كتب الأستاذ حليم خاتون: فيول إيراني... مشروط!!
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: فيول إيراني... مشروط!!
21 أيلول 2022 , 21:32 م


سوف يغضب الكثيرون من حزب الله من هذا العنوان، لأن إيران السخية لم تضع أي شرط على لبنان...

سوف ترقص ١٤ آذار في حلقات دبكة لأن اتهام إيران هو كل ما تبغيه في هذه الدنيا...

إيران تضع شروطاً على هبة الفيول؟!؟!...

نعم، نحن شعب لبنان، نرجو ونطلب ونتمنى أن تضع إيران شروطاً على هذه الهبة...

إيران الثورة الإسلامية...

أيران البناء ضمن أقصى واقسى انواع الحصار...

إيران الأخلاق والعدالة الاجتماعية...

على إيران أن لا تقبل أن يتم حرمان الشعوب الإيرانية من ٦٠٠ ألف طن من الفيول مرتين:

مرة عبر الهبة المجانية رغم أن الشعوب الإيرانية تعاني بسبب الحصار العالمي الذي كانت ولا تزال اميركا تقوده، وتخضع له كل البلدان الأخرى خوفا من صلف هذا الكاوبوي الأميركي القذر...

ومرة أخرى عبر مافيا قوى السلطة في لبنان التي سوف تهدر هذه الهبة القيمة داخل زواريب السرقة التي ميزت سلطات هذا البلد منذ تأسيس الكيان...

ما هي قصة الكهرباء في لبنان؟

قد لا نملك كل الارقام منذ تأسيس الكيان حيث لم تعرف مناطق الأطراف بعض الكهرباء إلا بعد تولي الجنرال فؤاد شهاب سدة الرئاسة، وبدء أول محاولة لبناء سلطة دولة في لبنان...

قبل فؤاد شهاب كنا دولة سلطة مركزية طائفية شبه إقطاعية في بيروت وجبل لبنان مع إهمال كامل للمحافظات الثلاثة الباقية في الشمال والجنوب والبقاع...

بعد فؤاد شهاب عادت السلطة المركزية لتضم بضعة مزارع من طوائف أخرى إلى جانب المزرعتين المارونية والسنية...

شيئا فشيئا، تحولنا إلى اتحاد مزارع خاضعة لمجموعة من اللصوص باسم الزعامة الطائفية...

لكن فضائح الكهرباء التي تعود ارقامها المعروفة لنا إلى العام ١٩٨٢ بفضل الدكتور أمين صالح، مدير المحاسبة الأسبق في وزارة المالية؛ هذه الأرقام تقول أن المال الذي ذهب هدراً منذ ذلك التاريخ وحتى العام ٢٠١٩ يصل إلى حوالي ٢٦ مليار و٥٠٠ مليون دولار، يضاف إلى ذلك حوالي خمسة مليارات دولار من النفقات الحكومية على كهرباء كانت تصل إلى المواطنين عبر وسطاء ينهبون المداخيل قبل ذهابها إلى مؤسسة كهرباء لبنان...

هذه الكهرباء المدعومة والتي زاد رأس مال الهدر فيها على ٣١ مليار و٥٠٠ مليون دولار...

كانت توزع بشكل غير عادل على المواطنين اللبنانيين حيث كانت بيروت الإدارية تتمتع ب ٢٤ ساعة، ثم بعد بضعة سنوات، ب ٢١ ساعة كهرباء، بينما لا تزيد التغذية الكهربائية في احسن الأحوال على ١٢ ساعة يومياً في المناطق الأخرى...

المضحك في الأمر، أن اتهام الأطراف والضواحي بسرقة التيار الكهربائى، كان جاهزاً دوماً لتبرير الخسائر على لسان اولاد الكلب ممن كانوا يستفيدون من كهرباء مدعومة من قبل كل شعب لبنان، بينما لا يتمتع بهذا الدعم سوى منطقة واحدة فقط في لبنان، بيروت الإدارية!!!

ثم، وبكل وقاحة، يتهم اولاد الكلب هؤلاء سكان الأطراف والضواحي بسرقة التيار الكهربائي...

يعيد الدكتور أمين صالح الخسائر في قطاع الكهرباء إلى ثلاثة أنواع رئيسية...

١-الهدر التقني، حوالي ٣٥٪...

٢- هدر فني، حوالي١٥٪...

٣- عجز في الجباية حوالي ٩٪

هذه الأرقام موجودة لدى مؤسسة الكهرباء منذ التسعينيات...

إذا كان تمتع بيروت الإدارية بمعظم الكهرباء المدعومة يجعل من هذه المنطقة السارق الأول للتيار الكهربائي، فإن الاوراق العائدة إلى مداخل ومخارج هذا التيار يكرس مدينة بيروت على رأس من يسرق الكهرباء ولا يدفع ثمنها...

عند التدقيق في الأرقام يتبين أن ٩٠٪ من أهل بيروت، من الفقراء والطبقة الوسطى، أي أغلبية سكان العاصمة يدفعون ما يتوجب عليهم... ولكن الذي يضع بيروت في رأس قائمة من يسرق مؤسسة الكهرباء هم أصحاب الفنادق والموتيلات والملاهي والهيئات والمشاريع الاقتصادية الكبرى والإدارات الرسمية والخاصة على حد سواء...

يضاف إلى هؤلاء قسم كبير من الوزراء والنواب وكبار الاغنياء الذي يسكنون العاصمة ويسرقون الكهرباء من خلف الحصانات الوظيفية أو السياسية...

يضاف إلى هؤلاء، مؤسسات امتياز كهرباء بعض المناطق مثل كهرباء قاديشا، وكهرباء قوات نهر ابراهيم، وكهرباء زحلة...

كانت هذه المؤسسات تدفع لمؤسسة كهرباء لبنان ٤٠ ليرة لبنانية مقابل كل كيلوات ساعة، ثم تقوم ببيعه إلى المواطن ب٢٠٠ ليرة بفضل السياسة الاحتكارية التي تقوم بتأمينها القوانين اللبنانية التى عفى عليها الزمن...

تأخذ هذه المؤسسات الاحتكارية كهرباء مدعومة من كامل الشعب اللبناني، ثم توزعها على مناطق محدودة فتربح هي وتخسر مؤسسة كهرباء لبنان، ويخسر البلد...

اليوم سوف تقوم الجمهورية الإسلامية بتقديم ٦٠٠ ألف طن من الفيول مجانا إلى السلطة في لبنان...

الشعب اللبناني "العظيم" الذي انتخب ١٢٨ نائبا على شاكلته وفقا لمقولة،

كما تكونون، يولى عليكم...

معظم هؤلاء ال ١٢٨ فاسدون... قسم لا بأس به عاجزون حتى النخاع الشوكي، وقسم صغير يراوح بين الانتهازية والطفولية اليسارية واليمنية على حد سواء...

هذا الشعب الذي يصر على المراوحة في مكانه الضائع في التاريخ، يستطيع ولو لمرة واحدة على الأقل أن لا يكون مغفلا...

المطلوب منه المراقبة والمحاسبة وليس التهليل والجعير لأقزام تتحكم بمصير وطن...

المطلوب اولا وقبل كل شيء العدالة في التوزيع...

يجب أن يكون كل اللبنانيين متساوين في الحقوق رغم أنهم لم يكونوا أبدا متساوين في الواجبات حيث ترك الناس لمنطق "حارة كل من إيدو إلو"...

المهم، أن يتم توزيع ساعات التغذية في التيار الكهربائي لكل المناطق والمواطنين بالتساوي لأن شعب لبنان "العظيم!!"، لا يرضى بأن يكون هناك أولاد ست، وأولاد جارية تحت نفس سقف الوطن...

ثانياً، أن تتم مراقبة كل مداخل ومخارج شبكة كهرباء المناطق أسبوعياً، وليس شهريا، حتى لو اقتضى الأمر توظيف عناصر أكثر من العاطلين عن العمل أو حتى الاستعانة بالجيش وقوى الأمن، مقابل حوافز مالية سوف تكسبها مؤسسة كهرباء لبنان من منع التعديات على الشبكة وفرض غرامات عالية جدا على المرتكبين...

بالإضافة إلى وجوب الانتقال الى العدادات الذكية أو مسبقة الدفع...

ربما يكون أحد أفضل الحلول، هو البدء بخصخصة هذه المؤسسة عبر وضع قيمة اسمية لها مقسمة الى حوالي أربعة ملايين ونصف المليون سهم...

يدعى الشعب اللبناني إلى التملك بحيث يحق لكل مواطن امتلاك سهم واحد فقط...

تحدد مهلة لا تزيد على ثلاثة أشهر يجري بعدها بيع ما لم يتقدم المواطنون لشرائه في مزاد علني ضمن شرط منع امتلاك شخص واحد لأكثر من عشرة إلى عشرين سهما منعا لنشوء احتكارات داخل المؤسسة...

هكذا يصبح كل مواطن خفيرا على مصلحة المؤسسة من جهة، ويتوافر للمؤسسة ما يكفي من رأس المال لخلق شركة مختلطة سوف تكون ناجحة حتما إذا ما توافر لها ما يجب من الضوابط لمنع الفساد والسرقة والمحسوبية من الدخول إليها...

ما ينطبق وفقا لتصور الدكتور صالح على مؤسسة كهرباء لبنان، ينطبق على كل مؤسسات الدولة الأخرى ليتسنى تحرير البلد من سيطرة اللصوص الذين تسببوا بهذا الانهيار العظيم الذي شهدناه...

كل هذه العمل يجب أن يكون مشروطا بزيادة التعرفة مع تقسيم هذه التعرفة إلى أربعة أو خمسة شطور...

يجب أن ترتبط هذه التعرفة بالسعر العالمي للفيول، بحيث يتكون سعر الكيلوات ساعة من:

سعر الفيول+ سعر يغطي مصاريف التشغيل والإدارة وتجديد الشبكة وتحديثها+ نسبة ارباح للمؤسسة...

العامل المتغير الأساسي في معادلة التسعير هذه، يكون في هامش نسبة الربح...

هنا تكون النسبة متدنية جداً للشطر الاول الذي يكون مقاربا، وكافيا للإنارة وبراد وتلفزيون واشتراك انترنت لبيت بسيط لا تزيد مساحته على ٧٠ إلى ١٠٠م٢ مثلاً...

مع الشطر الثاني يعلو هامش الربح حيث الزيادة في استهلاك.الكهرباء تفترض وضعا طبقيا أفضل...

يستمر هامش الربح في الارتفاع، حتى يصل إلى أربعة أو خمسة أضعاف النسبة في الشطر الأول، وربما حتى أكثر، حيث يكون هذا البيت اقرب إلى شقة فخمة او فيلا أو قصر عنده من الأدوات الكهربائية ما يساوي خمسة بيوت بسيطة في استهلاك الكهرباء...

هنا تكون الطبقة الميسورة التي تدفع بكل بساطة للمولد أكثر مما سوف تدفعه للمؤسسة التي تقل كلفة الإنتاج عندها عن كلفة انتاج المولد...

طريقة الدكتور أمين صالح في تحويل مؤسسة كهرباء لبنان الى شركة مساهمة عامة لبنانية، يملكها كل اللبنانيين يمكن تطبيقها على مؤسسات القطاع العام الأخرى وربما خلق شركات أخرى لبناء سدود، وبحيرات صناعية وخزانات مياه تعتمد التكرير والاخبار الجوفية...

بناء اقتصاد لا يحتاج حتما وحصرا إلى الغاز والنفط...

حتى استخراج هذه الثروة يمكن أن يكون عبر شركات بنفس التركيبة ونفس العقلية بدل انتظار اولاد أبناء الكلب الذين أسسوا الشركات بانتظار بدء الإنتاج حتى يقوموا هم بالتسويق وجني الرباح لهم وحدهم دون بقية الشعب اللبناني...

أمس أنقذنا العراق، فبددنا ما حصلنا عليه دون النظر إلى أبعد من انوفنا...

أقرضنا العراقيون سمكة، ولم نهتم للتعلم كيف نصطاد نحن أنفسنا السمكة القادمة...

اليوم يعطينا الإيرانيون سمكة أخرى مجانا...

علينا تعلم اصطياد السمك بدل الاستمرار في التسول دون خجل ولا كرامة ولا احترام للذات...

الشهر الماضي، قررت المانيا تقسيم اسعار الكهرباء إلى شطور بعد ازمة الانتاج بسبب انقطاع الغاز الروسي والحرب الأوكرانية...

في الشطور الأولى، سوف يدفع الناس الكلفة مع زيادة لا تكاد تذكر في الربح...

الاسعار سوف تزداد مع ارتفاع الاستهلاك...

هكذا يتم دعم الفقراء وليس الجميع كما فعلت وتفعل السلطة في لبنان التي قامت بتبديد أكثر من ثلاثين مليار دولار من أموال المودعين في ثلاث سنوات ذهب معظمها إلى جيوب التجار لاستيراد بضائع لم تدخل الى لبنان على الإطلاق بل بيعت في الأسواق الخارجية وحقق التجار أرباحا خيالية من ربح الفارق في سعر الدولار من منصة ١٥٠٠ ليرة للدولار إلى ٣٩٠٠ ليرة إلى ٨٠٠٠ ليرة إلى ٢٠٠٠٠، وصولا حتى٢٨ ألفا مؤخرا على شاشة مصرف لبنان المركزي...

لكن دوما أقل من السوق الفعلية...

ما يدعو للخوف هو أن شعب لبنان "العظيم" قد يغط مجددا في نوم أهل الكهف...

أما أهل السلطة، فسوف يكونون مشغولين في استمرار نهج السرقة والنهب والفساد...

بانتظار مبادرة ناقصة أخرى من المقاومة لا تصل إلى النتائج المرجوة...

حزب الله سوف يظل على حاله..

لا يريد الصدام مع عملاء اميركا من خصوم وحلفاء... بانتظار هبوط الوحي مع الرجاء ان تقلع طبقة الفاسدين عن فسادها من تلقاء نفسها... في احلام اليقظة، طبعاً...

حليم خاتون 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري