تقول التقديرات أن ٢٦٣ مليوناً من البشر هبطت أوضاعهم هذه السنة وانضموا إلى الذين يقبعون دون مستوى خط الفقر المدقع بسبب الأوضاع الاقتصادية التي يتحمل المسؤولية عنها نظام عالمي، إقليمي، محلي قائم على الطمع والأنانية وغياب العدالة...
في مقابل هؤلاء زاد عدد اصحاب المليارات حوالي ٥٠٠ مصاص دماء جديد، معظمهم من تجار الطاقة والغذاء...
معادلة قالها علي قبل حوالي أربعة عشر قرن حين ربط غنى القلائل بفقر الأكثرية العظمى من الناس...
معادلة توصل إليها السيد المسيح حين قال إن دخول غني إلى الجنة هو اصعب إلى حد الإستحالة عن إدخال جمل في خرم إبرة...
يقترح بعض خبراء الاقتصاد والمال فرض ضريبة إضافية على الثروة من حوالي ٢٪ على أصحاب الملايين، و ٥٪ على اصحاب المليارات مما سوف يسمح بجمع ما يقارب من ٢٥٠٠ مليار دولار لإعادة توزيع الثروة والسماح بإعادة انتشال عدة شعوب ودول من العوَز وفرض عدالة اجتماعية لا يبدو أن المجتمع الدولي والنظام العالمي الحالي يريد، أو حتى يسمح بها...
لبنان ليس استثناء...
ما حدث في لبنان هو نسخة طبق الأصل عما حصل ويحصل في عالم البشر...
قلة تغتني إلى ما فوق التخمة بفضل نظام الاقتصاد الحر الذي لا ضوابط أخلاقية ومالية وضرائبية على توحشه...
وأغلبية ساحقة ينحدر مستواها المعيشي كل يوم أكثر في ظل غابة من التنظيمات والمجتمعات التي بدل أن تضع قوانين لإصلاح الأنظمة وفرض المحاسبة ووضع الضوابط وفرض الضرائب على أصحاب الملايين وأصحاب المليارات، تلهي الناس عبر خلق علاقات زبائنية بينها وبين هؤلاء.. تارة عبر توزيع مساعدات، وتارة أخرى عبر مزيد من وضع اليد على مقدرات الدولة وتوزيع الفتات منها على هؤلاء الناس الذين تحولوا شيئا فشيئا إلى قطعان من الغنم لهذا التنظيم أو ذاك...
انتهت الانتخابات في لبنان...
وصار كل هم محور المقاومة تثبيت الرئيس بري على رأس السلطة التشريعية...
بينما جعل سمير جعجع ومَن وراء، وحول سمير جعجع كل المشكلة في إزاحة نبيه بري عن رئاسة البرلمان...
سمير جعجع الذي كان راهن بقص شاربه إذا لم يسقط الرئيس السوري قبل بضعة سنوات، عاد ووعد بانزال سعر الدولار مقابل الليرة بمجرد أن يهزم التيار العوني...
بغض النظر عن النتائج، يقول جعجع أنه ربح الإنتخابات...
لكنه بدل ضبط الدولار وفرض هبوط اسعاره، قفزت الورقة الخضراء خلال اسبوع واحد إلى الأعلى بنسبة قاربت ال ٣٠٪ والاتجاه لا يزال إلى الصعود، بينما أحوال اللبنانيين تتدهور والاتجاه يشير بوضوح إلى مآسيَ سوف تقهر من لا يزال يقاوم القهر من اللبنانيين...
تلفزيون المنار يستضيف من يحلل ويطلع وينزل ليصل إلى أن الرئيس بري عائد حتماً، بينما الثلاثي خياط المر الضاهر يدور في نفس هذه الحلقة السخيفة المفرغة ويتناسى الجميع أن مشكلة لبنان ليست في نبيه بري ولا فؤاد السنيورة ولا سمير جعجع ولا باسيل ولا عون ولا في ابن الجميل ولا ميقاتي ولا غيرهم من أباطرة المال والأعمال...
المشكلة يا حلوين هي في نظام كامل متكامل قائم على الاقتصاد الفائق الحرية في التوحش والتحلل من أبسط قوانين الضبط لطبيعة البشر في الطمع والظلم، وكل المذكورين أعلاه ليسوا سوى حفنة من المتسلطين من داخل هذا النظام...
انتهى ضيف المنار أمس الأحد بالمباركة للرئيس بري على سبعين صوتا وأكثر سوف ينالها...
بينما كانت جوزفين عند تحسين خياط، ومن خلفها مريم البسام ترى في سمير جعجع مخلًصاً نسي "العهد الجديد" أن يذكره بالاسم، في حين اكتفى "العهد القديم" بأخبار شعب الله المختار الذي لا نعرف حتى اليوم، سبب هذا الاختيار الذي امتد إلى كل أنحاء العالم جاعلا من كل الشعوب والأعراق مجرد عبيد لهذا النظام العالمي القائم على ربوبية المال، وأهل المال..
حكومة لبنان، مثل كل الحكومات الرأسمالية، حتى ولو كانت حكومة الدونية في هذا النظام العالمي، إلا أنها لا تختلف عن غيرها من انصار التوحش الحر في الاقتصاد...
ودعنا ميقاتي بخطة للتعافي تقوم بشكل أساسي على تبرئة اللصوص من أمثاله من كل ما حصل ووضع اليد على الودائع ضمن خطوط مبهمة تقوم على مصادرة حوالي ستين في المئة من الودائع وترك الساحة لاستمرار النهب المنظم في أملاك الدولة بحيث أن نادي الغولف الذي يدفع ملاليم مقابل ملايين الامتار المربعة على طريق المطار، صار له اسنان من خلال الماسونيين الجدد الذين دخلوا البرلمان بفضل التيار، وأمل، ونوم الحارس الذي لم يستيقظ بعد...
يقول الخبير الاقتصادي الدكتور جباعي، أن أملاك الدولة التي يضع لصوص الحكم والمال والأعمال اليد عليها تقدر ب ٢٥ مليار دولار المفروض أن تؤمن للخزينة العامة حوالي ملياري دولار سنوياً، بينما لا يصل المردود إلى خمسين مليون دولار...
ميقاتي وصندوق النقد يريدون زيادة الضرائب غير المباشرة التي تطال كل اللبنانيين بالتساوي بغض النظر عن المدخول، في حين لم تر هذه الحكومة التي يجلس داخلها وزراء يدعون أنهم يمثلون الفقراء؛ لم ير هؤلاء أن كل إجراءات الحكومة تصب في صالح لصوص المال والأعمال...
زاد ميقاتي على مقررات آخر مجلس للوزراء بتمديد المهل مع شركة توتال التي كان من المفروض أن تخرج الغاز من بحر لبنان منذ سنتين على الأقل، قبل أن تخضع للضغوط الأميركية التي تمنع لبنان الاستفادة من الكنز حسب وصف الأمين العام لحزب الله الذي لا يزال يراهن على عودة الابن الضال إلى جادة الصواب في أسوأ مسرحية من حكومات الوحدة الوطنية التي كانت قائمة على عجز المقاومة أمام الفساد، لتصبح اليوم عجز للمقاومة أمام حفنة من عملاء اسرائيل القدامى يضاف إليهم حفنة جديدة من العملاء الجدد آخر طبعة...
لكن الصراحة تقتضي الإشارة إلى أن التيار العوني، لم يخضع كثيرا في مسألة رئاسة المجلس، حتى وإن كان علي حسن خليل امتعض وكشر عن أنيابه وزاد من عيار النباح...
جبران باسيل رفع شعارا آخر...
كيريش مقابل قانا...
لن يخرج غاز من كيريش إذا لم يخرج غاز من حقل قانا...
جبران باسيل اكمل ما بدأ به عمه الجنرال الرئيس من التخلي عن حقل كيريش...
بكلمة... بشطحة ثانية بعد الرئيس عون، تخلى باسيل عن حدود لبنان في الخط ٢٩ الذي يجعل من حقل كيريش حقلا متنازعا عليه، ليضعه داخل البحر الفلسطيني المحتل...
أما سمير جعجع الذي يريد سحب سلاح المقاومة، هو وبضعة من صبيان أميركا والغرب، لم نسمع بعد موقفه من النقطة ٢٩...
طيلة سنتين وأعداء التيار العوني يهاجمون ميشال عون، ولا ينبت أحد منهم ببنت شفة عن موقف جعجع أو ريفي أو سامي الجميل أو وليد جنبلاط من النقطة ٢٩...
هؤلاء، كل همهم هو انتزاع الحقول من سوريا في الشمال، أما الكيان الإسرائيلي جنوباً...
يجب عدم أثارة غضب اميركا والغرب...
حليم خاتون