كتب د. عادل سماره:
مقالات
كتب د. عادل سماره: "جزائر أخرى كأنظمة أخرى؟"
16 تشرين الأول 2022 , 13:02 م


من يتابع مواقف الشعب الجزائري بمختلف مشاربه الفكرية و العقيدية يدرك أن الأكثرية الساحقة، و ربما بدون استثناء، هو مع تحرير الوطن المحتل بلا مواربة.

ابتهج كثيرون و تفائلوا حينما دعا الرئيس الجزائري الفصائل الفلسطينية إلى مؤتمر مصالحة في الجزائر. بينما تشائم و قلق كثيرون من دعوة المتناقضات الفلسطينية إلى مصالحة لم تحصل رغم تكرار اللقاءات و البيانات وقسم الأيمان و العنتريات على الشاشات ...الخ و في النهاية لا شيء على الأرض سوى الانقسام بل و حتى إستخدام معالجته لتغطية و إخفاء المهام الحقيقية! إنها لُعبة الانقسام. .

و بمعزل عن الصور و نص البيان و التصريحات، فإن جملة واحدة في حديث الرئيس الجزائري لخَّصت كل ما حصل وهي: "إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 و عاصمتها القدس الشريف".

و هكذا إصطف الرئيس الجزائري وحكومته طبعاً إلى جانب مختلف الدول العربية بقرار التطبيع الرسمي أي الاعتراف بالكيان الصهيوني تحت غطاء خطير و قاتل وهو "الشرعية الدولية."!. و هذا تأكيد وجود الانفصال و ضرورة تحويله إلى طلاق بين الشعبي و الرسمي في الجزائر كما مختلف البلدان العربية أي أن الشعبي مع فلسطين محررة كاملة لشعبها بينما الأنظمة ضد هذا و تقف لصالح الكيان بمنحه معظم فلسطين الذي جرى احتلاله عام 1948 و إبقاء المحتل 1967 تحت سيطرة الكيان بنظام حكم إداري ذاتي فقط.

وهكذا يقف النظام الجزائري ضد الشرعية الشعبية الفلسطينية و ضد الشرعية العروبية من فلسطين!

بل و يُكمل الرئيس تبون خبث وأُكذوبة و مخادعة كل الذين يقولون "عاصمتها القدس الشريف" مما يعني:

أولاً: حسب هذا التطبيع فإن القدس الشريف هي المسجد الأقصى. كيف لا، فمن يعترف بأن المحتل 1948 هو للكيان، فهو يفهم أن الجزء الغربي المحتل من القدس هو، حسب موقفه، ليس من حق الشعب الفلسطيني.

وثانياً: أكذوبة القدس الشريف مقصود بها أن الصراع دينيا، و بأنه إذا استعاد الفلسطينيون الأقصى و القيامة، فإن الصراع قد تم حلّه.

ثالثاً: تهرب الرئيس تبون كغيره من الحقيقة الواضحة و هي أن القدس محتلة فغطى نفسه كغيره بكلمة الشريف و تهرب من حقيقة أن "الشريف تحت الاحتلال". و إخفاء كون القدس محتلة هو من أجل تعمية الأجيال الشابة عن حقيقة وجود الاحتلال و بالتالي تمرير التطبيع ونفي وجوب التحرير.

بقي أن نقول بأن الفيصل اليوم في إدراك أمور ثلاثة:

الأول: إن ماجرى في الجزائر هو قبول كافة القيادات الفلسطينية التي شاركت هناك بالاعتراف بالكيان على المحتل 1948 و استجداء طلبهم ب "الاستدوال" في المحتل 1967، و هذا لن يحصل بالمؤتمرات و رفع إشارة "النصر" دون أن نرى النصر. صحيح أن هذا ليس موقف قواعد بعض هذه الفصائل، و لكن قواعد لا تقتلع قيادات فندقية هي في خطر!

و الثاني: إن ما يجري في الأرض المحتلة بولادة الفدائيين الجدد هو الطريق الذي يبتكره الشعب بعيدا عن العواصم و الفنادق وأربطة العنق و ياردات الصوف الإنجليزي وارصدة المصارف ...الخ.

و الثالث: إن الأنظمة العربية الرسمية لم تكن و لن تكون لا منفردة ولا مجتمعة ممثلة لطموح الأمة العربية في أمرين: إقامة الدولة العربية المركزية و تحرير القضية المركزية. هذه الأنظمة ترقص على أنغام الإمبريالية و الصهيونية في مختلف مواقفها لأن بقائها في مواقعها بموجب إتقان هذا الرقص. فلتبحث قوى الثورة عن طريقها خارج و في تضاد مع هذه الأنظمة.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري