كتب الأستاذ حليم خاتون: لبنان، مسرح الواقع المجنون.
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: لبنان، مسرح الواقع المجنون.
3 آذار 2023 , 06:21 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون:

في عالم الوحوش الذي يسير مباشرة باتجاه الفناء النووي بفضل الأطماع الغربية التي لا تنتهي لثروات روسيا، ليس لبنان أكثر من أضحية أخرى في عالم الأطماع هذه...

حتى داخل حلف الأطلسي، يتكتل العنصر الأنكلو-ساكسوني فارضا سيطرة مطلقة على الجميع وجاعلا من زعماء أوروبا مجرد دمى لا يختلفون عن تلك التي تتحكم بمصير اللبنانيين إلى أية طائفة انتموا...

كما يسخًر الغرب كل العالم لمصادرة مستقبل البشرية، كذلك فعلت وتفعل طبقة الواحد في المئة في لبنان بالاشتراك مع كبار رجال المال والأعمال وأمراء الطوائف...

حوالي ٢٧٠٠ فرد في هذا العالم يملكون أكثر من ١٣ تريليونا من الدولارات في كوكب يحتاج إلى أقل من هذا المبلغ بكثير للقضاء على ظاهرة الفقر في كل البلاد...

مئات المليارات من الدولارات يتم قذفها في أتون الحروب الاستعمارية، والاستيطان والتطهير العرقي والعبودية الجديدة...

إلى أي مدى يمكن التعويل لوصول المجتمعات إلى الرقي الانساني وسط هذا الجنون المحموم لتكديس الثروات في ايد قليلة ترى نفسها فوق الجميع...

ما ينطبق على عالم الوحوش الدولي، ينطبق أيضاً على كل المجتمعات، ومنها لبنان...

واحد في المئة من الشعب اللبناني يستحوذون على نصف مقدرات البلد، ليس لأنهم اذكى أو أفضل، بل مجرد أنهم أكثر أنانية وأكثر ازدراء لحياة الآخرين...

هنا لا ينفع التصنيف...

كما قال كارل ماركس، رأس المال لا وطن له...

النهب والظلم لا دين له ولا طائفة...

المسلم والمسيحي، اليساري واليميني... نظرة سريعة إلى هؤلاء الذين نهبوا كل الطوائف تظهر كم هم ينتمون إلى نفس فصيلة الدم الأزرق...

كما في الملكيات، يتزاوج هؤلاء من بعضهم حفاظاً على نقاء جنسهم... أما حين يحصل الأمر بين الناس العاديين... فيا غيرة الدين... اسألوا حايك أفندي عند العونيين...

من آخر بدع التحليل الاقتصادي أن الفوائد العالية ودولار ال ١٥٠٠ ليرة التي استفاد منها الجميع هي المصيبة الكبرى...

صحيح أن هذه مصيبة، ولكن القول إن الجميع استفاد منها هو محاولة لتبرئة لصوص الجمهورية ومساواتهم بعامة الناس...

يقول الوزير الأسبق وئام وهاب لكاترين حنا إنها هي أيضاً استفادت من دولار ال ١٥٠٠ لدفع مخصص الخادمة المنزلية...

أي أن كاترين حنا التي كانت تشتري ١٥٠ دولارا كل شهر من أجل الخادمة لأنها تعمل في التلفزيون، تتساوى مع انطون الصحناوي الذي اقنع مئات آلاف اللبنانيين بإيداع أموالهم لديه مقابل فوائد تخطت العشرة في المئة، ثم ذهب إلى رياض سلامة وبدل عشرات المليارات من الليرات على دولار ال ١٥٠٠، وقام بتهريبها إلى الخارج بناء على طلب الأميركيين من أجل خلق أزمة سيولة في البلد والتسبب بانهيار الاقتصاد طالما أن رياض سلامة رفض اعلان إفلاس بنك انطون الصحناوي بعد رفضه ارجاع أموال الناس إلى أصحابها عند حصول الآجال...

ثم يضيف جهابذة المصارف أن أي مصرف في أي مكان في العالم لا يمكنه ارجاع الأموال دفعة واحدة...

هذا صحيح؛ أي مصرف في العالم لا يستطيع ارجاع الودائع دفعة واحدة... لكن أي مصرف يقع في هذه الوضعية يتم إعلان إفلاسه ومصادرة كل ممتلكاته للمحافظة على أموال المودعين...

بينما "يتمرجل" علينا أصحاب البنوك المفلسة بكل المعايير، ويهددون باستغلال احتكارتهم لتجويعنا حتى الموت...

يساندهم في هذا جماعة الاقتصاد الحر الذين لا يستطيعون التمييز بين الحرية الموضوعية والحرية المتوحشة...

أما الفائدة العالية... فهذه قصة لها بَطَلان، رفيق الحريري ورياض سلامة...

هل يمكن المساواة بين من أودع كل مدخراته أو تعويضات نهاية الخدمة للحفاظ على شيخوخة مقبولة في بلد يستنزف الجيل الشاب لحما ثم يرميه عظاما لنكد الدهر...؟ هل يمكن المساواة بين هؤلاء وأمراء الخليج وأصدقاء رفيق الحريري الذين ضمن لهم الحريري الأب فوائد تراوحت بين العشرين والأربعين في المئة تحت بند المحافظة على سعر الليرة... ثم تسبب بإفلاسنا؟

ادخل رفيق الحريري ورفاق السوء من أمثاله بضعة مليارات من الدولار إلى المصرف المركزي عادت إليهم أضعافاً مضاعفة بعد سنوات قليلة جداً...

