إن الحرب سنة 1948، هذه الحرب التى لم تكن حرباً، وإنما كانت هواناً وهزيمة، كلفت خزينة مصر مائتى مليون جنيه إسترلينى راح معظمها ربحاً حراماً لتجار السلاح... تجار الموت.
ومع ذلك حارب الجيش المصرى... لكن كل شىء وقف ضده حتى العاصمة التى أرسلته إلى الحرب.
ما زلت أذكر كيف كان الحال فى جبهات أخرى غير جبهة الجيش المصرى فى فلسطين.
كان الملك عبد الله بن الحسين، هو القائد الأعلى للجيوش العربية كلها!
هكذا طلب وأصر على الطلب... وأجيب إليه.
ولم يكن الملك عبد الله يقود، وإنما كانت القيادة متروكة نيابةً عنه لرئيس أركان جيشه الجنرال "جون باجيت جلوب".
وكانت الحرب كما تبدو من عمان مزيجاً من الملهاة والمأساة!
ذات ليلة تعرضت "عمان" لغارة ألقت فيها بعض الطائرات الإسرائيلية ست قنابل لا يزيد... غرضها الأول هو التأثير المعنوى ولا شىء بعده أو غيره على الإطلاق.
ودعانى الملك عبد الله صباحها إلى الإفطار معه، ليروى لى كيف كان يقاوم الطائرات المغيرة، وكيف أنه أرغمها على الانسحاب.
قال لى وما زال صوته فى أذنى:
أتعبناهم يا أخى والله وأصبناهم بالرعب والهلع.
كنت واقفاً هناك بجانب البئر، وكان مناور - تشريفاتى القبائل عند الملك - يرصد لى الطائرات، وكنت أوجه إليها المدفع الرشاش وأطخ!".
لم يكن كل شىء فى عمان وقتها يضحك على هذا النحو.
كان فى عمان ما يبكى فى الوقت نفسه.
كان الملك على صلة باليهود، يقابلهم فى قصر الشونة كل ليلة وينسق معهم الخطط والخطوات، ومعه رئيس أركان حرب "جون باجيت جلوب".
والجيش العراقى يومها تحكمه عبارة "ماكو أوامر" التى صارت مثلاً.
كان موجوداً فى فلسطين وليس لوجوده أثر فى فلسطين.
كان فى ميدان القتال، ولا يحارب.
والجيش السورى دخل معركة واحدة فى "صمخ".
والجيش اللبنانى... ماذا أقول عنه...
كان زعماء لبنان على أى حال منذ الدقيقة الأولى يقولون:
- ليس لدى لبنان جيش... ولن يكون لدى لبنان جيش... دبروا أنفسكم كما تشاءون ولا تعتمدوا علينا!
كذلك كانت ملامح الصورة يوم 15 مايو 1948.