كتب الأستاذ طارق ناصر: في يوم الأرض.. الأرض تزهر ورودا وسنابل، والشعب يقاوم ويقاتل.
فلسطين
كتب الأستاذ طارق ناصر: في يوم الأرض.. الأرض تزهر ورودا وسنابل، والشعب يقاوم ويقاتل.
طارق ناصر
29 آذار 2022 , 20:33 م


تصادف اليوم الذكرى الـ 46 ليوم الأرض، يوم الانتفاضة الشعبية العظيمة، التي انطلقت شرارتها الأولى من عرابة وسخنين وكفر كنا في منطقة الجليل، وعمت كافة مدن وقرى فلسطين المحتلة عام 1948 واتسعت لتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، والخارج واشعلت الأرض تحت اقدام العدو المحتل .

وفي هذا اليوم اتوجه بالتحية كل التحية، تحية الاعتزاز والافتخار لصانعي يوم الأرض، المتمسكين بها والمدافعين عنها، تحية لهم وهم يصنعون المجد، ويكتبون التاريخ بدمائهم من جديد.

تحية لهم في كل موقع من مواقعهم، في كل قرية ومدينة من فلسطين

تحية لهم في النقب والجليل، في غزة والخليل في ام الفحم وبيت لحم، في نابلس وبيتا في القدس والشيخ جراح، في الناصرة وعكا وحيفا ويافا وبئر السبع ورام الله وطولكرم وجنين وعرابة وسخنين.

تحية لهم وهم من تصدى لقوات ودبابات العدو باجسادهم وعزيمتهم التي لا تلين، واعلنوها صريحة مدوية ان مصادرة الأراضي واقامة المستوطنات عليها في الجليل بهدف تهويد المنطقة لن تمر .

التحية لشهداء وجرحى يوم الأرض، اللذين سالت دماؤهم وامتزجت بتراب فلسطين، لتسقي الأرض، وتبدد اليأس وتنتج الأمل والمقاومة.

تحية لكل من ساهم في صنع يوم الأرض، هذا اليوم الذي اعاد الإعتبار للقضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني، ودعا لرحيل الاحتلال، واكد ان الأرض ارضنا والسماء سماؤنا والبحر بحرنا والهواء هواؤنا والشجر والحجر ،كلها لنا ولن نتنازل عن حبة تراب منها.

وفي هذا اليوم المجيد لا بد ان نتوجه بالتحية لشعبنا الفلسطيني المنتفض في الضفة الغربية والقدس والشيخ جراح نابلس وجنين والخليل وفي كل المواقع رغم كل اجراءات العدو القمعية وتعاون سلطة اوسلو معه لمنع قيام الانتفاضة القادمة في كل الأحوال.

والتحية لشعبنا الصابر المرابط والمكافح في غزة الكرامة والعزة ومقاومته، هذا الشعب الذي يعاني من الحصار والتجويع بتآمر عربي وشراكة من السلطة، ورغم ذلك تصدي للعدو في حروبه المتعددة ضد القطاع، وخاض معركة سيف القدس دفاعاً عن الاقصى والشيخ جراح، هذه المعركة التي حققت نتائج كبيرة لصالح المقاومة مقابل خسائر كبيرة في صفوف العدو، سياسيا واقتصاديا وأمنيا، وفرضت معادلات جديدة لم يستفاد منها كما يجب.

وفي هذا اليوم نتوجه بالتحية الخاصة للمقاومين الأبطال محمد القيعان بطل عملية النقب، وخالد وايمن اغبارية، ابطال عملية الخضيرة الذين احتفلوا بهذه المناسبة على طريقتهم، ووجهوا من خلال عملياتهم الرسائل في كافة الاتجاهات، للاحتلال والمطبعين العرب الذين اجتمعوا في نفس الفترة في النقب، عندما التقى وزراء خارجية مصر والإمارات والبحرين والمغرب مع وزير الخارجية الصهيونية وبرعاية وزير خارجية الولايات المتحدة. لقد اكد الأبطال من خلال عملياتهم ان المقاومة هي الطريق الى التحرير، هذه العمليات التي اكدت وحدة الشعب والأرض والمصير، وقالت للخونة والمطبعين العرب طبعوا كما شئتم، العدو لن يحميكم وهو غير قادر على حماية نفسه، ومصيركم جميعاً إلى مزبلة التاريخ.

يوم الأرض مناسبة عظيمة نحتفل فيها في كل عام، ليس من اجل توجيه التحيات والتمجيد فقط، وهذا واجب علينا، وانما، وهذا هو الأهم، من اجل استخلاص الدروس والعبر منها والوقوف أمام الأسباب التي أدت إلى اندلاعها، حتى يتسنى للأجيال الشابة معرفة ذلك.

لقد اندلعت هذه الانتفاضة الشعبية، بعد ان اتخذت سلطات الاحتلال قرارا بمصادرة آلاف الدونمات من أراضي الجليل في عرابة وسخنين ودير حنا وغيرها، حيث رفضت جماهير الشعب الفلسطيني هذا القرار وتصدت له بكل قوة ودعت إلى اضراب شامل بتاريخ 30/03/1976.

وفعلاً تمت الاعتصامات وانطلقت المظاهرات والمسيرات في كافة انحاء فلسطين، قامت قوات العدو بالتصدى لهم، وارتقى الشهداء وسقط الجرحى

حيث أستشهد في هذا اليوم كل من

١_الشهيد خير احمد ياسين من عرابة

٢_الشهيدة خديجه قاسم من سخنين

٣_الشهيد محسن طه من كفر كنا

٤_الشهيد رجا ابو ريا من سخنين

٥_الشهيد خضر خلايلة من سخنين

٦_الشهيد رأفت علي زهدي من مخيم نور شمس واستشهد في الطيبة.

بعد ذلك لابد من تسجيل ان الهدف الرئيس من يوم الأرض تمثل في توجيه رسالة واضحة للعدو، وكل من يقف معه، ان الشعب الفلسطيني هو صاحب هذه الأرض ولن يتخلى عنها وسيقاوم ويستمر في مقاومته حتى تحريرها، وان سياسة مصادرة الأراضي واقتلاع وتهجير الشعب الفلسطيني من ارضه لن تنجح ومصيرها الفشل. ولتؤكد بشكل واضح ان القضية الفلسطينية هي قضية شعب وأرض وقضية احتلال يجب ان يزول، وليست قضية حقوق ومساواة فقط.

اما الدروس من انتفاضة يوم الأرض فهي كبيرة ومتعددة نسجل اهمها:

١_ أكدت الانتفاضة في يوم الأرض ان فلسطين واحدة موحدة شعبا وأرضا ولا تقبل القسمة او التقسيم.

٢_ فشل المراهنات الصهيونية على نظرية طالما رددها كبار قادة العدو، تقول ان الكبار يموتون والصغار ينسون وقد اثبتت الانتفاضة في يوم الأرض ان الجيل الجديد متمسك بأرضه وهويته، بشكل لا يقل عن الجيل القديم، وسوف يناضل شعبنا جيلا بعد جيل من اجل تحريرها

٣_ فشل المراهنات على عامل الزمن وسقوط الحق بالتقادم، الحقوق ثابته لن يمحوها الزمن وتغيير موازين القوي كفيل باستعادتها وتصحيح التاريخ وهذا مايحصل في اوكرانيا الآن

٤_ اكدت ان الطريق لتحرير الأرض هو طريق المقاومة والتمسك بالحقوق لا غير اما طريق التنازل والمساومة لن تكون نتيجته سوى المزيد من التراجع والخسارة.

٥_ اثبتت الانتفاضة حقيقة دولة الكيان بصفته كيان عنصري اقتلاعي استبدادي يقوم على مصادرة الأراضي والاضطهاد والتمييز

٦_ أكدت ان شعبنا الفلسطيني في منطقة الـ ٤٨ هو جزء اصيل من الشعب الفلسطيني وهو القادر على تغيير معادلة الصراع مع العدو والانتصار عليه وهو عامل اساسي ورئيس، في تفكيك الكيان وتفجيره من الداخل .

نحتفل اليوم في هذه المناسبة في ظل متغيرات كبيرة تجري على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وعلى المستوى الفلسطيني لا زال الانقسام سائدا وتتحمل السلطة المتنفذة المسؤولية الأولى والأساسية عنه، بسبب تمسكها باتفاقيات اوسلو والتنسيق الأمني ورفضها لتطبيق القرارات الوطنية، وإصرارها على الهيمنة والتفرد والرهان على الحلول والتسويات الاستسلامية ورفض خيار المقاومة، دون ان يعني ذلك ان الأطراف الأخرى في الساحة خالية المسؤولية وهي بالتأكيد تتحمل جزءا منها.

ورغم الصورة السلبية للوضع الفلسطيني متمثلا بالانقسام، إلا أنه هناك صفحات مشرقة يجب أن نراها، انتفاضة القدس والشيخ جراح وتزايد اعمال المقاومة الشعبية المسلحة في كافة انحاء فلسطين.

اما على صعيد العدو فهو يعيش في حال تراجع، وتزداد عوامل تفككه من الداخل، ويسير نحو هزيمته المحتومة، وها هو اليمن ينتصر وصواريخه تدك عمق دول الاعداء، وايران تفرض شروطها في مباحثات الملف النووي وترد الصاع صاعين للمعتدين كما حصل في عين الأسد واربيل.

وسوريا تتقدم وتحقق الإنجازات ومن بوابتها يعاد الان رسم خرائط المنطقة، بل وخرائط العالم الجيوسياسية، وتفك عزلتها ويفشل حصارها.

ولبنان صامد بمقاومته وجيشه وشعبه ويفرض معادلات التوازن والردع مع العدو.

ولا شك ان الحدث الأبرز والأهم على المستوي العالمي هو مايجري الان من معركة تدور في اوكرانيا، هي حرب عالمية ثالثة بكل المقاييس وان اختلفت أساليبها، يخوضها الأطلسي والغرب بقيادة امريكا ضد روسيا وحلفائها.

حرب وضعتنا على ابواب متغيرات كبرى على الصعيد العالمي، ومن البوابة الاوكرانية سيعاد رسم خرائط العالم الجيوسياسية من جديد، وسينتهي عهد الهيمنة والتفرد وأحادية القطبية والدولار (ليس المجال هنا للحديث عن ذلك).

لقد شكل يوم الأرض يوما فاصلا في تاريخ وحياة الشعب الفلسطيني عموما والداخل خصوصا، واستحق عن جدارة هذا الإسم كونه كتب بالدم

صحيح ان يوم الأرض لم يحرر قرية او مدينة، لكن الصحيح ايضا انه افشل مخططات العدو، وحرر الوعي الفلسطيني وهذا هو الأهم كونه لا يمكن تحرير الوطن والأرض دون تحرير الوعي والإرادة، كون الخطر الأكبر الذي يهدد الشعوب ان يقبع وعيها في الأسر ويغفو حسها الوطني وينام.

نحتفل اليوم في ذكرى يوم الارض، في شهر الربيع شهر الاعياد، عيد الأم ويوم المرأة العالمي وذكرى معركة الكرامة الخالدة، وعيد الربيع،

شهر أزهرت فيه دماء الشهداء والجرحى وزرعت ورود الأمل والمستقبل، وشيدت متاريس المقاومة والتحدي وانارت طريق العزة والكرامة، كما هو حاصل اليوم

يوم الأرض

هو يوم الشجاعة الفلسطينية، هو اليوم الذي انتصرت فيه الكف والعين الفلسطينية على المخرز الصهيوني وانتصرت الارادة على الدبابة

يوم الأرض

هو يوم العرس الفلسطيني و زفة الشهداء والشهيدات العاشقين للأرض السائرين نحو تحريرها.

احياء يوم الأرض

هو احياء لذكرى المقاومين والشهداء

احياء لذكرى غسان كنفاني وعائد الى حيفا

هو احياء لذكرى الحكيم، وابو علي مصطفي ووديع حداد، وديع وراء العدو في كل مكان والذي مرت بالأمس الذكرى ٤٤ لاستشهاده

هو يوم لإحياء ذكرى ياسر عرفات وابوجهاد

هو يوم لإحياء ذكرى احمد ياسين وفتحي الشقاقي

هو يوم لتجديد العهد لاسيراتنا واسرانا في سجون العدو

احمد سعدات وكريم يونس ومروان البرغوثي ورفاقهم لـ ختام السعافين واسراء الجعابيص ورفيقاتهن

في يو الأرض نتوجه بالتحية لكل الشهداء

باسل الاعرج، عمر النايف، اشرف نعالوه، نزار بنات، منتصر الشلبي ورفاقهم

وفي هذا اليوم نعلن الوفاء لمن سلكوا طريق المقاومة ونجدد العهد على مواصلة الطريق حتى تحرير فلسطين كل فلسطين

التحية لشعبنا الفلسطيني المقاوم

التحية للأرض وأصحاب الأرض وصانعي يوم الأرض

التحية للاسرى والمعتقلين

الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى

النصر قادم لا محال والاحتلال الى زوال

طارق ناصر ابوبسام

براغ، ‏الاربعاء‏، 30‏ آذار‏، 2022

المصدر: موقع إضاءات الإخباري