في هذه الأيام تدخل الحرب التى شنتها دول العدوان على اليمن بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا والسعودية والإمارات ودولة الكيان الصهيوني عامها الثامن دون ان تحقق شيئا من اهدافها السياسية، التي ارادت إخضاع واستسلام الشعب اليمني لإرادة دول العدوان والخضوع لشروطها، والعكس تماما هو ما حصل، حيث صمد الشعب اليمني وجيشه وقيادته صمودا اسطوريا، واستطاع ان يحقق المستحيل.
نعم لقد حقق اليمن الإنجاز والاعجاز، وقدم تجربة نموذجية تستحق التقدير، واثبت للعالم اجمع ان شعبا مضطهدا مظلوما يملك الارادة والتصميم على الانتصار ويدافع عن حريته وكرامته قادر على هزيمة الاعداء وهذا ما نشاهده اليوم.
ان اي تقييم موضوعي لمسيرة هذه الحرب، والاسباب التي دعت اليها والأهداف التي ارادت تحقيقها، والنتائج التي وصلت اليها، تشير بشكل واضح لا يقبل الجدل ان دول العدوان اخفقت في تحقيق اهدافها، وان اليمن اصبح اقوى بكثير مما كان عليه رغم انهم أرادوا اضعافه وتحطيمه وانهم اصبحوا اكثر ضعفا ولم يحققوا اي من اهدافهم. لم يحققوا سوى القتل للنساء والأطفال وتدمير المصانع والمدارس والمستشفيات. لقد شنوا الغارات على المدنيين في حفلات الأعراس وبيوت العزاء وفشلوا فشلا ذريعا في تحطيم الجيش اليمني والمقاومة الشعبية، وكانت النتيجة انهم اصبحوا اقوى من السابق وهم من باتوا اليوم يصنعون الانتصارات ويرسمون المعادلات الجديدة، ليس في اليمن فحسب وانما في منطقة الخليج العربي والاقليم، وبدلا من أن يتمكن العدو من اخراجهم من معادلة الصراع ها نحن نراهم اليوم يؤكدون انهم جزء أساسي من هذه المعادلة المحلية والإقليمية لايستطيع اي كان ان يتجاوز دورهم.
وفي هذه المناسبة اتوجه للشعب اليمني البطل وجيشه ولجانه الشعبية بأجمل التحيات وهم يصنعون الانتصارات ويهزمون الاعداء واترحم على ارواح الشهداء متمنيا الشفاء العاجل للجرحى .
واقول نعم لقد دفع اليمن وشعبه ثمنا غاليا من خلال تضحياته ولكني اؤكد ان الثمن كان سيكون اكبر لو سلك اليمن طريق الاستسلام، فالثمن الذي ندفعه من خلال المقاومة اقل بكثير من الثمن الذي ندفعه من خلال المساومة.
وفي هذه المناسبة لا بد من التوقف امام مجموعة من الدروس والاستنتاجات التي نتجت عن هذه الحرب
أولا..
ان الشعوب التي تقاتل من أجل حريتها واستقلال وسيادة أوطانها، تستطيع الإنتصار وصنع المعجزات مهما كانت امكانياتها ضعيفة.
ثانيا..
لقد اصبحت اليمن اليوم دولة محورية على صعيد المنطقة والاقليم يحسب لها الف حساب بعد ان كانت دولة مهمشة واصبحت جزءا من رسم المعادلات في المنطقة لايستطيع ان يتجاهلها احد.
ثالثا...
القيادة اليمنية تملك ثقافة المقاومة الى جانب الرؤيا الاستراتيجية لمستقبل اليمن ودوره وتملك ارادة التغيير، مقابل ثقافة القتل والتدمير والتبعية للعدو والسير في مخططاته.
رابعاً..
قدمت اليمن نموذجا جديدا في القدرة الذاتية والاعتماد على الذات من خلال تصنيع السلاح والذخيرة وتطوير اسلحتها معتمدة على عقول أبنائها وعلمائها حيث انجزت إعجاز في تطوير الصواريخ من حيث الدقة والمسافة كما انجزت اعجازا اخر من خلال تطوير الطائرات المسيرة
خامساً..
قدمت نموذجا جديدا للحرب، كونها لم تعتمد فقط على الحرب الكلاسيكية بين الجيوش بل خاضت حربا مركبة شارك فيها الجيش والمقاومة والشعب وهذه تجربة غنية وفاعلة، تجربة عرفت فيها القيادة اليمنية وقواتها المسلحة ومقاومتها كيف ومتى تتقدم واين ومتى توجه ضرباتها للعدو بكل قدرة وتحكم وعرفت كيف تصنع الانتصارات وتلحق الهزيمة بالعدو.
وهذا ما قامت به وجسدته من خلال عملياتها في السنوات الماضية خاصة الفترة الاخيرة عندما اطلقت عملياتها الكبرى تحت اسم اعصار اليمن، والتى حققت ضربات قاصمة وموجعة لدول الاعداء خاصة في السعودية والامارات وعطلت جزء ا هاما من مرافقها الحيوية ومنشآتها الاقتصادية.
لقد ضربت في جدة والرياض وجيزان ونجران وعسير وخميس مشيط وابها وقصفت ارامكو عصب الاقتصاد السعودي كما قصفت محطات تحلية المياه ومحطات الكهرباء موجهة بذلك رسالة واضحة للجميع تقول لهم هذه البداية الحقيقية للرد والقادم اعظم ولدينا من القدرة والإرادة ما يلحق الهزيمة بكم وهانحن نسمع اليوم صراخ السعودية والإمارات ونقول لهم ليس امامكم من طريق سوى انهاء هذه الحرب وتلبية مطالب الشعب اليمني المحقة قبل فوات الأوان.
سادساً...
الشعب اليمني وقيادته حافظ على بقاء بوصلته تؤشر بالاتجاه الصحيح، نحو القدس وفلسطين، وأكدوا ذلك على لسان قادتهم عندما اعلنوا انهم ينتظرون بفارغ الصبر المشاركة في المعركة الكبرى، معركة تحرير فلسطين، وعندما خرج مئات الآلاف من الشعب اليمني للميادين والساحات وهم تحت القصف يعلنون دعمهم لفلسطين.
سابعا...
لقد اثبتت هذه الحرب مدى جدية قيادة اليمن وشعب اليمن في التصدي للعدوان والدفاع عن بلدهم وارضهم، واكدت ان الأرواح ليست اغلى من الكرامة وتحرير الأرض، وان الشعب اليمني ومقاومته عصيان على الكسر والتطويع ولا يقبلا الاستسلام
واثبتت مصداقية القيادة كونها تربط بين الاقوال والافعال ليس هذا فقط بل في الكثير من الأحوال كانت افعالها تسبق اقوالها.
سابعا...
اثبتت هذه الحرب شجاعة ورجولة الشعب اليمني، واكدت الحقيقة التي تقول اذا كان اليمن فقير بامكاناته فانه غني بكرامته وشجاعته. وهو لم ينهزم في تاريخه سابقا وسوف ينتصر الآن في معركته
ثامنا...
اكدت هذه الحرب ان الولايات المتحدة الامريكية المهزومة في أفغانستان والتي تسير نحو الهزيمة في اوكرانيا لن تستطيع الدفاع عن السعودية والإمارات ودول العدوان وستبقى مشغولة بقضاياها.
اما دولة الكيان الصهيوني التى عجزت عن مواجهة المقاومة الوطنية اللبنانية بزعامة حزب الله وعجزت عن مواجهة المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة وال ٤٨، لن يكون بمقدورها توفير الحماية لهم وقد اصبحت بحاجة لمن يحميها.
تاسعا...
لقد استخدمت دول العدوان كل ما لديها من امكانيات ودفعت المليارات، ولم تحقق نصرا واحدا بل اصبحت امام حقيقية واضحة انها هزمت، وهي التي قالت ان الحرب ستنتهي خلال اسبوعين وهي اليوم تدخل عامها الثامن
بعد ذلك لابد من القول ان السعودية سلكت الطريق الخطأ ومعها الإمارات وهم اليوم يدفعون ثمن هذا الخطأ هزيمة مدوية بدأت ملامحها تلوح في الأفق وبات تحقيقها اقرب من اي وقت مضى، ان من تابع المؤتمر الصحفي الذى عقده الناطق الرسمي باسم الجيش اليمني والذي قدم فيه حصيلة الخسائر البشرية والمادية والاقتصادية في صفوف دول العدوان كبيرة جدا وفاقت كل التوقعات خلال السنوات الماضية وهاهي اليوم عملية اعصار اليمن تاتي لتعلن الهزيمة المدوية لعاصفة الحزم، والى جانب ذلك نحن نعيش اليوم انتصارات محور المقاومة وأصدقائه من لبنان حتي اليمن ومن سوريا الى فلسطين ومن ايران وصولا الى روسيا، بكل ما تعنيه هذه الانتصارات من دروس ونتائج، ادخلتنا في مرحلة جديدة على مستوى المنطقة والعالم، مرحلة سوف تشهد سقوط هيمنة الامبريالية الامريكية على العالم وانتهاء احادية القطبية ونشوء عالم جديد.
مرحلة يصحح فيها التاريخ كما قال بوتين. ومعركتنا في فلسطين هي ايضا جزء من تصحيح هذا التاريخ، معركة ضد دولة الكيان الصهيوني التى قامت على حساب شعبنا واقتلاعه من ارضه ولابد من ازالتها.
وختاما اقول في ظل دعوة السعودية الاطراف اليمنية للحوار في الرياض، اقول ان هذه الدعوة فاشلة من بدايتها، السعودية تقود المعركة ضد الشعب اليمني ولا يمكن ان تكون وسيطا ولا يمكن ان تكون الرياض مكانا محايدا.
ان الحل الأساسي لمشكلة اليمن يقوم اساسا وبالدرجة الأولى على عقد اجتماع يضم كافة الأطراف اليمنية بعيدا عن التدخلات الخارجية ،والشعب اليمني يملك من القدرة والإرادة والتجربة ما يجعله قادر على تحقيق الحل المناسب له.
في هذه الذكرى مرة أخرى
نتوجه بالتحية لشعب اليمن وجيش اليمن ومقاومة اليمن
ونترحم على شهداء اليمن ونتمنى الشفاء للجرحى
وندين بكل قوة دول العدوان وممارساتها، كما ندين سكوت المجتمع الدولي وصمته ازاء الجرائم التي ترتكب يوميا وندعو هم لتطبيق القوانين الدولية واحترام حقوق الانسان
النصر لليمن والهزيمة لدول العدوان
نتوجه بالتحية للشعب اليمني ونعتذر منه عن الرسائل التي وجهت بإسم فلسطين دعما للنظام المعتدي في السعودية وإدانة لشعب اليمن المعتدي عليه وهو من وقف دوما الى جانبنا، ونقول ان هذه المواقف لا تمثل الشعب الفلسطيني وليس مستغربا ممن يدين عمليات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي ويصفها بالإرهاب ان يتخذ موقفا كهذا وفلسطين منه براء
طارق ناصر ابوبسام
براغ، 27 آذار، 2022