إسرائيل هي دولة استعمار إستيطاني كولنيالي تحكمها اديولوجيا قائمة على الاستيطان والإحتلال والإحلال والتوسع والتفوق العرقي وبالتالي فإن كل من استوطن فيها بصرف النظر عن انتمائه السياسي هو محتل غاصب.
وإستطرادا فإن هناك متلازمتين تميزان اية دولة من هذا النوع:
الآولى: أن احزابها وتياراتها السياسية هي أحزاب صهيونية حتى لو ادعت بأنها تسعى إلى تحقيق السلام مع الفلسطينيين والعرب.
والثانية: ان العنف والحرب بالنسبة لها هي الوسيلة الوحيدة للبقاء وتفرزهما كما يفرز الكبد المادة الصفراء الضرورية للجسم ومستحيل ظهور حركات سلامية حقيقية فيها.
بناء على ما تقدم فإننا كنا نجد على الدوام ومنذ إستزراع إسرائيل في فلسطين أن مواقف ما يسمى بيسار او يسار الوسط او المركز الصهيوني إزاء الشعب الفلسطيني لا تقل تطرفا وعنصرية وعدوانية عن مواقف اليمين واليمين المتطرف واليمين الفاشي.
واذكر بهذا الصدد انه عندما وقع المقبور أنور السادات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم على اتفاقية كامب ديفيد كان فيها شقاً فلسطينياً ينص على حل القضية الفلسطينية على إقامة اساس حكم ذاتي موسع للفلسطينيين.
وقد ذهب بيغن في ذلك الشق من الاتفاقية إلى حد الموافقة على إعطاء الفلسطينيين جوازات سفر إسرائيلية ولكن المفاجئة كانت ان حزب العمل الإسرائيلي "اليساري" وعضو الإشتراكية الدولية عارض ذلك بشدة بحجة انه يؤثر على نقاء الدولة اليهودية.
وهذا ان دل على شيئ فهو يدل على أن كافة الاحزاب المكونة للطيف السياسي الإسرائيلي هي احزاب عنصرية وتسعى بالوصول للصهيونية لاعلى غاياتها وهي طرد العرب من كل فلسطين التاريخية واحلال المستوطنين اليهود مكانهم وما يين هذا وذاك تهويد الارض وهدم المسجد الاقصى وبناء الهيكل المزعوم على انقاضه.
وبهذا المعنى فإن اية خلافات قد تنشأ بين الاحزاب الصهيونية حول الموضوع الفلسطيني هي بالضرورة ليست خلافات جوهرية على سبل الوصول بالصهيونية إلى غاياتها بل على اسلوب الوصول إلى ذلك الهدف.
ويكفي أن نشير بهذا الصدد إلى حقيقة مهمة وهي أن من اسس إسرائيل وإرتكب أفظع المجازر ومعظم الحروب ضد الفلسطينيين والعرب هو حزب العمل الإسرائيلي الذي لا يزال بعض الفلسطينيين والعرب يعتبرون قادته التاريخيين حمائم وصناع سلام.
ختاما فإن لا احد يستطيع أن يتجاهل أن نتائج الانتخابات العامة الاخيرة التي جرت في إسرائيل مؤخرا والتي اسفرت عن صعود قوى فاشية إلى سدة الحكم مثل احزاب الصهيونية الدينية والكهانية اليهودية ستؤدي إلى تصاعد العنف والإرهاب الممارس ضد الشعب الفلسطيني لا سيما في الضفة الغربية المحتلة.
ولكن ما يتجاهله بعض الذين إرتعدت فرائصهم من هذا التطور أن وصول هؤلاء الفاشيين إلى سدة الحكم هو تعبير عن ازمة مزدوجة تمر بها إسرائيل وهي ازمة حكم وازمة مشروع صهيوني.
فهذا التطور سينهي مرة واحدة وإلى الأبد صورة إسرائيل الضحية المدافعة عن نفسها ضد عرب متوحشين وسيظهرها على حقيقتها كدولة احتلال وابارتهايد مما سيعجل بإنهيارها.
واخيرا وليس آخرا فإن وجود فاشيين مثل بن غافير وسموتريتش في حكومة يرأسها متطرف مثل نتنياهو سيكون بمثابة أمر في غاية الخطورة في حال بقي الوضع الفلسطيني على حاله سلطة متمسكة بإتفاقات آوسلو وقوة ردع غزاوية محكومة بإملاءات قطرية ومحور مقاومة عاجز عن ردع إسرائيل في سوريا، في حين سينقل السحر على الساحر فيما لو تم الخروج من نفق آوسلو وتطبيق مقولة وحدة الساحات وتم ردع إسرائيل في سوريا.
بكلمات اخرى فإن بن غافير وسموتريش يمكن ان يكونا وحشين كاسرين في حال بقي الوضع الفلسطيني ووضع محور المقاومة على حاله في حين يمكن أن يتحولا إلى نمرين من ورق مثل وزير الدفاع الإسرائيلي الاسبق افيغدور ليبرمان الذي كان يعربد امام وسائل الإعلام و يتهم نتنياهو بتقييد حركته ومنعه من استخدام قوة الحيش الإسرائيلي لردع غزة وبالرضوخ لحماس بينما كان يلتزم الصمت في اجتماعات المجلس الوزاري المصغر للشؤون الامنية والسياسية "الكابينيت" ولا ينبس ببنة شفة.