كَتَبَ د. إسماعيل النجار:
مقالات
كَتَبَ د. إسماعيل النجار: "المنظومة السياسية اللبنانية انتهت صلاحيتها، وآنَ الأوان للتغيير مهما كَلَّفَ الأمر."
د. إسماعيل النجار
23 كانون الأول 2022 , 14:05 م

كَتَبَ د. إسماعيل النجار,

على مبدأ الجواميس تدوس الخِرفان والأسماك تبتلعها الحيتان، هذا ما يحصل في لبنان؛ القوي يأكُل الضعيف والمنظومة السياسية الحاكمة

متفسخة للعيان بغلافها الخارجي متماسكة وصلبة تحت الغلاف رغم اختلاف مشاربها.

من حُكم المارونية السياسية الذي تسبب بحرب أهليه عام ١٩٧٥، ناهيكَ عما سبقها من حروب عامَي ٦٩ و٧٣، إلى حرب التحرير التي أعلنها قائد الجيش اللبناني ميشال عون عام ٨٨، وصولاً إلى حقبة الِاحتلال الصهيونيّ للعاصمة بيروت عام ١٩٨٢ وما تلاها من معارك في الجبل والضاحيةوإعلان المقاومة الشاملة ضد العدو الصهيوني التي لاتزال قائمة حتى اليوم، وما نَتَجَ عن هذاالِاحتلال من حروب ودمار للبنان، كل هذه البلاءات والِابتلاءات والمصائب سبّبها آل الجميل وحزبهم، وما نتَجَ عنهم جميعهم يمثلون الوجه الأصلي والطبيعي لعملاء الكيان الصهيوني الأصليين.

التاريخ لايُمحابشطبَة قلم ولا بِاتِّفاق الطائف الذي كَرَّسَ وجود هؤلاء الخَوَنَة، وشَرَّعَ وجودهم وأدخل اليدَ الوهابية الى لبنان، وكأن ما قاموا بهِ من أعمال تُصَنَّف في خانة الخيانة العُظمَىَ التي يسري عليها حكم الإعدام هيَ شيء طبيعي يمكن تجاوزه.

أمراءُ الحرب الّذين وقَّعوا اتِّفاق الطائف عبرممثليهم من النواب المنتهي الصلاحية منذ عقدين، حاولوا الوصول إلى السلطة، والهيمنة على مواقع القرار، والسيطرة على موارد الدولة ونهبها،

وهذا بالفعل ما حصل.

في موازاة النهب كانت هناك مقاومة تدفع الدماء ضريبةً للتّحرير وطردِ

المحتل الذي جاء به آل الجميل ومَن لَفَّ لَفَّهُم،من الِانعزاليين آنذاك،فشكّلت المقاومة، إلى جانب السلطويين خَطَّينِ متوازيين لا يلتقيان، لأنه شَتَّان بين السارق والمقاوم.

لَم تكُن المقاومة لتتجرّأ على التصدي لمافيا اللصوص في السُلطَة الذين شكلوا دولة عميقة بكل معنى الكلمة،وسيطروا على مفاصل الكيان من قضاء وأمن ومواردطبيعية ومؤسسات،فكان الصمت سيد الموقف حفاظاً على مشروعية المقاومة التي أخذتها من وجود المحتل على أرضنا، واستمراريتها من دون أن يدفعها هؤلاء لِلِاستدارة إلى الداخل.

ومع كل ذلك الصمت الذي كانت هذه المقاومة تمارسه حيال ما يجري في مؤسسات الدولة، تجنباً لخلافٍ قد يدفع بالأمور الى حرب أهلية جديدة ستكون حتى داخل البيت الواحد، إلَّا أنهم حاولوا جَرَّها في ١٣ أيلول إلى فخِّ الصِّدامِ مع الجيش تحت جسر المطار.

وثمَّة محاولةٌ أخرى بتاريخ 27/5/2004 في منطقة الرمل العالي، وفي حي السلم بتاريخ 6/10/2006،

ثم حصلت مجزرة كنيسة مار مخايل الشياح، ثم مجزرة خلدة التي خُطِّطَ لها، لتكون شرارةَ الفتنةِ السنية الشيعية، على أيدي عناصر وهابية، وآخرها نتمنى أن تكون الأخيرة كانت مجزرة الطيونة التي ارتكبتها عناصر من القوات اللبنانية وغيرها.

كل ذلك كان يحصل نتيجة تضرُّرِ الجميعِ من صعود نجمِ المقاومةِ وتموضُعِها كَدُرَّة على تاج المقاومات العربية والأحزاب اللبنانية.

أرادوا تحطيمها وتآمروا عليها، ودائماً ما كانَ ردَّها دفنُ شهدائها والعضُّ على الجرح،والصمتُ كي لايزول الوطن.

المقاومةُ ليست عاجزةً عنهم، وهي قادرة على القيام بما يلزم للتغيير،

ولكنهالاتريدإلغاءالشراكة، ربما صبرُها ساهم في الوصول الى ما نحن فيه، ولكنها لن تصبرَ طويلاً.

والآن آنَ الأوان لكي تتقدم المقاومةُ خطوةً إلى الأمام في مشروع التغيير، وعدمِ السماحِ لتلك الآلةِ القديمةِ من تدويرِ نفسِها والعودةِ إلى الحُكمِ من دون أيَّةِ عوائق.

يجب الدفع نحو حصول تغييرٍ جدِّي وجذريّ، حتى لواحتاج الأمرإلى تضحيات لأن اتِّفاقَ الطائف أصبحَ مرضاً خبيثاً كَرَّسَ الطائفية وأدخل اليدَالسعوديةَإلينا، لأنه لم يُنَفَّذْ بحذافيره، وما على حزب الله إلا التعاونَ مع الشرفاء في لبنان، من كل ألوان الطيف، وإعادة مؤشِّرِ البوصلةِ إلى شماله المغناطيسي، وخصوصاً بعد كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأنّ لبنانّ وطنٌ نهائيٌّ لجميع أبنائه، ونحن متساوون مع كل الطوائف بالحقوق والواجبات، ولا نريدأنْ نكونّ الحزبَ القائد أو الطائفةَ القائدة.

إلغاءُالطائف يصبح ضرورة إذا لم يُنَفَذ، ثمَ الذهاب نحو مؤتمرٍ تأسيسيٍّ يُعطِي كلَّ ذي حجم حجمه الطبيعيَّ، وإلَّافإنّ لبنان لن يطولَ عمرُه، في حال بقيَ يُمَثِّلُ غابةًسكانُها لبنانيون يمثلون الوحوشَ والغزلانَ فيها، خصوصاً وأنّ أميركا تُبَشِّرُنا بزوالِ كيان لبنان، والكونغرسَ الأميركيَّ يُشِيرُ بكلِّ وقاحةٍ إلى مسؤوليةِ المقاومةِفي ما وصلَت إلَيْهِ الأمورُ في وطنِ الأرز.

أميركاهي المسؤولة عن كل مصائبنا.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري