كتب الأستاذ محمد النوباني:
لم يكد الإعلان عن خبر اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين ايران والسعودية يعلن حتى بدأ الكثير من السياسيين والكتاب والمحللين السياسيين الفلسطينيين وألعرب بالحديث عن أبعاد ايجابية له وكأن محمد بن سلمان هو جمال عبد الناصر أو ارنستو تشي جيفارا في زمانهما.
وقبل الدخول في التفاصيل فإن نظرة من السطح إلى هذا التطور توحي بأن الإتفاق هو ايجابي حيث انه يشير إلى تصدع خطير في جبهة القوى المعادية لايران والى تراجع هيمنة امريكا على العالم.
كما يشير إلى تعاظم دور الصين في العلاقات الدولية وكذلك إلى تبلور عالم متعدد الاقطاب على انقاض عالم القطب الامربكي الواحد....الخ. ولكن هل هذه كل الحقيقة؟!
التجربة علمتنا أن نتريث قبل الحكم على الأمور.
فالنظام السعودي يبقى نظاماً وظيفياً تابعاً لأمريكا تحديداً وبالتالي فإن قراره السياسي ليس قراراً مستقلاً ولا سيادياً. ويجب أن لا ننسى انه قبل يومين فقط سربت وسائل اعلام امريكية خبراً مفاده أن النظام السعودي يسعى إلى تطبيع علاقاته مع إسرائيل مقابل موافقة إدارة بايدن على استئناف تزويده باسلحة امريكية متطورة ومسائل اخرى.
ولذلك فإنني لا استبعد على الإطلاق بأن يكون قرار السعودية إستئناف علاقاتها الدبلوماسية مع ايران،بوساطة صينية، قد جاء بضوء اخضر امريكي وهدفه الاساس هو احتواء ايران وتليين مواقفها سواء إزاء الملف النووي او إزاء ملفات اقليمية أخرى ومنها ملف تطبيع علاقات السعودية لعلاقاتها مع إسرائيل.
فأدارة بايدن تعلم علم اليقين بأن حل مشكلة البرنامج النووي الايراني بوسائل عسكرية ؟اي من خلال توجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية الايرانية لم يعد إمراً ممكناً وبألتالي فلا بد من التفكير بخيارات أخرى ومن ضمنها الوسائل الناعمة والتي تخدم في النهاية مصلحة إسرائيل .
ولا يغير من هذه الحقيقة ما شاهدناه من ردود فعل إسرائيلية مستاءة من الإتفاق.
فتلك الردود لها علاقة بالخلافات الداخلية المحتدمة داخل الكيان الإسرائيلي وكذلك بلعبة التجاذبات السياسيةبين القوى والحركات الصهيونية المتطاحنة.
في الختام فإن حل المشاكل التي تعاني منها شعوبنا العربية والإسلامية وفي مقدمها القضية ومشكلة لبنان و انتخاب رئيس جديد له ليست بحاجة إلى تسويات بين السعودية وايران بل إلى حلول ثورية إستئصالية تجتث العفن من جذوره لا ان تعيد إنتاجه على قاعدة اقتسام الكعكة الطائفية النتنة.
