هل تشكّل زيارة السّيّد الرّئيس الأسد للإمارات ولادة شرق أوسط جديد ؟!.
مقالات
هل تشكّل زيارة السّيّد الرّئيس الأسد للإمارات ولادة شرق أوسط جديد ؟!.
نبيل أحمد صافية
21 آذار 2022 , 10:36 ص


أودّ أن أطرح عدداً من الأسئلة أهمّها ما يتعلّق بالعنوان :

هل تشكّل زيارة السّيّد الرّئيس للإمارات ولادة شرق أوسط جديد ؟!، وهل هو الشّرق الأوسط الذي تحدّثت عنه مستشارة الأمن القوميّ الأمريكيّة رايس ليكون الرّبيع العربيّ أو أنّه الشّرق الأوسط الذي يريده محور المقاومة لتكون ولادته من قلب العروبة ومحور المقاومة سورية لينتج ربيعاً مقاوماً ؟!.

بعض المحلّلين عدّوا تلك الزّيارة اختراقاً دبلوماسيّاً أو خرقاً للحصار ، ولكنّي أراها أكثر من اختراق دبلوماسيّ رغم أنّ علاقات التّحسّن العربيّ بدأت بين الدّول العربيّة ، وهذا ما ذكرتُه في مقالات سابقة بعودة العلاقات العربيّة مع سورية التي وجدنا منها زيارات لبعض دول خليجيّة متنوعة ، والتي كان منها زيارة الوفد السّعوديّ برئاسة الفريق خالد الحميدان رئيس المخابرات السّعوديّة واستقبال السّيّد الرّئيس لذلك الوفد ، وكذلك زيارة الوفد الإماراتيّ برئاسة الشّيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجيّة والتّعاون الدّولي ، واستقبال السّيّد الرّئيس له أيضاً ، وجاءت الزّيارتان إبّان الحرب الباردة بين الإمارات والسّعوديّة لتشكّلا زحفاً دبلوماسيّاً عربيّاً نحو دمشق ، وتمّ طرح أسئلة عديدة عن المطالب التي طرحتها سورية في تلك الزّيارة ، وهل تقدّمت الجمهوريّة العربيّة السّوريّة باقتراح دفع التّكاليف لإعادة الإعمار والتّعويضات عن التّضحيات وإراقة الدّماء السّوريّة ، وتشكّل عودة الدّول العربيّة للحضن العربيّ السّوريّ وفتح القنوات الدّبلوماسيّة العربيّة معها نهايةً لعزلتها وعودةً لمكانتها عربيّاً ودوْليّاً ، وإنّ تعاون الجمهوريّة العربيّة السّوريّة مع محيطها العربيّ يسهم في تحقيق المزيد من التّرتيبات الأمنيّة أيضاً في العراق وغيره ، وتستطيع تَبَعاً لذلك العمل لتحقيق التّوازن والتّعاون الإقليميّ بما ينعكس إيجاباً على الوضع العربيّ عموماً سواء في العراق أم لبنان أم اليمن وغيرها ، كما أرى أنّ تلك العودة العربيّة يمكن أن تدفع لتحقيق السّلام عموماً في المنطقة ، وأن تكون دول الخليج وخصوصاً الإمارات العربيّة المتّحدة وسيطاً بين سورية وإسرائيل بدعمٍ أمريكي روسيّ ، وقد تناولتُ في مقالات سابقة اتّفاقية السّلام المتوقّع أن يتمّ إبرامها بين سورية وإسرائيل فوق الأراضي الإماراتيّة في حال استمرّ وجود ذلك الكيان دون الزّوال ، وأشرت أيضاً إلى أنّ سورية قد تكون وسيطاً استراتيجيّاً بين دول الخليج وإيران ، ومن الممكن أن نشهد وساطة عربيّة سوريّة بين الإمارات العربيّة المتّحدة وإيران ليكون ذلك ضمن الأهداف البعيدة المدى للإمارات لاستعادة الجزر ( أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصّغرى ) ، وسيكون لهذه الزّيارة أهمّيّتها في مختلف النّواحي ، ولها تأثيرها الاقتصاديّ في المنطقة لتوفير التّكامل الاقتصاديّ والاستثمارات بين دول المنطقة رغم حالة الخلاف بين بعض الدّول الخليجيّة ولبنان ، وستلقى تلك الزّيارة دعماً عربيّاً مطلقاً ، ولا أستبعد قبل انعقاد القمّة العربيّة أن تتمّ زيارة من السّيّد الرّئيس للمملكة العربيّة السعوديّة أيضاً,

اً وربّما في القريب العاجل ، وقد لا أكون مجازفاً إذا قلت : إنّني لا أستبعد قراراً عربيّاً بنقل مكان انعقاد القمّة العربيّة من الجزائر لدمشق ، وتَبَعَاً لذلك أرى أنّ القمّة العربيّة القادمة _ وإن لم تُعقَد في سورية _ ستكون سوريّةً بامتياز ، وننتظر قادم الأيّام وما تحمله من مفاجآت .

وأرى أنّ تلك الزّيارة التي قام بها السّيّد الرّئيس الدّكتور بشّار الأسد يوم الجمعة الماضي لدولة الإمارات تكتسب أهمّيّتها أيضاً كونها برأيي : تشكّل ولادة شرق أوسط جديد ، لكنّه لن يكون الشّرق الأوسط الذي تحدّثت عنه مستشارة الأمن القوميّ الأمريكيّة رايس الذي أنتج الرّبيع العربيّ وسيكون الشّرق الأوسط الذي ستكون ولادته من قلب العروبة ومحور المقاومة سورية لينتج ربيعاً مقاوماً ، وأرى أنّ تلك الزّيارة حملت رسائل لدول الخليج من روسيا وإيران ، وأظنّ أنّ من تلك الرّسائل : الدّعوة ألّا يتمّ التّحريض من دول الخليج لإرسال مرتزقة لصالح أمريكا وأوكرانيا في نظامها النّازيّ حتّى لا تكون مناوئة لروسيا في حربها ضدّ أوكرانيا _ رغم أنّي أعدّها حرباً ضدّ حلف النّاتو _ ولن يتمّ التّساهل عندئذٍ مع دول الخليج المتورّطين ضدّ روسيا ، وأعتقد أنّ السّيّد الرّئيس أراد إيصال رسالة قويّة إلى دول الخليج لعدم تمويل الجهاد ضدّ روسيا ، ذلك أنّ لعبة الجهاد التي لعبها العرب وخصوصاً دول الخليج ضدّ الاتّحاد السّوفيتيّ في أفغانستان لن تتكرّر وفق التّحذير من مغبّة مثل تلك الأساليب أو الدّعم مجدّداً .

ولعلّي أرى بوابة الشّرق الأوسط الجديد تتمثّل في سورية ضمن محور المقاومة أمام دول الخليج ، وهو شرق أوسط المقاومة ، حيث تكون فيه دمشق قلب المقاومة النّابض ، والذي سيعيد الألق إلى المقاومة وحلفها ، وأمّا الرّسالة التي يمكن أن تكون من إيران _ وفق ما أراه _ فتتمثّل وتتجلّى بألّا تدخل دول الخليج في أيّة مواجهة سياسيّة أو اقتصاديّة مع إيران ، خصوصاً أنّ الفرصة سانحة حاليّاً أمامهم ، وهم الذين راهنوا في إيصال حالة الرّبيع العربيّ الذي دعمته رايس ودعت إليه في المنطقة العربية ؛ فهل سنشهد ربيعاً مقاوماً عربيّاً تكون سورية قلبه النّابض ؟!، وأرى تدخّلاً سوريّاً في أوكرانيا سيكون عاملاً حاسماً في نتيجة الحرب التي تخوضها روسيا ، عندما يتمّ تقديم الدّعم العسكريّ البشريّ السّوريّ بشقّيه المؤيّد والمعارض ، ويتمّ التّقديم بالطّرف المؤيّد عن طريق محور المقاومة ، وأمّا المعارض المرتزَق فيتمّ عن طريق دول الخليج ، وسننتظر الأيّام القادمة ، وما ستحمله لولادة شرق أوسط مقاوم جديد ..

بقلم الباحث والمحلّل السّيّاسيّ : نبيل أحمد صافية

وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية

المقالات تعبر  بالضرورة عن وجهة نظر كاتبها فقط,

المصدر: موقع إضاءات الإخباري