الجنرال الذي أعطى صورة عن الحزم والتصميم في فترات من حياته، دخل مرحلة الذبول...
الجنرال الذي رفض مشروع التقسيم في لبنان وقاتل اهم رواده، عاد يتحدث بلغة الفيديرالية في بلد مساحته ١٠٤٥٢كلم٢ يحتوي على الأقل على ١٨ عشر طائفة متداخلة ومنتشرة رغم الفرز والتطهير الذي مارسته الميليشيات الطائفية أثناء الحرب الأهلية...
الجنرال الذي حمل راية الدولة العلمانية انتهى إلى تجميد تعيين نواطير غابات باسم الطائفية اللعينة...
الجنرال الرئيس الذي أقسم على الدفاع عن حدود لبنان، لا يجرؤ على توقيع المرسوم ٦٤٣٣ الذي يحدد النقطة ٢٩ حدودا بحرية للبنان خوفا من الأميركيين وخوفا من العقوبات...
رئيس الجمهورية، كما كل الرؤساء الذين يعلنون ليل نهار أن إسرائيل عدو، استقبلوا مبعوثا أميركيا/إسرائيلياً حارب في جيش العدو وربما يكون قد خدم في لبنان أثناء فترة الاحتلال الذي لم ينتهي ابداََ...
ليس ميشال عون وحده الذي يلام...
يلام كل من يملك قرار في هذا الوطن العربي الكبير ويسمح، كما سمح قبلا هو وغيره بأن تنتهك إسرائيل كل الحقوق والقوانين وتجلس على عرش جرائم الحرب والمجازر التي لم تبدأ سنة ٤٨، والتي لن تنتهي ما دام في بلاد العرب أقزام تحكم...
بغض النظر عن مدى صوابية الموقف في أوكرانيا، خرج الرئيس الفرنسي ماكرون يرفض أن تذل روسيا لأنه يعرف أن إذلال روسيا يعني نهاية أوروبا وربما العالم...
منذ أكثر من قرن ونصف والعالم العربي يمر من ذل إلى ذل آخر...
تستباح الكرامة الوطنية والقومية، يتم حصار الأنظمة الوطنية، وتشن حروب كونية من قبل الامبرياليات ومعها عشرات الدول التابعة، بما في ذلك دول إسلامية وحتى عربية، ويتم تدمير أسس الدول وتحويلها إلى جمهوريات فاشلة ولا يخرج ملك ولا رئيس عربي يجرؤ على القيام ولو بفعل محدود دفاعا عن الكرامة والشرف والعز الذي بات شهيدا أو جريحا في هذا العالم الممتد من الخليج الى المحيط بلا فائدة تذكر...
لم يزد اعداد القتلى من الأوكرانيين إلى عشرة آلاف، ولم يصل مستوى الدمار إلى ما حصل في لبنان أو سوريا أو العراق أو اليمن...
رغم هذا، لا يجرؤ أحد حتى على اللجوء إلى المحاكم الدولية خوفا من غضب اميركي قد يطيح عروشا أو رئاسات لا كرامة لها...
لم يفهم العالم بعد أننا إذا طفح الكيل، سوف ننزل السماء إلى الأرض لأن هذا العالم قد اعتاد على أنصاف رجال تتحكم بأمة من أربعمائة مليون لم يكملوا يوما ثورة إلى النهاية المطلوبة...
ما أن تندلع ثورة حتى يسرقها أصحاب الياقات أو أصحاب العمائم من تجار الدين والدنيا...
في سوريا، لا يزال بضعة ملايين، يساقون كالنعاج إلى المذبح التركي أو الخليجي أو الأميركي في الوقت الذي يتم فيه استيطان هضبة الجولان...
تقصف دمشق، فلا ينطلق صاروخ واحد على اي مستوطنة على الهضبة... حتى على الهضبة، وليس على تل أبيب...
لا يجرؤ العرب على إطلاق ذلك الصاروخ الذي يبكي حالة اليتم التي وصلت إليها الكرامة...
عودة إلى الرئيس ميشال عون...
اول أمس عبر الحفار اليوناني قناة السويس لأننا لم نعد في زمن جمال عبد الناصر...
صار بإمكان إسرائيل عمل ما تريده في بلدان الذل العربي...
سوف يصل الحفار إلى النقطة ٢٩، ثم يدخل المياه الإقليمية اللبنانية للبدء بحفر بئر غاز في كاريش...
الرئيس عون الذي أقسم على الحفاظ والدفاع عن حدود لبنان، لا يحرك ساكنا ولم يوقع بعد المرسوم الذي يمنع الإسرائيليين من فرض الأمر الواقع...
الرئيس بري الذي أقسم بأنه لن يفرط بكوب ماء من مياه لبنان، غائب عن السمع إلى أجل لا نرى له وجود على الأفق...
الرئيس ميقاتي، الشريك منذ حكومته قبل حوالي العقد من الزمن في إخفاء الترسيم الذي قام به الجيش اللبناني بالاشتراك مع شركة ترسيم عالمية مؤهلة تحمل الجنسية البريطانية، يعمل مرة أخرى على إضاعة حقوق لبنان خوفا من العقوبات الأميركية التي طالت جبران باسيل ويمكن أن تطاله أذا تجرأ ووقف ضد أطماع إسرائيل البحرية والبرية طالما أن الأجواء اللبنانية مستباحة منذ الاستقلال وحتى اليوم...
جماعة التغيير الذين مولت السفارة الأميركية والمصارف حملات الانتخاب عندهم، صامتون صمت ابي الهول...
القوات وغيرهم من الذين لا يتركون مناسبة إلا ويهاجمون ميشال عون وجبران باسيل، والذين يطلبون نزع سلاح المقاومة ليل نهار دون تقديم بديل يستطيع الحفاظ على السيادة التي يتغنون بها على الشاشات فقط... كل هؤلاء لم يقدموا لنا موقفا واضحا يطلب من قيادة الجيش التي يريدون منها أن تحتكر السلاح؛ يطلبون منها التصدي لأي تعد على حدود لبنان التي لا يعرفون اصلا اين تقع...
ماذا سوف يكون موقف المقاومة؟
كل الحجج مرفوضة سلفا...
مكان المعركة معروف سلفا...
زمان المعركة غير قابل لأية حسابات...
أرجوكم "بلاش حكاية الباصات الاليكترونية والحشود وغيرها من الشعر الرحيم"...
إشعال الشرق الأوسط في هذه الحالة هو الموقف الطبيعي الوحيد...
إشعال الشرق الأوسط كان دوما أمرا طبيعياً لم تقم به قوى المقاومة...
مرة أخرى وأخرى...
انتم تقولون إن اميركا تشن علينا حربا اقتصادي مالية...
ها هي اميركا موجودة في سوريا والعراق وفي مناطق من لبنان...
ها هي اميركا تقف إلى جانب اسرائيل، كما فعلت منذ ما قبل تأسيس الكيان وحتى اليوم...
تسانده في هذا العدوان الجديد...
لا تكونوا كما كانت غزة في الجولة الأخيرة مع مسيرة الأعلام...
إما أن تكونوا على قدر المسؤولية وتشعلوها حربا دفاعية في الأساس، كان يجب أشعالها منذ زمن طويل لأن هذا فقط هو ما يعطي السلاح شرعيته، وإما أن تتابعوا مراكمة القوة إلى ما شاء الله...
أما مقاومة غزة...
عيب، والله عيب أن تهدأ الجبهة عندكم ولو دقيقة واحدة...
بعد تمار، ولافتين، ها هي كاريش تفتح أفقا جديدا أمام استقدام المزيد من المستوطنين...
راكموا من القوة ما تريدون...
السلاح الذي لا يستعمل سوف يصدا...
هلا يستيقظ أحد في هذا العالم العربي التعيس...؟
