في القرن الخامس عشر كانت الحجة الغربية في الهيمنة هو جمع العالم تحت سماء مملكة الرب المسيحية سواحل غزيت وحضارات أطيح بها وملايين أبيدوا من أجل إعلاء كلمة الرب، وعندما أحال الغرب نفسه إلى العلمانية بعد أربعة قرون مدت رقعة الهيمنة أكثر تحت ذريعة جلب الحضارة ومحاربة العبودية وتمكين الاصلانيين من الوصول للمجتمع الأوروبي وعلى هذا بنى ليوبولد البلجيكي دولته الحرة التي شهدت من الاطراف المبتورة للكونغوليين ما لم يشهده مكان آخر فقط لتعليمهم أساليب الحضارة وبنى بسمارك شركته الأفريقية الشرقية ودمر عدة مجتمعات أفريقية من أجل نفس الهدف السامي وبنت بريطانيا أكبر سكة حديد وصولاً إلى البحيرات الداخلية على ظهور الهنود والافارقة لتعليمهم أخلاق العمل. وما إن أطل القرن العشرين برأسه حتى حمل الغرب حجة اخرى «حق تقرير المصير» لقد عنى هذا الحق أن يموت عدة ملايين ما بين البلقان وفارس بالمجاعة والإقتتال الداخلي وسباق أي قومية ستفني الأخرى وعندما أنتهى الحمام الدموي أتضح أن المصير قد قُرر في باريس ولندن، هنالك حجة محاربة الشيوعية، وحجة محاربة التطرف وتبعتها اخرى محاربة أسلحة الدمار الشامل، ثم من أجل وقف أضطهاد المرأة الافغانية، ثم من أجل إنهاء الأنظمة التوتاليتارية، ثم حماية حقوق الأنسان وحرية الرأي، تلاها حجاب المرأة الأيرانية والعدالة الإجتماعية، أطنان من الورق قد لا تكفي لسرد الذرائع وهنالك ذرائع لمئة عام آتية.* *وبالرغم من أنها قد تبدو ذرائع واهنة فأن ما يجعلها قوية هو طريقة فرضها، لقد فرض* *كولومبس حجته بفولاذ طيطلة، وفرض ألبوكيرك حجته بالمدافع على ظهر السفن، مدفع هيرمان مكسيم تكفل بترسيخ الحجج البريطانية، والبارجات البريطانية والفرنسية البخارية كانت تحمل على ظهرها كُتيبات حق تقرير المصير، العامل البرتقالي والحصار والقنابل الفراغية وصواريخ التوماهوك دعمت الحجج الأمريكية.*
*يشن الغرب حرباً علينا منذ زمن بعيد، ربما منذ بدأ فاسكو دا غاما بقصف السفن الفارسية والعربية والشرق أفريقية في المحيط الهندي ولغاية اليوم الناس هكذا، وكما لديه ترسانة أسلحة فأن ترسانة ذرائعه لا تنضب هي الأخرى. فهم الصراع وعمقه الزمني الممتد على خمسة قرون وحده من يقيك الوقوع في هذه الأفخاخ، متى ما أضعته تهت في زواريب الذرائع.*
*وعيك _ بصيرتك*