دخلوا إلى النظام المصرفي اللبناني المفرط بالحرية ثم خرجوا مع أرباحهم الخيالية تاركين خلفهم حكومات نفذت أنصاف مشاريع توقفت بسبب عدم توفر التمويل اللازم!!!

تم تلزيم هذه المشاريع لعائلة الحريري وأصحابه وزبانيته الذين جنوا أرباحاً طائلة ثم اوصلوا اتوستراد الجنوب حتى مفرق الخرايب وقطعوا الناس...

ثم يأتي من يقول للناس إن الحفاظ على الليرة استوجب ديونا كبيرة تم استدانتها من أجل الصالح العام...

يقول النائب التغييري اديب عبد المسيح إنه مدين لرفيق الحريري الذي ساعده في التخصص العلمي، بينما الذي دفع التكاليف فعلاً هم المودعون الذي طارت أموالهم بينما تخصص حضرته وجنى رفيق الحريري ثروة تضاعفت ثمان مرات على حساب هؤلاء المودعين...

بوجدانية منقطعة النظير، فاقت تعابير قصة "البؤساء"، أجاب رفيق الحريري مقدمة تلفزيون المستقبل مسميا من أصحابه سليمان ونبيه سادلا الستار عن جحافل المغول التي أتت من الخليج تجرف الاخضر واليابس قبل أن تعود بأرباح ضخمة أدت إلى إفلاسنا...

لم يكن رفيق الحريري إلا صاحب المشروع الذي أشرف على إدارته كثر من أمثال فؤاد السنيورة وجوني عبده وغيرهما... لكن القيادة النقدية في التخطيط العبقري الذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه هو بلا شك، رياض بيك سلامة...

من لا يؤمن بنظافة كف رياض سلامة عليه قراءة آيات التقديس عند الاستاذ شارل أيوب...

يخال المرء نفسه أمام القديس مار شربل...

يذهب إلى جريدة الأخبار التي تضع رياض سلامة في مركز الحاكم بأمره فوق كل السلطات... يتبين لك وفقا لجريدة الأخبار أن الرجل عامل السبعة وذمتها...

تمعن القراءة في "الجمهورية" وحتى "نداء الوطن"، فتجد أن رياض سلامة كان يشتري كل الناس الذين يقفون بطريقه، تماماً كما كان يفعل رفيق الحريري...

اشترى رياض سلامة الصحف، اشترى الشاشات، اشترى القضاة، اشترى كبار الضباط، اشترى الرؤساء... اشترى البيك الشاب، المعلم الجديد الصغير...!!!

من لا يعرف قصص السامسونايت الشهرية التي تحوي خمسمئة الف دولار تأتي لرئاسة الجمهورية أول كل شهر ايام إلى يس الهراوي...؟

من لم يسمع بسامسونايت احتوت بالإضافة إلى الدولارات سند قصر كليمنصو...

على ذمة غسان سعود، حصل معظم نواب انتخابات ال ٢٠١٨ على قروض إسكان مدعومة وصل بعضها إلى ثلاثة ملايين دولار...

طبعا، من المؤكد أن يهاجم الصحفي غسان سعود رياض سلامة... رياض صار منذ فترة عدو العونيين رقم واحد...

لكن لماذا؟

ألم يتفق الثلاثي عون بري حريري على التجديد لرياض سلامة الذي كانت مدائح الأميركيين له تفوق معلقات الشعر العربي قبل الاسلام...

هل يستطيع العونيون تبرير التجديد...؟

ألم يدعم رياض سلامة أحد البنوك قربة إلى العونيين؟

على ذمة الصحافي حسن عليق حتى تلفزيون عون حصل على قرض مسهل عبر هندسات رياض سلامة الخنفشارية...

وفقاً للاستاذ حسن، وحدها المنار وتلفزيون الرئيس بري لم يحصلا على دعم... غريب... مع أن الرجل لا يدفع من كيس أبيه؛ بل من أموال المودعين...

لكن لماذا قفز الرئيس بري إلى طائرة هيلوكوبتر حاملا معه من الخطوط الحمر ما مكن رياض سلامة من الإطباق على أنفاسنا عدة سنوات أخرى...؟

سؤال محير فعلاً...

يتساءل المرء ويتمنى أن ينشر زبانية الاحزاب غسيل بعضهم البعض...

في مقالة في جريدة الديار، أصاب التوفيق الاستاذ برجي حين وضع الساسة اللبنانيين بين الدونكيشوتية والميكيافيلية...مع إحاطة كاملة من رعاية الابالسة مجتمعين...

اعطني سياسيا لبنانيا نظيفا بقي في السلطة وخذ ما يدهش العالم...

في مقالة تقييم نضال الحزب السوري القومي الاجتماعي، نصحت الدكتورة صفية سعادة الحزب الاتجاه صوب انشاء مدارس تنشئة أجيال واعية من الشاميين والعراقيين...

هذا أكثر نجاعة، تقول الدكتورة رغم أن القوميين على الأقل ساعدوا في التحرير وفي مكافحة التكفيريين...

قديما كانت النصيحة بجمل اليوم ها هي النصيحة ببلاش...

يلزمنا أجيال واعية وليس قطعان ماعز وبقر وغنم من جميع الطوائف، وجميع الاتجاهات الحزبية... يمينا ويساراً...

حليم خاتون 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري