الفتية...

ارسل هؤلاء جحافل من العملاء والخونة الذي انتظموا في صفوف الجيش الابيض لمواجهة الجيش الأحمر...

انتصرت الثورة وانتصرت روسيا...

لن يكون الفيلق الأطلسي، ولا العملاء والخونة من الأوكران أشد وأكثر قوة من الجيش الابيض ذاك...

لقد دفع هتلر باكثر من نصف مليون جندي الماني، مسلحين بآخر ما ابتكرته آلة الحرب النازية في الحرب العالمية الثانية...

انتصرت روسيا وقتل ثلثا الجيش الألماني المهاجم، ووقع الثلث الثالث في الأسر...

في الحرب العالمية الثانية التي يطلق عليها الروس اسم الحرب الوطنية الكبرى، خرج بطرك روسيا الموجود في زاغورسك ودعا الشعب الروسي للدفاع عن الوطن الأم... وانتصرت روسيا...

في إيران، خرج الإمام الخميني ودعا الشعب الإيراني لمواجهة صدام حسين بعد أن اجتاحت قواته على جميع الجبهات...

دُحر صدام وانتصرت الثورة الفتية...

في العراق، خرج الامام السيستاني ودعا العراقيين للدفاع عن أهل العراق، فهزم الحشد الشعبي داعش في فترة قياسية...

في اول الحرب خرج بطرك موسكو وكافة روسيا ورأس الكنيسة الأرثوذكسية في العالم ودعا الشعب الروسي للدفاع عن الوطن الأم، بعد أن رأى بام العين مدى "خنزرة" الغرب الأطلسي...

لذلك، لن تنهزم روسيا حتى لو دخل الأطلسي بكل دوله في هذه الحرب...

ما قاله بوتين أمس، هو إعلان واضح بأن روسيا مستعدة إذا اقتضت الحاجة أن تقلب الطاولة على رؤوس الجميع...

فمتى نفعل نحن ما علينا فعله لقلب هذا النظام وهدم هذا الهيكل على رؤوس الأعداء وعلى رؤوس الجميع أن توجب الأمر...

إما أن أن نكون أحراراً، وإما أن لا يكون وجود لأحد على هذا الكوكب...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري