بعد أن تلقى الجميع الصفعة، خرج الكل ينادي بوجوب تغيير قانون الانتخاب...
يسخر اللبنانيون من بعض الأرقام التي جعلت مرشحاً لا يصل إلى الندوة البرلمانية رغم حصوله على آلاف الأصوات بينما يصل مرشح آخر ب ٧٩ صوتا...
يزيد أحد المحللين قائلا إن بإمكان هذا القانون إيصال شخص إلى البرلمان حتى لو حصل على صوت واحد فقط في حال فرض القيد الطائفي...
أن يسخر اللبنانيون من هذا هو حق لهؤلاء...
أما أن تحتج الأحزاب التي صوتت لتبني هذا القانون الأعوج، فهذا مثير للشفقة...
إنها نفس الأحزاب التي ظلت طيلة سنين متمسكة بدستور الطائف رغم كل العيوب التي كانت ظاهرة وتشير إلى استحالة تطبيق هذا الدستور...
صحيح أن الأصوات التي تقول اليوم بموت الطائف زاد عددها كثيراً ووصلت حتى إلى جزء من الطبقة الحاكمة، إلا أن الحساسية الطائفية تجعل القوة الشيعية الأساسية أي حزب الله تكتفي بنقد قانون الانتخاب دون المس بالاسباب التي أدت إليه... خوفا من ردات الفعل...
سوف تمر ايام وربما اسابيع قبل أن يكتشف اللبنانيون أن هذه الانتخابات لن تقدم حلولاً للأزمات التي لا تزال تتسارع في ضرب بنية السلطة في لبنان...
انتخاب رئيس للمجلس النيابي ليس هو المشكلة، وإن كان هذا الأمر، أحد مؤشرات هذه المشكلة...
في الماضي قال الرئيس بري إن من يحضر السوق يبيع ويشتري مبررا بذلك تخلي حركة السيد موسى الصدر عن أحد أهم شعاراتها لبناء الدولة في لبنان، نظام الدولة المدنية...
نظرة سريعة إلى تركيبة السلطة التشريعية تظهر بوضوح لا لبس فيه أن عدد العلمانيين في هذا المجلس الجديد، لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة...
بكلام آخر، أن الأغلبية العظمى من النواب، هم طائفيون حتى العظم...
الثنائي الشيعي يستطيع التلطي خلف كلمة الوطنية قدر ما يريد دون أن يغير هذا التلطي جوهر هذا الثنائي المتحجر داخل المذهبية...
التيار العوني، القوات، الكتائب، المردة وبعض النواب الفراطة، هم متعصبون مسيحيون بدرجة عامة، ومتعصبون موارنة من داخل الطائفة المسيحية برجة خاصة جداً...
جماعة جنبلاط الذي عرف كيف يلعب دور الضحية، حتى يحظى بالتفاف الدروز حوله، هو اساسا قائم على العصبية الدرزية، رغم بعض الديكور الذي لا يغش أحدا...
على الاقل ١١ من اصل ١٧ مما يسمى المجتمع المدني أو حركات التغيير... هم طائفيون أو مرتبطون بجهات طائفية أو مذهبية...
من من كل هؤلاء سوف يتقدم ليطلب بناء دولة مدنية!!!؟؟
من من كل هؤلاء سوف يطلب تخطي القيد الطائفي في إدارات هذه الدولة...؟
اللبنانيون ينسجون أقاصيص من الخيال، ثم يصدقونها...
يتحدث إلبعض أن اميركا سوف تغير سياسة حصار لبنان بعد انتصار جماعتها في كسر الأغلبية التي لا يعرف احد، بماذا نفعت البلد خلال أربعة سنين من الوجود على رأس هرم السلطة...
أربع سنوات قضتها هذه الأغلبية السابقة المهترئة في الجلوس على كراسي المجلس كما الأصنام، بينما الحاكم الفعلي في البلد كانت السفيرة الأمريكية، يعاونها حاكم مصرف لبنان الذي ينفذ كل طلبات الوكالات الأميركية المختلفة....
في الوقت الذي كان زعماء طوائف لبنان يتقاسمون منافع السلطة وما بقي من أموال... كانت دولة المصارف تنفذ الأوامر الأميركية بحذافيرها وتسحب البساط من تحت أرجلِِ لرؤوس خيالها في السحاب وبين الغيوم...
ما هو الجديد بعد الانتخابات!!؟؟
تغير طفيف تجلى في قبضة أميركية أكثر إمساكا بالبلد وما يمكن فعله...
يقول سمير جعجع أنه لن ينتخب نبيه بري لرئاسة المجلس...
لكن الرئيس بري هو من سوف يأتي ومعه بضعة اصوات قواتية مثل غادة أيوب وزياد حواط...
سواء جاء الرئيس بري ام لم يأت...
هل المشكلة هنا...؟
ما هو برنامج القوات لحل الأزمة...
ما هي برامج الآتين الجدد...؟
حتى اليوم... لا شيء...
البعض الآخر من اللبنانيين يصر أن أمنا الحنون فرنسا لن تتخلى عن لبنان الاخضر...
سوف يأتي ماكرون شخصيا ربما لكي يقنع اللبنانيين بوضع أسس جديدة لوضع عقد اجتماعي جديد يرث الطائف...
كيف سوف يقنع ماكرون اميركا بالسماح للبنان بالتنفس...
لا احد يعرف...
لماذا سوف تسهل إسرائيل إنهاء أزمة لبنان، أيضاً، لا احد يعرف...
يتمنى اللبنانيون، ثم يعتقدون أن امنياتهم سوف تتحقق...
هكذا قالت ليلى عبداللطيف أو غيرها من المنجمين...
طالما شعب لبنان راضِِ بحياة الذل والعبودية لن يحصل شيء يذكر...
سوف تمضي السنون، ثم نكتشف أن كل حزب من هذه الأحزاب قد أخذ عمولة ما من دولة ما عن مشروع ما لم ينفذ....
الفاسدون سوف يستمرون ببركة شعب غبي قام ثم ما لبث أن عاد إلى نومة أهل الكهف...
القوات والكتائب سوف يستمرون في اتهام ومهاجمة دويلة حزب الله...
المقاومة سوف تتهم جماعة السفارات بشل البلد...
ومن بعيد سوف يخرج احمد قعبور يغني أن البلد ماشي...
على الجديد والمنار والمر وعند بيار الضاهر، سوف يعرضون مآسي بعض اللبنانيين الذين لا يملكون مال إجراء عملية جراحية، أو إصلاح سقف بيت، أو دفع ثمن كهرباء او ماء...
سوف يموت لبنانيون، ويغتني لبنانيون آخرون...
سوف يمسك الفقير الشيعي والسني والماروني والدرزي كل بعنق الآخر...
قد يسقط أناس على الطيونة...
لكن جنبلاط وبري وجعحع وسامي ومن تيسر من جداد السنة سوف يستمرون في الكلام الذي لا ينتهي لإيجاد حل لأزمة لبنان...
الطبقة الحاكمة، قلبها على البلد...
لكن الشارع مهتاج... ويجب إرضائه...
"كيف بدو يصلح بلد شعبه ما عم يفهم أن الزعما قلبهم على هالبلد... والدليل... قالولو"...
حليم خاتون